أشجانُ نَقْصِنا

في سياق علاقتنا مع أجسادنا، لا شيء أكثر وضوحًا من التقلّب، ولا شعور أوفى سعادة من العافية.
بطبيعة الحال ولد الإنسان من مفاعيل النقص على اختلاف وجهات هذا النقص وتباين ومعانيه؛ فنحن أقل من اكتمال الأنوار السماوية، وأعلى، ولو قليلًا، من شرور الشياطين.
الكمال، بالتالي، ليس حقًّا يمكن أن يناضل بنو البشر لغايات استعادته. وكلّ ما عليهم، وما هو متاح بين يديهم، أن يتكيّفوا مع موجبات النقص، محاولين، قدر المستطاع، التقليل منها، تصويب ما يمكن تصويبه في سياقاتها، معرفة تفاصيل كل نقص، وبالتالي، إدراك ما يعزّزه، والتقاط ما يحدّ منه، ويمنعه من الانعكاس أذى للآخرين، ومساس خصوصيات، وتكريس اضطرابات.
مع مرور السنين، وتقلبات الأيام والأعوام، قد يتحوّل نقص بسيط إلى مؤشرات فناء، أو أسباب اعتلال مزمنٍ، أو، في أقل تقدير، عابرٍ، أو بليغ.
لا أحد منّا، حتى أطباؤنا، يمكنهم أن يدّعوا امتلاكهم الإجابات جميعها حول تصاريف أجسادنا؛ ومتى قد تغدر بنا، ومتى تحضر على الموعد، فتصد عارضًا، أو تقاوم ميكروبات، أو تواجه تداخلًا وظيفيًّا.
الوهن من وجوه النقص في عمرٍ معيّن. التعب. الشحوب. الهرم (اغتنم شبابك قبل هرمك). الخلل في أداء عضو معين، أو شريان ما، أو غدة نابتة هنا، أو هناك.
على الخيمياء باعتقادي، أن لا تبحث عن إكسير الخلود، فالخلود من أشياء الكمال، ونحن ينقصنا الكمال. عليها، بالتالي، أن تبحث عمّا يعيننا في مواجهة أشكال تراجعات أجسادنا، وازدياد تعبيرها عن تعاريج نقصانها، وتقوقعات خذلانها.