ناتاشا المعاني ..
نيسان ـ نشر في 2023/06/03 الساعة 00:00
خبر صاعق، مُفجع، ذلك الذي قال إنّ ناتاشا المعاني غادرت الدنيا.
عملنا معاً في “آخر خبر”، ثمّ رحلت إلى رام الله، وبعدها بأكثر من خمس عشرة سنة التقينا في عمّان، لتتشكّل بيننا صداقة متينة. رسمت لي لوحتين كبيرتين شكلتا غلافي كتابي:”أنا ولكن”، واهدتني اياهما، بالاضافة إلى لوحات أخرى، بعد أن صممت الغلاف وشكّلت الحروف بطريقتها الفذّة، كما وأعادت إخراج مجلة “اللويبدة” لتصبح أكثر جاذبية.
“تاشا” ملكت شخصية آسرة، ولعلّها تشكّلت من تنوّع تجربتها الحياتية، فوالدها من معان، ووالدتها شركسية، وعاشت جُلّ عُمرها مع الثورة الفلسطينية مقاتلة وفنانة، فباختصار كانت عابرة للعرق والنوع والهويات.
غيابك يكسرنا يا تاشا الغالية… وأحر العزاء لابراهيم وشادي ومكسيم
ولا أذيع سرّاً أنّ الموضوع الذي نشرته “اللويبدة” عنها قبل سنوات وسنوات كان من قلمي، وإن حمل إسماً مستعاراً هو سالم الغانم، وأعيد هنا النشر مع صور.
أنا أرسم، إذن... فأنا أعيش!
لا تنتمي ناتاشا المعاني للمألوف من الفن، ولا تقلد أحداً، ولعلها تخلق لها مساحة خاصة في َفضاء الذهب، أولعل ولعها في ذلك، هو سرها الذي لا تبوح به، ولا يمكن أن تفعل...
في بيت صغير، بناه جدها العسكري المقبل من معان على تخوم الصحراء إلى قمة جبل اللويبدة ترسم وحدها روحها، دون اللجوء إلى مرآة، فلا مكان يهيئ لإنعتاق النفس سوى رائحة الجد، والأب، أما للأم والأخوال والجدة المقبلين من جبال القوقاز، فقصة أخرى.
الأم، هي الأديبة المبدعة الرائعة، الشركسية الراحلة فجأة قبل إكتمال التجربة الكبرى: زهرة عمر. تُرى هل هناك من مثقفي وأدباء وفناني السبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات، من لا يعرف زهرة التي جعلت من خروج أهلها الشركس، ووصولهم إلى عمان ملحمة انسانية في كتابها:”الخروج من سوسروقة؟ تلك البهيّة التي عاشت حالة عصامية آسرة، بعد أن قصف المرض عمر زوجها مبكرا، وجعلت من قهر حياة بشارة الآتي؟
ناتاشا المعاني، حملت اسمها الأول من والدتها الشركسية العربية الإنسانية، والثاني من معان بصفائها، وتمردها على التهميش، واللويبدة، ووجود الجد والأب والعمات، وليس غريبا، أيضاً أن تكون فلسطينية كاملة، فوالد إبنيها هو الشاعر غسان زقطان، وليس غريبا، أيضا وأيضاً أن يكون إبناها فنانين كبيرين في المحتل من بلادنا: شادي موسيقي تكتظّ القاعات العمانية حين يزورها، ومكسيم رسام ونحات ُولد في عز صبرا وشاتيلا، لتتجسد في أعماله روح فلسطين المتعبة، وتابعه، ويتابعه، النقاد بإحترام، وتقدير. هي معادلة ناتاشا، أو هي المعادلة التي أنتجت فنها،ونوعه البعيد عن غيره، الجميل في براءته البسيطة المعقدة ،المبهر في أول لحظات لقائه، المستفز للتفكير مع كل لحظة عين جديدة، الحامل لمستويات، وأشكال، تتغير مع إختلاف الضوء، ولكنهالا تتبدل في جماليتها.
هي لم تبدأ الرسم قبل قليل، مع أنها ستفاجئ الكل، بعد قليل في معرضها المقبل. ُهم يعرفونها ترسم بالماء، وقدمت مئات ”البوسترات“ الوطنية الفلسطينية، ومنها ما هو موجود في أروقة الأمم المتحدة، وصممت عشرات الكتب والمجلات والصحف، ولكنها الآن تقفز من بيتها الصغير في ”اللويبدة“ إلى العالمية، في باريس وأبو ظبي ودبي والقاهرة، وغيرها بالتأكيد...
ويبقى أن أحجام اللوحات ستفاجئ الكل، أيضا ً، لأنها أقرب للجداريات على حوائط متنقلة، تستأهلها متاحف باريسية وبرلينية وموسكوفية ونيويوركية، وربما عمانية، عريقة، وليس غريبا ً، إذن، أن يكون معهد العالم العربي إستضاف صور لوحاتها خلفية لحدث ثقافي كبير، في الشهر الماضي، وليس غريبا ً أبدا ً أن يكون أصل لوحاتها مفاجأة لعمان، هذا الشهر. إنتظروا: ناتاشا المعاني...
عملنا معاً في “آخر خبر”، ثمّ رحلت إلى رام الله، وبعدها بأكثر من خمس عشرة سنة التقينا في عمّان، لتتشكّل بيننا صداقة متينة. رسمت لي لوحتين كبيرتين شكلتا غلافي كتابي:”أنا ولكن”، واهدتني اياهما، بالاضافة إلى لوحات أخرى، بعد أن صممت الغلاف وشكّلت الحروف بطريقتها الفذّة، كما وأعادت إخراج مجلة “اللويبدة” لتصبح أكثر جاذبية.
“تاشا” ملكت شخصية آسرة، ولعلّها تشكّلت من تنوّع تجربتها الحياتية، فوالدها من معان، ووالدتها شركسية، وعاشت جُلّ عُمرها مع الثورة الفلسطينية مقاتلة وفنانة، فباختصار كانت عابرة للعرق والنوع والهويات.
غيابك يكسرنا يا تاشا الغالية… وأحر العزاء لابراهيم وشادي ومكسيم
ولا أذيع سرّاً أنّ الموضوع الذي نشرته “اللويبدة” عنها قبل سنوات وسنوات كان من قلمي، وإن حمل إسماً مستعاراً هو سالم الغانم، وأعيد هنا النشر مع صور.
أنا أرسم، إذن... فأنا أعيش!
لا تنتمي ناتاشا المعاني للمألوف من الفن، ولا تقلد أحداً، ولعلها تخلق لها مساحة خاصة في َفضاء الذهب، أولعل ولعها في ذلك، هو سرها الذي لا تبوح به، ولا يمكن أن تفعل...
في بيت صغير، بناه جدها العسكري المقبل من معان على تخوم الصحراء إلى قمة جبل اللويبدة ترسم وحدها روحها، دون اللجوء إلى مرآة، فلا مكان يهيئ لإنعتاق النفس سوى رائحة الجد، والأب، أما للأم والأخوال والجدة المقبلين من جبال القوقاز، فقصة أخرى.
الأم، هي الأديبة المبدعة الرائعة، الشركسية الراحلة فجأة قبل إكتمال التجربة الكبرى: زهرة عمر. تُرى هل هناك من مثقفي وأدباء وفناني السبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات، من لا يعرف زهرة التي جعلت من خروج أهلها الشركس، ووصولهم إلى عمان ملحمة انسانية في كتابها:”الخروج من سوسروقة؟ تلك البهيّة التي عاشت حالة عصامية آسرة، بعد أن قصف المرض عمر زوجها مبكرا، وجعلت من قهر حياة بشارة الآتي؟
ناتاشا المعاني، حملت اسمها الأول من والدتها الشركسية العربية الإنسانية، والثاني من معان بصفائها، وتمردها على التهميش، واللويبدة، ووجود الجد والأب والعمات، وليس غريبا، أيضاً أن تكون فلسطينية كاملة، فوالد إبنيها هو الشاعر غسان زقطان، وليس غريبا، أيضا وأيضاً أن يكون إبناها فنانين كبيرين في المحتل من بلادنا: شادي موسيقي تكتظّ القاعات العمانية حين يزورها، ومكسيم رسام ونحات ُولد في عز صبرا وشاتيلا، لتتجسد في أعماله روح فلسطين المتعبة، وتابعه، ويتابعه، النقاد بإحترام، وتقدير. هي معادلة ناتاشا، أو هي المعادلة التي أنتجت فنها،ونوعه البعيد عن غيره، الجميل في براءته البسيطة المعقدة ،المبهر في أول لحظات لقائه، المستفز للتفكير مع كل لحظة عين جديدة، الحامل لمستويات، وأشكال، تتغير مع إختلاف الضوء، ولكنهالا تتبدل في جماليتها.
هي لم تبدأ الرسم قبل قليل، مع أنها ستفاجئ الكل، بعد قليل في معرضها المقبل. ُهم يعرفونها ترسم بالماء، وقدمت مئات ”البوسترات“ الوطنية الفلسطينية، ومنها ما هو موجود في أروقة الأمم المتحدة، وصممت عشرات الكتب والمجلات والصحف، ولكنها الآن تقفز من بيتها الصغير في ”اللويبدة“ إلى العالمية، في باريس وأبو ظبي ودبي والقاهرة، وغيرها بالتأكيد...
ويبقى أن أحجام اللوحات ستفاجئ الكل، أيضا ً، لأنها أقرب للجداريات على حوائط متنقلة، تستأهلها متاحف باريسية وبرلينية وموسكوفية ونيويوركية، وربما عمانية، عريقة، وليس غريبا ً، إذن، أن يكون معهد العالم العربي إستضاف صور لوحاتها خلفية لحدث ثقافي كبير، في الشهر الماضي، وليس غريبا ً أبدا ً أن يكون أصل لوحاتها مفاجأة لعمان، هذا الشهر. إنتظروا: ناتاشا المعاني...
نيسان ـ نشر في 2023/06/03 الساعة 00:00