النهوض من جديد..
نيسان ـ نشر في 2023/06/06 الساعة 00:00
ماذا لو أن الوضع السياسي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم استقر، واستمر نظام الشورى كأساس في تداول السلطة، وتمكنت الدولة الإسلامية من بناء مؤسساتها التي تحمي الدولة من تغول الاشخاص، وتعسف القبائل..؟!! لو حصل ذلك لتغير وجه الكرة الارضية، ولنهضت البشرية مادياً وحضارياً قبل ألف سنة..
لكن المؤسف أن المسلمين غرقوا في خلافات لم يعودوا إلى القرآن لحلها، ثم تأخروا لاحقاً في مراجعة التراث الذي تشكل في بيئة غير صحيحة، تخللتها الحروب الداخلية، وبرزت القبلية تلبس لبوس الدين، والأدهى أن العلماء انخرطوا في هذه المعمعة، بدل أن يكونوا المرجع في تقييم ما حصل..!! وكان رأي الغالبية منهم: أن "ليس بالإمكان أفضل مما كان".. لتبرئة كل من شارك في الانحراف عن الجادة، .. وبقيت الدولة الإسلامية تنزف من ذلك الجرح البالغ حتى ماتت..
قال المحدثون: إن رسول الله أخبر عن هذه الأحداث وحذر منها..!! والقرآن أيضا حذر المسلمين من هذا المصير، وإن حاول الجميع تجاهل ذلك حتى لا يقيموا الحجة على أنفسهم.
أخبر القرآنُ النبيَّ بهذا الحدث المفزع قبل وقوعه بعقود، وأوله العلماء وألقوا تبعته كالعادة على الأمم السابقة حتى يريحوا أنفسهم من تكاليف هذا العلم وتبعاته، والأكثر غرابة أن المفسرين ربطوا القرآن وقيدوه في حادثة معينة في زمن الرسول، وهو ما يسمى "أسباب النزول".. فإذا ذُكرت الآية تعالج واقعاً يعترض المسلمين على مدى الزمن، قفز التاريخ إلى المشهد وغاب الحاضر والمستقبل، وصار القرآن كتاب تَعبُد لا أكثر..!!
في سورة الأنعام هناك آية لابد من إعادة فهمها لتقييم وضع الأمة الديني والسياسي، حتى تنهض من جديد..
قال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لست مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (159) الأنعام
وجه كثير من المفسرين، فهم هذه الآية التي تتحدث عن الفساد والافساد وعصيان هدي الأنبياء والعبث بالنصوص فهماً وتوجيهاً حتى أصبحوا شيعاً، إلى أن المقصود ب"الذين فرقوا دينهم "هم" أصحاب الديانات السماوية قبل الاسلام"، وأن المسلمين لا يوجد لانحرافاتهم أي ذكر في القرآن، لأن القرآن بفهمهم لم يؤشر إلى معاصٍ سيرتكبها ممن ينتسبون إلى القرآن في المستقبل، منذ عصر الصحابة، وعلى امتداد العصور!! لأن القرآن "برأيهم" تحدث عن الأمم السابقة وزمن النبوة.. طبعاً يستثنون من ذلك تصورات آخر الزمان وترتيب أحداثة إلى قيام الساعة، التي دخلت عن طريق الاسرائيليات.
بعض المفسرين قال: إن الآية تشير إلى "أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة، من هذه الأمة!!" وهذا التفسير لا يستقيم مع الآية، لانهم يجعلون الأمر متعلق بأفراد يرتكبون الإثم، وأثمهم لا يتعداهم، أما ما تتحدث عنه الآية فهو إثم عام ترتكبه فرق، ومذاهب ودول تستفيد من فرقة الأمة".. ومن يتدبر القرآن يجد مواقع كثيرة يحذر بها "سبحانه وتعالى" أمة القرآن من الابتعاد عن الجادة بمخالفة الرسول وتبرئة اللهُ سبحانه وتعالى له من هذا الانحراف، وجعله قرآنا يتلى حتى يتنبه المسلمون في كل العصور وينقوا عقيدتهم وشريعتهم من الإنحراف..
ثم أن الآية خاطبت سيدنا محمد، (لست منهم) وهذا ينفي أنها نزلت في الأمم السابقة، بل تؤكد أنها نزلت في المسلمين حصراً، إذ من البديهي أن سيدنا محمد لا ينتسب إلى الأمم السابقة، والأمم السابقة لم تدّع أنها على نهجه وتدين بشريعته، فهي لن تنتسب اليه، إنما الكلام لمن ينتسب إليه ويدعي اتباعه، فيأتي القرآن لتنزية الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الانحرافات التي ستحدث بعده، وأن قادة الانحرافات ليسوا منه وهو ليس منهم، كونهم اتبعوا طريقاً غير طريقه..
ولم يقل سبحانه "بدلوا دينهم" حتى يُبعد الخاطر عن الأمم السابقة بل قال: "فرقوا دينهم" وكانوا شيعاً.. فهو لم ينفِ عنهم الايمان بوحدانية الله، بل نفى عنهم "الوحدة السياسية" واشتغالهم بالفرقة وبالمكاسب الضيقة، عن بناء دولة على أسس سليمة كما فعل الرسول وصاحباه ابو بكر وعمر، هذا يعني أن الأمر يتعلق بالسياسة وبناء دولة واحدة همها إشاعة العدل والحق، لتكون ملاذاً للإنسان مطلق الانسان، من الظلم والقهر والجور ..
الفكرة أنه ليس حراماً أن تعيد الحركات والأحزاب والمذاهب الإسلامية النظر الآن، بموروثها بإخلاص وتجرد، وترك التعصب والانغلاق على مواقف وآراء وعلوم ليست قطعية ولا مقدسة..
حينها ستقف الأمة على أول طريق النهضة والتقدم، وتقود البشرية إلى الخير الذي أرادة الله سبحانه وتعالى لبني آدم، حين أنزل الكتب والرسل، وبالأخص الرسالة الخاتمة لإشاعة العدل والحق في الكرة الأرضية وهو "الأمانة" التي حمّلها الخالق سبحانه وتعالى للإنسان الذي "كان ظلوماً جهولاً"..
لكن المؤسف أن المسلمين غرقوا في خلافات لم يعودوا إلى القرآن لحلها، ثم تأخروا لاحقاً في مراجعة التراث الذي تشكل في بيئة غير صحيحة، تخللتها الحروب الداخلية، وبرزت القبلية تلبس لبوس الدين، والأدهى أن العلماء انخرطوا في هذه المعمعة، بدل أن يكونوا المرجع في تقييم ما حصل..!! وكان رأي الغالبية منهم: أن "ليس بالإمكان أفضل مما كان".. لتبرئة كل من شارك في الانحراف عن الجادة، .. وبقيت الدولة الإسلامية تنزف من ذلك الجرح البالغ حتى ماتت..
قال المحدثون: إن رسول الله أخبر عن هذه الأحداث وحذر منها..!! والقرآن أيضا حذر المسلمين من هذا المصير، وإن حاول الجميع تجاهل ذلك حتى لا يقيموا الحجة على أنفسهم.
أخبر القرآنُ النبيَّ بهذا الحدث المفزع قبل وقوعه بعقود، وأوله العلماء وألقوا تبعته كالعادة على الأمم السابقة حتى يريحوا أنفسهم من تكاليف هذا العلم وتبعاته، والأكثر غرابة أن المفسرين ربطوا القرآن وقيدوه في حادثة معينة في زمن الرسول، وهو ما يسمى "أسباب النزول".. فإذا ذُكرت الآية تعالج واقعاً يعترض المسلمين على مدى الزمن، قفز التاريخ إلى المشهد وغاب الحاضر والمستقبل، وصار القرآن كتاب تَعبُد لا أكثر..!!
في سورة الأنعام هناك آية لابد من إعادة فهمها لتقييم وضع الأمة الديني والسياسي، حتى تنهض من جديد..
قال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لست مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (159) الأنعام
وجه كثير من المفسرين، فهم هذه الآية التي تتحدث عن الفساد والافساد وعصيان هدي الأنبياء والعبث بالنصوص فهماً وتوجيهاً حتى أصبحوا شيعاً، إلى أن المقصود ب"الذين فرقوا دينهم "هم" أصحاب الديانات السماوية قبل الاسلام"، وأن المسلمين لا يوجد لانحرافاتهم أي ذكر في القرآن، لأن القرآن بفهمهم لم يؤشر إلى معاصٍ سيرتكبها ممن ينتسبون إلى القرآن في المستقبل، منذ عصر الصحابة، وعلى امتداد العصور!! لأن القرآن "برأيهم" تحدث عن الأمم السابقة وزمن النبوة.. طبعاً يستثنون من ذلك تصورات آخر الزمان وترتيب أحداثة إلى قيام الساعة، التي دخلت عن طريق الاسرائيليات.
بعض المفسرين قال: إن الآية تشير إلى "أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة، من هذه الأمة!!" وهذا التفسير لا يستقيم مع الآية، لانهم يجعلون الأمر متعلق بأفراد يرتكبون الإثم، وأثمهم لا يتعداهم، أما ما تتحدث عنه الآية فهو إثم عام ترتكبه فرق، ومذاهب ودول تستفيد من فرقة الأمة".. ومن يتدبر القرآن يجد مواقع كثيرة يحذر بها "سبحانه وتعالى" أمة القرآن من الابتعاد عن الجادة بمخالفة الرسول وتبرئة اللهُ سبحانه وتعالى له من هذا الانحراف، وجعله قرآنا يتلى حتى يتنبه المسلمون في كل العصور وينقوا عقيدتهم وشريعتهم من الإنحراف..
ثم أن الآية خاطبت سيدنا محمد، (لست منهم) وهذا ينفي أنها نزلت في الأمم السابقة، بل تؤكد أنها نزلت في المسلمين حصراً، إذ من البديهي أن سيدنا محمد لا ينتسب إلى الأمم السابقة، والأمم السابقة لم تدّع أنها على نهجه وتدين بشريعته، فهي لن تنتسب اليه، إنما الكلام لمن ينتسب إليه ويدعي اتباعه، فيأتي القرآن لتنزية الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الانحرافات التي ستحدث بعده، وأن قادة الانحرافات ليسوا منه وهو ليس منهم، كونهم اتبعوا طريقاً غير طريقه..
ولم يقل سبحانه "بدلوا دينهم" حتى يُبعد الخاطر عن الأمم السابقة بل قال: "فرقوا دينهم" وكانوا شيعاً.. فهو لم ينفِ عنهم الايمان بوحدانية الله، بل نفى عنهم "الوحدة السياسية" واشتغالهم بالفرقة وبالمكاسب الضيقة، عن بناء دولة على أسس سليمة كما فعل الرسول وصاحباه ابو بكر وعمر، هذا يعني أن الأمر يتعلق بالسياسة وبناء دولة واحدة همها إشاعة العدل والحق، لتكون ملاذاً للإنسان مطلق الانسان، من الظلم والقهر والجور ..
الفكرة أنه ليس حراماً أن تعيد الحركات والأحزاب والمذاهب الإسلامية النظر الآن، بموروثها بإخلاص وتجرد، وترك التعصب والانغلاق على مواقف وآراء وعلوم ليست قطعية ولا مقدسة..
حينها ستقف الأمة على أول طريق النهضة والتقدم، وتقود البشرية إلى الخير الذي أرادة الله سبحانه وتعالى لبني آدم، حين أنزل الكتب والرسل، وبالأخص الرسالة الخاتمة لإشاعة العدل والحق في الكرة الأرضية وهو "الأمانة" التي حمّلها الخالق سبحانه وتعالى للإنسان الذي "كان ظلوماً جهولاً"..
نيسان ـ نشر في 2023/06/06 الساعة 00:00