قانون الجرائم الإلكترونية .. لم يبق أمام (الديناصورات) سوى الانقراض
نيسان ـ نشر في 2023/08/01 الساعة 00:00
محمد قبيلات
لم تكن الأجواء الأردنية بحاجة إلى حزمة القوانين الساخنة التي دفعت بها الحكومة إلى البيت التشريعي في دورته الاستثنائية، فماء عمان كانت أصلا تغلي بكوز تموزها الحارق، وتتفرقع بصحن آبِها اللهاب، ذلك عدا عن حمواء هجير ارتفاع الأسعار والتضخم وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة عديد الفقراء والمهمشين، الذين شكّلوا جميعا جيشاً جراراً من الغاضبين، وقد جاءت في توقيت انهارت فيه الثقة بالمؤسسات والمسؤولين، في الإدارات والمستويات جميعها، لتمتد لاحقاً إلى المعارضين وأحزابهم؛ ما جعل منظومة التحديث السياسي والاقتصادي في مهب الاعتقاد بأنها مجرد لُعَبٍ من ألعاب شراء الوقت الرسمية.
تلك الحزمة من القوانين، جاءت في وقت حساس، لترفع بدورها، سعير الجدالات في مختلف مستويات وأطياف المجتمع الأردني، لكن فئات وشرائح وطبقات عريضة منها، تفصلها بالأساس هوة واسعة عن طبقة النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضيقة نسبياً.
تلك الفئات الواسعة تشعر في هذه المرحلة بالمظلومية، شعور بات عابر للتشكيلات الاجتماعية الفرعية، التي ظلت إلى مرحلة قريبة عصية على الاجتماع على عقيدة أو مظلومية واحدة، وبالعكس من ذلك تماماً، فقد ترسّخ لديها اليوم اعتقاد جديد بأنها هي المستهدفة بهذه التشريعات، وأن المستفيدين هم أرباب البنوك والمصانع والشركات، أو ممثلوهم الطبقيون ممن باتوا يهيمنون على مستويات اتخاذ وصناعة القرارات، هم مَن صاغ ودفع بتلك الحزم التشريعية في مسارات التطبيق للحفاظ على مصالحهم، بقانون الجرائم الإلكترونية كضابطٍ جديد لفضاء المجال العام الإلكتروني.
الأزمة بالأساس هي أزمة تلك النخب، حيث لم تعد قادرة على احتكار غول الذكاء المعرفي الجديد، وهي بالمناسبة أزمة كل نخب التسيّد في عالم اليوم، على العكس من قدراتها التأريخية على احتكار تطور العلم وتطبيقاته منذ إطلاق خدمات حَمَامِ الزّاجل إلى ما قبل ثورة الاتصالات في العقدين الأخيرين من عمر البشرية، فلم تعد تلك (الديناصورات) قادرة أو تمتلك الرشاقة اللازمة للعيش في هذا العصر، وربما لم يبقَ أمامها سوى الانقراض.
العالم يتطور اليوم، ولم يعد مناسباً لإدارة المجتمعات تلك الأشكال التقليدية التي سرت على مدى الآلاف من الأعوام الماضية، فمن غير المقبول الآن أن تُشرِّع للمجتمع فئة واحدة، محدودة التأثير، وتسري قراراتها على المجموع، بل لا بد من الشراكة الفعلية لأطراف المعادلة جميعهم، لأن العالم تطور بما يكفي للقضاء على ظاهرة الرجل المريض الذي يبقى مريضاً ويحكم لمئات السنين، فلم تعد التشكيلات الاجتماعية مستقرة لآلاف أو مئات السنين، ما كان يؤهل_ في الماضي_ شكل الدولة للاستقرار لمئات طوال من السنين، لم يعد موجوداً، فقد أصبح اليوم كل جيل يشهد عدة انقلابات وتغييرات للتشكيلات الاجتماعية؛ ما يفرض أنماطاً ديناميكية جديدة ومستجدة للحكم، تستطيع التكيف مع هذا التطور الهائل، تديرها بالضرورة نخب من خارج صندوق تعليم البيضة والرغيف .
ربما كان قانون الجرائم الإلكترونية زفرة النخب التقليدية الأخيرة، أمام سيل التطور الجارف في مجال الإنترنت وتطبيقاته، فأي قوانين وضوابط تلك التي تستطيع مسايرة هذه السرعة في التطور الذي تشهده قطاعات المعرفة الذكية؟! وما تطبيق (chat GBT) ، إلا غيض من فيض سباق الذكاء الصناعي المتسارع اليوم.
أساس أزمة النخب اليوم؛ إنها من الماضي المتجمد البائد، فكيف ستَصمِد في وجه سيول المعرفة المُنداحة من كل حدب وصوب، وأجيال جديدة تنظر بازدراء إلى أنماط تفكيرنا المُحنّط كافة!.
لم تكن الأجواء الأردنية بحاجة إلى حزمة القوانين الساخنة التي دفعت بها الحكومة إلى البيت التشريعي في دورته الاستثنائية، فماء عمان كانت أصلا تغلي بكوز تموزها الحارق، وتتفرقع بصحن آبِها اللهاب، ذلك عدا عن حمواء هجير ارتفاع الأسعار والتضخم وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة عديد الفقراء والمهمشين، الذين شكّلوا جميعا جيشاً جراراً من الغاضبين، وقد جاءت في توقيت انهارت فيه الثقة بالمؤسسات والمسؤولين، في الإدارات والمستويات جميعها، لتمتد لاحقاً إلى المعارضين وأحزابهم؛ ما جعل منظومة التحديث السياسي والاقتصادي في مهب الاعتقاد بأنها مجرد لُعَبٍ من ألعاب شراء الوقت الرسمية.
تلك الحزمة من القوانين، جاءت في وقت حساس، لترفع بدورها، سعير الجدالات في مختلف مستويات وأطياف المجتمع الأردني، لكن فئات وشرائح وطبقات عريضة منها، تفصلها بالأساس هوة واسعة عن طبقة النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضيقة نسبياً.
تلك الفئات الواسعة تشعر في هذه المرحلة بالمظلومية، شعور بات عابر للتشكيلات الاجتماعية الفرعية، التي ظلت إلى مرحلة قريبة عصية على الاجتماع على عقيدة أو مظلومية واحدة، وبالعكس من ذلك تماماً، فقد ترسّخ لديها اليوم اعتقاد جديد بأنها هي المستهدفة بهذه التشريعات، وأن المستفيدين هم أرباب البنوك والمصانع والشركات، أو ممثلوهم الطبقيون ممن باتوا يهيمنون على مستويات اتخاذ وصناعة القرارات، هم مَن صاغ ودفع بتلك الحزم التشريعية في مسارات التطبيق للحفاظ على مصالحهم، بقانون الجرائم الإلكترونية كضابطٍ جديد لفضاء المجال العام الإلكتروني.
الأزمة بالأساس هي أزمة تلك النخب، حيث لم تعد قادرة على احتكار غول الذكاء المعرفي الجديد، وهي بالمناسبة أزمة كل نخب التسيّد في عالم اليوم، على العكس من قدراتها التأريخية على احتكار تطور العلم وتطبيقاته منذ إطلاق خدمات حَمَامِ الزّاجل إلى ما قبل ثورة الاتصالات في العقدين الأخيرين من عمر البشرية، فلم تعد تلك (الديناصورات) قادرة أو تمتلك الرشاقة اللازمة للعيش في هذا العصر، وربما لم يبقَ أمامها سوى الانقراض.
العالم يتطور اليوم، ولم يعد مناسباً لإدارة المجتمعات تلك الأشكال التقليدية التي سرت على مدى الآلاف من الأعوام الماضية، فمن غير المقبول الآن أن تُشرِّع للمجتمع فئة واحدة، محدودة التأثير، وتسري قراراتها على المجموع، بل لا بد من الشراكة الفعلية لأطراف المعادلة جميعهم، لأن العالم تطور بما يكفي للقضاء على ظاهرة الرجل المريض الذي يبقى مريضاً ويحكم لمئات السنين، فلم تعد التشكيلات الاجتماعية مستقرة لآلاف أو مئات السنين، ما كان يؤهل_ في الماضي_ شكل الدولة للاستقرار لمئات طوال من السنين، لم يعد موجوداً، فقد أصبح اليوم كل جيل يشهد عدة انقلابات وتغييرات للتشكيلات الاجتماعية؛ ما يفرض أنماطاً ديناميكية جديدة ومستجدة للحكم، تستطيع التكيف مع هذا التطور الهائل، تديرها بالضرورة نخب من خارج صندوق تعليم البيضة والرغيف .
ربما كان قانون الجرائم الإلكترونية زفرة النخب التقليدية الأخيرة، أمام سيل التطور الجارف في مجال الإنترنت وتطبيقاته، فأي قوانين وضوابط تلك التي تستطيع مسايرة هذه السرعة في التطور الذي تشهده قطاعات المعرفة الذكية؟! وما تطبيق (chat GBT) ، إلا غيض من فيض سباق الذكاء الصناعي المتسارع اليوم.
أساس أزمة النخب اليوم؛ إنها من الماضي المتجمد البائد، فكيف ستَصمِد في وجه سيول المعرفة المُنداحة من كل حدب وصوب، وأجيال جديدة تنظر بازدراء إلى أنماط تفكيرنا المُحنّط كافة!.
نيسان ـ نشر في 2023/08/01 الساعة 00:00