فَراشٌ وجنائز..
نيسان ـ نشر في 2023/08/07 الساعة 00:00
لا تعجبوا من سلوك الفراش والحشرات الطائرة، وحتى الزاحفة في تهافتها على مصادر الضوء حتى لو كانت ناراً مطلقة وليست ناراً مقيدة كمصابيح الكهرباء، وبالرغم من أن الفراش يدفع الثمن حياته إذا تهافت على النار المطلقة، فهو أيضا ينتحر بطرق أخرى اذا اقترب من مصابيح الكهرباء في الشوارع وأمام البيوت، ومما زاد عناء الأجيال الحديثة من الفراش في زمن التقدم المدني الذي أشغلها بالضوء في كل الأماكن القريبة في المدينة والبعيدة التي لا يوجد بها سكان، حتى أصبحت الأرض مضاءة ليلاً ونهاراً، وبذلك يظل الفراش مشغولاً بالضوء على مدار الساعة!!.
أقول لا تعجب من الحشرات، فهناك كائنات تعتبر نفسها عاقلة، انشغلت مثلها في البحث عن الأضواء(مهما كان ضوؤها، خافتاً أم متوهجاً، حارقاً أم كاوياً) وصارت تتهافت عليها على البعد الساشع بين ما في قلبها وما تحلم به (أطماع)، وبين حقيقة الأضواء وسبب وجودها(مكر وخداع)، وهل الكائنات هي التي تحتاج الأضواء أم الأضواء هي التي تحتاج الكائنات الفضولية وتعتاش عليها.. فقد هامت فئة من الناس بالأضواء، فأودوا بأنفسهم وبقومهم حتى صدق بهم المثل العربي: "أطيش من فراشة".
الكائنات البشرية التي هامت بالأضواء وبكل ما يلمع تخلت عن إنسانيتها وتتبعت للمعان الضوء، فاهتموا باهتمامات الفراش وظلت جثثهم كما هي، جنائز متحركة تتجول في كل مكان.. تجاهلوا الدنيا وإصلاحها، وتطلعوا لحياة الخيال التي في رؤوسهم، وما دروا أنهم جنائز يتزينون للقبر.
الجنائز المتحركة تزينت من الخارج كما الأحياء، وبقي داخلها يعتمل فيه موت عميق ينادي القبور ليواري سوءته..
فمهما تزينت (الجنازة) وبالغتَ في زينتها فهي ستزف الى المقبرة، وإن تجاهلنا ما سيجري عليها منذ أن "تجنّزت" استقبالاً للفناء..
نحن هنا لا نحاكم الميت، فالميت ليس له خيار فيما يحصل معه وهو جنازة، لكنه أقر بهذا الطقس عندما كان حياً، فلم يطلب العزة والكرامة والحقوق، ولم يقف بوجه الظلم كَبُر أو صغر، ورضي أن يتزين كجنازة ويطارد أضواء المدن وتجمعات الجنائز، التي تقاوم الحياة، وتشتاق إلى الطقوس الجنائزية.
..القاسم المشترك بين الجنائز والفراش، أنهما لا يطلبان من وراء التجمل والزهو أي هدف، لا لقومهم ولا لأنفسهم، الزهو لأجل الزهو، تدور حول الضوء بكل طاقتها فإذا انطفأ، انطفأ نشاطها ولم تجنِ شيئاً، وكذلك الجنازة
تخرج للطقوس الجنائزية متزينة وهي زينة لا تنبئ عن شيء، فقط هي تعرض نفسها للقبور الاعتبارية التي توهم بحياة أخرى زاهية وأبدية وما هي إلا جسد ذاهب الى التعفن والتحلل، غافل عن الحياة الأخرى التي تحتفي بالنفس، وبالنفس المطمئنة، التي عملت للحق والعدل الذي خلقت من أجله، وكافحت الظلم والجور وتاقت إلى الحرية فاستحقت الخلود.
أقول لا تعجب من الحشرات، فهناك كائنات تعتبر نفسها عاقلة، انشغلت مثلها في البحث عن الأضواء(مهما كان ضوؤها، خافتاً أم متوهجاً، حارقاً أم كاوياً) وصارت تتهافت عليها على البعد الساشع بين ما في قلبها وما تحلم به (أطماع)، وبين حقيقة الأضواء وسبب وجودها(مكر وخداع)، وهل الكائنات هي التي تحتاج الأضواء أم الأضواء هي التي تحتاج الكائنات الفضولية وتعتاش عليها.. فقد هامت فئة من الناس بالأضواء، فأودوا بأنفسهم وبقومهم حتى صدق بهم المثل العربي: "أطيش من فراشة".
الكائنات البشرية التي هامت بالأضواء وبكل ما يلمع تخلت عن إنسانيتها وتتبعت للمعان الضوء، فاهتموا باهتمامات الفراش وظلت جثثهم كما هي، جنائز متحركة تتجول في كل مكان.. تجاهلوا الدنيا وإصلاحها، وتطلعوا لحياة الخيال التي في رؤوسهم، وما دروا أنهم جنائز يتزينون للقبر.
الجنائز المتحركة تزينت من الخارج كما الأحياء، وبقي داخلها يعتمل فيه موت عميق ينادي القبور ليواري سوءته..
فمهما تزينت (الجنازة) وبالغتَ في زينتها فهي ستزف الى المقبرة، وإن تجاهلنا ما سيجري عليها منذ أن "تجنّزت" استقبالاً للفناء..
نحن هنا لا نحاكم الميت، فالميت ليس له خيار فيما يحصل معه وهو جنازة، لكنه أقر بهذا الطقس عندما كان حياً، فلم يطلب العزة والكرامة والحقوق، ولم يقف بوجه الظلم كَبُر أو صغر، ورضي أن يتزين كجنازة ويطارد أضواء المدن وتجمعات الجنائز، التي تقاوم الحياة، وتشتاق إلى الطقوس الجنائزية.
..القاسم المشترك بين الجنائز والفراش، أنهما لا يطلبان من وراء التجمل والزهو أي هدف، لا لقومهم ولا لأنفسهم، الزهو لأجل الزهو، تدور حول الضوء بكل طاقتها فإذا انطفأ، انطفأ نشاطها ولم تجنِ شيئاً، وكذلك الجنازة
تخرج للطقوس الجنائزية متزينة وهي زينة لا تنبئ عن شيء، فقط هي تعرض نفسها للقبور الاعتبارية التي توهم بحياة أخرى زاهية وأبدية وما هي إلا جسد ذاهب الى التعفن والتحلل، غافل عن الحياة الأخرى التي تحتفي بالنفس، وبالنفس المطمئنة، التي عملت للحق والعدل الذي خلقت من أجله، وكافحت الظلم والجور وتاقت إلى الحرية فاستحقت الخلود.
نيسان ـ نشر في 2023/08/07 الساعة 00:00