قوانين السرعة فوق الفرط صوتية

نيسان ـ نشر في 2023/08/15 الساعة 00:00
محمد قبيلات
الديمقراطية بالضرورة توافقية، وبهذا المعنى، لا بد أن تعترف الأطراف الاجتماعية الفاعلة أن السياسة بالضرورة هي التفاعلات والعلاقات القائمة بينها، وبناء عليه لا بد للقوانين من أن تكون نتاجًا متوازنًا لهذه الحالة، وصيغاً توافقت عليها وقبلتها عناصر وأطراف العملية السياسية كافة.
رب قائل إن هذا الكلام محض كلام مرسل، ولا يحاكي الواقع، صحيح، لكن كيف لطرف أن يقتنع بمجرد أن خطرت بباله فكرة ما أنها مواتية للمرحلة، وأن يسنّها قانونًا يضبط حياة الجميع، وهل هذا من أسس وقواعد التشريع واستقراره في دولة الدستور والقانون والمؤسسات؟!
المجتمعات بشكلها الاقتصادي تتكون من مجموعة من الطبقات والفئات الاجتماعية، وتخضع أيضا لتقسيمات أخرى عرقية ودينية.. الخ، في الحالة الطبيعية تقوم العلاقة بين المكونات على أساس صراعي، قد يكون ساكناً، لكنه هو الذي ينظم العلاقة بين تلك المكونات، إما على شكل اتفاقات استباقية للأزمات، في العادة تكون ضمنية وغير معلنة، أو تسويات تعقد بعد كل أزمة كما حدث بُعَيد هبة نيسان عام 1989.
وهذا يؤكد أن العلاقة بين مكونات المجتمع، تقوم على خلق صيغ توافقية تُذلل الصراعات الواقعة بين من يملكون ومن لا يملكون، أو بين من يملكون كثيرًا، بما فيه السلطة، ومن لا يملكون إلّا القليل.
يقول النائب صالح العرموطي، بما معناه، في شريط متلفز"إن الجهات الإدارية المسؤولة في مجلس النواب كانت تطرح مواد قوانين_ في غاية الحساسية_ للنقاش وهي على عجلة من أمرها، ولم تتح المجال والوقت الكافي لمناقشتها،" . وهذا يشبه إلى حد بعيد فرض الإرادة العليا، كما يحدث في أية مؤسسة بيروقراطية، وهو أيضا يتناقض مع الأسباب التي خُلِقَ بيت التشريع أساسًا من أجلها، فهو المكان الذي تُجرى فيه مناقشات يشارك فيها أعضاء المجلس، ممثلو الشعب، ليدافع كل نائب عن مصلحة قواعده، وهنا تتجلى المصلحة الوطنية العليا، لا بفرض إرادة جهة ما في صياغة القوانين، بحيث تصبح وظيفة المجلس خدمة مصالح فئة محددة من دون الجميع.
نقول هذا الكلام في هذا الوقت الحساس، لأننا نعلم أن الغاية من الإجراءات التي تمت مؤخرًا هي تقييد مجال رقابي، أي أن الجهة التنفيذية التي اقترحت مشروع القانون، وهي الحكومة، أرادت أن تقيّد الرقابة الجماعية التي يمارسها الشعب على أدائها، من خلال التعبير عن الرأي في الفضاء التواصلي الإلكتروني، وكل ما قيل رسميا، حول هذا الموضوع، من باب التبرير وخلق الذرائع.
الذي جرى بالضبط أن الحكومة استغلت الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، القصيرة نسبيًا، ومررت قوانين مهمة، على عجلٍ، ومن دون إجراء الدراسات والحوارات والجدالات اللازمة، وبدل استشارة المختصين الحياديين، تم الاستناد إلى رأي الخبراء العُرفيين، المنحازين أصلًا ضد الديمقراطية، وضد القانون، وضد استقلالية المؤسسات.
    نيسان ـ نشر في 2023/08/15 الساعة 00:00