الحركة الأسلامية، أما حان الوقت لخطاب جديد !
نيسان ـ نشر في 2023/09/02 الساعة 00:00
يُسجل للحركة الإسلامية عدم محاولتها تقويض الدولة أو الاستقواء عليها في العقود السبعة الأولى من عمر الدولة، بل يسجل لها أيضاً دماثة خطابها السياسي وتجنبها تقريع الدولة، ومؤسسات الحكم على منابر الغرباء للفترة ذاتها أو ربما أكثر من ذلك بقليل، ويُضاف إلى سلوكها القويم في ضبط ممثليها في البرلمان وعدم طرح القضايا والمطالب الخاصة عند لقاءاتهم مع الوزراء والمسؤولين وبصورة تعبر عن نضج تنظيمي راقٍ يترفع عن مظاهر الخلط بين الخاص والعام حتى وإن اختلفنا معهم في قضايا ومحطات فاصلة في إتون الشأن العام.
الحركة الإسلامية جزء مهم وأصيل من المشهد السياسي الأردني، ولهم تماس حقيقي مع منظومة القيم الأساسية في المجتمع الأردني المحافظ بأغلبيته الطاغية، وموقفهم من النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد ثابت وراسخ وبمبالغة أحياناً، ولهم جمهور قلّ أم كثُر لا يمكن إنكاره أو تجاوزه، والحوار معهم يخدم النَّقلة النوعية في التَّحديث السياسي بشرط أن تدرك الحركة بأن محاولات احتكار الحقيقة والصواب الوطني هي بضاعة كاسدة لا يمكن أن تخدم حالة الوفاق الوطني، وكسر العزلة غير المعلنة بين أطراف المعادلة الوطنية؛ قوى، ومؤسسات، ونخب، ومفكرين وساسة.
لم يعد مقبولاً أو مفيداً ازدواجية خطاب الحركة وممارساتها في السِّر والعلن، ولا نريد أن نستذكر محاولات استقواء الحركة المدان على الدولة في الربيع العربي، وتسليم الغلاة من قياداتها مقاليد القرار، واستقالة ممثليها من لجنة الحوار الوطني آنذاك، ولا نريد أن نستعيد في ذاكرتنا موقف الحركة من إضراب المعلمين والشَّاحنات؛ لأن ما يطلب من حركة منظمة عمرها يقارب عمر الدولة لا يطلب من الأحزاب الناشئة من حيث حفظ الاستقرار ورشد الخطاب، وتقديم مقاربة وطنية تقبل الآخر فعلاً لا قولاً، ولا تحتكر مضامين الهداية والاستقامة والحرص، وتدرك بعمق أنها ليست نداً للدولة او نظيراً لها، وأن الإلتزام بمضامين الدستور الحقيقية ليست مقاربة شكلية مؤقتة مجردة من النوايا الحقيقية وخطاب الغرف المغلقة، وإنما يقين وقناعة تلامس حدود الإيمان الوطني بالتراب، والدولة، والعرش والدستور.
آن الأوان للحركة الإسلامية أن تعيد إنتاج خطابها السياسي بثوب جديد، يلتزم بمضامين الدستور دون مواربة أو تقية سياسية، ويقبل الآخر دون مجاملات، وتقديم مقاربة واقعية حقيقية للشراكة السياسية المستندة إلى التعددية والإلتزام بثوابت الدستور، والتخلي فوراً ودون إبطاء عن خطاب المظلومية العام الذي لم يحرر فلسطين، ولم يسهم في ديناميكية بناء الوطن، او ملامسة القضايا اليومية الداخلية، وضرورة مراجعة أدبيات الجماعة وأولوياتها وحصرها في الشأن الوطني الداخلي كأولوية وطنية دون إنكار حقها -كما هو كل الأردنيين والعرب والمسلمين- في دعم نضالات الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
الدولة بحاجة لسلوك وخطاب حقيقي مختلف من الحركة الإسلامية؛ لتعزيز مفهوم الثقة السياسية، وتحتاج إلى سلوك تنظيمي صارم يلجم الغلاة من قيادات الحركة، و"توبة سياسية" -ولو كانت غير معلنة- عن سلوكها السياسي المنفلت من عقال الوطنية في فترة الربيع العربي بمرجعيات خارجية تنظيمية ودولية كادت أن تعصف بالوطن لولا عناية الله وحرص أبناء الوطن، ويقظة أجهزة الدولة ومؤسساتها، والتفاف الأردنيين من شتى الأصول ومنابتهم حول قيادتهم الحكيمة، أقول هذا لأن أي حديث آخر لن يخرج من دائرة المجاملات التي لا تعزز المشاركة السياسية ولا تسهم في التحديث السياسي.
على الحركة الأسلامية أن تؤمن بالدستور في خطابها الدعوي باعتباره سقفاً تستظل به المعارضة والموالاة على حدٍ سواء، وأن تعمد إلى مراجعة سياسية وفكرية لخطابها وسلوكها السياسي في العقود الثلاثة الأخيرة؛ لأن الخطاب الشعبوي في القضايا الفاصلة لا يفيد بشيء، بل يكرّس العزلة السياسية التي لا نريدها لأي تنظيم سياسي وطني يؤمن بالثوابت الوطنية الأساسية ومصالح الدولة العليا، وعندها فقط يصبح الحوار ومضامين المشاركة السياسية الذي يفترض أن تتطلع إليه كافة القوى السياسية والحزبية لا تثير القلق الوطني، وتغدو معها الشراكة الوطنية المعززة بالثقة أمراً واقعاً على الأرض.
غياب العقلنة والواقعية السياسية عن خطاب الحركة الأسلامية لا يفكّ عزلتها السياسية ومخاطر الحظر التنظيمي الذي تتبناه قوى إقليمية ودولية مؤثرة، ومكّن قوى سياسية معارضة هامشية جماهيرياً في الداخل من سدّ فراغ غياب الحركة في التعددية السياسية في بعض المواقع استجابة لرؤى التحديث الجديد؛ لأن تلك القوى مارست العمل السياسي بأحتراف وواقعية، وأمتطت عناد الحركة وخطابها الشعبوي المتشنج لتحقيق مكاسب سياسية بتحالف طارئ مع الحركة يخلو من الفعل السياسي الحقيقي المؤثر لصالحها في ردود الفعل مثلاً حول قانون الجرائم الإلكترونية، ذلك ان تلك القوى ملأت فراغ الحركة وزادت الأخيرة من عزلتها في وقت هي احوج ما تكون لهدوئها الرزين في هذا الوقت بالذات.
الحركة الإسلامية جزء مهم وأصيل من المشهد السياسي الأردني، ولهم تماس حقيقي مع منظومة القيم الأساسية في المجتمع الأردني المحافظ بأغلبيته الطاغية، وموقفهم من النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد ثابت وراسخ وبمبالغة أحياناً، ولهم جمهور قلّ أم كثُر لا يمكن إنكاره أو تجاوزه، والحوار معهم يخدم النَّقلة النوعية في التَّحديث السياسي بشرط أن تدرك الحركة بأن محاولات احتكار الحقيقة والصواب الوطني هي بضاعة كاسدة لا يمكن أن تخدم حالة الوفاق الوطني، وكسر العزلة غير المعلنة بين أطراف المعادلة الوطنية؛ قوى، ومؤسسات، ونخب، ومفكرين وساسة.
لم يعد مقبولاً أو مفيداً ازدواجية خطاب الحركة وممارساتها في السِّر والعلن، ولا نريد أن نستذكر محاولات استقواء الحركة المدان على الدولة في الربيع العربي، وتسليم الغلاة من قياداتها مقاليد القرار، واستقالة ممثليها من لجنة الحوار الوطني آنذاك، ولا نريد أن نستعيد في ذاكرتنا موقف الحركة من إضراب المعلمين والشَّاحنات؛ لأن ما يطلب من حركة منظمة عمرها يقارب عمر الدولة لا يطلب من الأحزاب الناشئة من حيث حفظ الاستقرار ورشد الخطاب، وتقديم مقاربة وطنية تقبل الآخر فعلاً لا قولاً، ولا تحتكر مضامين الهداية والاستقامة والحرص، وتدرك بعمق أنها ليست نداً للدولة او نظيراً لها، وأن الإلتزام بمضامين الدستور الحقيقية ليست مقاربة شكلية مؤقتة مجردة من النوايا الحقيقية وخطاب الغرف المغلقة، وإنما يقين وقناعة تلامس حدود الإيمان الوطني بالتراب، والدولة، والعرش والدستور.
آن الأوان للحركة الإسلامية أن تعيد إنتاج خطابها السياسي بثوب جديد، يلتزم بمضامين الدستور دون مواربة أو تقية سياسية، ويقبل الآخر دون مجاملات، وتقديم مقاربة واقعية حقيقية للشراكة السياسية المستندة إلى التعددية والإلتزام بثوابت الدستور، والتخلي فوراً ودون إبطاء عن خطاب المظلومية العام الذي لم يحرر فلسطين، ولم يسهم في ديناميكية بناء الوطن، او ملامسة القضايا اليومية الداخلية، وضرورة مراجعة أدبيات الجماعة وأولوياتها وحصرها في الشأن الوطني الداخلي كأولوية وطنية دون إنكار حقها -كما هو كل الأردنيين والعرب والمسلمين- في دعم نضالات الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
الدولة بحاجة لسلوك وخطاب حقيقي مختلف من الحركة الإسلامية؛ لتعزيز مفهوم الثقة السياسية، وتحتاج إلى سلوك تنظيمي صارم يلجم الغلاة من قيادات الحركة، و"توبة سياسية" -ولو كانت غير معلنة- عن سلوكها السياسي المنفلت من عقال الوطنية في فترة الربيع العربي بمرجعيات خارجية تنظيمية ودولية كادت أن تعصف بالوطن لولا عناية الله وحرص أبناء الوطن، ويقظة أجهزة الدولة ومؤسساتها، والتفاف الأردنيين من شتى الأصول ومنابتهم حول قيادتهم الحكيمة، أقول هذا لأن أي حديث آخر لن يخرج من دائرة المجاملات التي لا تعزز المشاركة السياسية ولا تسهم في التحديث السياسي.
على الحركة الأسلامية أن تؤمن بالدستور في خطابها الدعوي باعتباره سقفاً تستظل به المعارضة والموالاة على حدٍ سواء، وأن تعمد إلى مراجعة سياسية وفكرية لخطابها وسلوكها السياسي في العقود الثلاثة الأخيرة؛ لأن الخطاب الشعبوي في القضايا الفاصلة لا يفيد بشيء، بل يكرّس العزلة السياسية التي لا نريدها لأي تنظيم سياسي وطني يؤمن بالثوابت الوطنية الأساسية ومصالح الدولة العليا، وعندها فقط يصبح الحوار ومضامين المشاركة السياسية الذي يفترض أن تتطلع إليه كافة القوى السياسية والحزبية لا تثير القلق الوطني، وتغدو معها الشراكة الوطنية المعززة بالثقة أمراً واقعاً على الأرض.
غياب العقلنة والواقعية السياسية عن خطاب الحركة الأسلامية لا يفكّ عزلتها السياسية ومخاطر الحظر التنظيمي الذي تتبناه قوى إقليمية ودولية مؤثرة، ومكّن قوى سياسية معارضة هامشية جماهيرياً في الداخل من سدّ فراغ غياب الحركة في التعددية السياسية في بعض المواقع استجابة لرؤى التحديث الجديد؛ لأن تلك القوى مارست العمل السياسي بأحتراف وواقعية، وأمتطت عناد الحركة وخطابها الشعبوي المتشنج لتحقيق مكاسب سياسية بتحالف طارئ مع الحركة يخلو من الفعل السياسي الحقيقي المؤثر لصالحها في ردود الفعل مثلاً حول قانون الجرائم الإلكترونية، ذلك ان تلك القوى ملأت فراغ الحركة وزادت الأخيرة من عزلتها في وقت هي احوج ما تكون لهدوئها الرزين في هذا الوقت بالذات.
نيسان ـ نشر في 2023/09/02 الساعة 00:00