ملفات سورية على الساحة الأردنية
نيسان ـ نشر في 2023/09/03 الساعة 00:00
لا نأتي بجديد عندما نقول أن أكثر بلد تأثر بارتدادات الحرب في سوريا هو الأردن، وما زال يعاني، وتتعدد الملفات السورية على الساحة الأردنية في مقدمتها ملف اللاجئين الذين باتوا يشكلون للأردن تحديا اقتصاديا وأمنيا، فقد أصبحوا شركاء للأردنيين في البنية التحتية والموارد الطبيعية "أهمها المياه" التي تضررت كثيرا منذ أن استقبل الأردن أكثر من مليون لاجئ سوري على أرضه، ناهيك عن التغيرات التي حدثت في المجتمع الأردني جراء دخول كتلة بشرية لها عاداتها وتقاليدهاالخاصة بها!!
الحرب الآن في سوريا وضعت أوزارها، تاركة خلفها دمارا كبيرا هناك على المستوى الاقتصادي والأمني، وتبرز ضرورة معالجة موضوع اللاجئين السوريين كضرورة ملحة عند الدول المضيفة على رأسها الأردن الذي بات يواجه الضغط وحده على هذا الصعيد بعد أن أعلنت المؤسسات الدولية الداعمة للاجئين عن تخفيض معوناتها تمهيدا لإيقافها، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا له على الجانب الاقتصادي، وسيجد نفسه مضطرا إلى خدمة اللاجئين من موازنته المرهقة أصلا، وبدأت الأصوات هنا تتعالى والآراء تناقش مطالبة بفتح هذا الملف وقراءته من جديد للوصول إلى حل يساعد الأردن في رفع الضغط عنه ولا يؤذي الأشقاء السوريين الذين لجأوا إليه هروبا من الحرب في بلدهم التي أتت على كل شيء.
الرأي الأول يقول بضرورة إعادة هؤلاء اللاجئين دون الأخذ بالحسبان أي حساسية كما بدأت بذلك تركيا ولبنان، مستندين إلى أن مصلحة الأردن يجب أن تكون أولا، وقد قام بواجبه نحوهم على أكمل وجه ولن يستطع التحمل أكثر. والرأي الثاني يقول يجب أن تكون عودة السوريين إلى بلادهم آمنة، وهنا يرى الكثيرون أن هذه العلة ليست من شأن الأردن، ولا مطلوب منه ذلك لا سيما أن الحكومة السورية أعلنت أكثر من مرة أنها ترحب بعودة مواطينيها فورا دون أي شروط، وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من مرة عفوا عن جميع السوريين كبادرة حسن نية لفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد.
ولكن لنقر أن ملف اللاجئين السوريين يرتبط بالملف السوري بالكامل، وهذا بدوره مرتبط بالتطورات على الساحة الإقليمية، خصوصا حالة المد والجزر في العلاقة بين واشنطن وطهران، ويقال أن الأولى تضغط على الدول المضيفة للاجئين السوريين بأن تبقي هذا الملف معلقا كنوع من الضغط على الدولة السورية، حتى موعد تفكيك عقد الأزمات في المنطقة ويكون الملف السوري منها، بما فيه الوجود الإيراني والروسي على الأرض هناك، وخصوصا الروسي الذي بات يشكل كابوسا للإدارة الأمريكية حيث تعتبره نوعا من التمدد الخطير على مصالحها في المنطقة.
في كل هذه الفوضى والتعقيدات وتضارب المصالح، يظل الأردن يواجه تحديات الأزمة السورية وحده، ويتعامل مع ملفاتها التي فرضت نفسها على ساحته، فبالإضافة إلى موضوع اللاجئين، يواجه منذ سنوات حربا مفتوحة تأتي نارها من داخل الحدود السورية تتمثل بالمحاولات المستميتة لاختراق الحدود من قبل تجار المخدرات والميليشيات الداعمة لهم، الأمر الذي زاد من الضغط على الأردن ماديا وأمنيا، وخسرنا عددا من جنودنا وضباطنا وهو يخوضون معاركهم ضد هؤلاء، وباعتقادي أن هذا الملف أيضا يخضع لحالة المد والجزر في العلاقة الأردنية السورية، والعلاقة السورية العربية، وهذه النقطة بالذات تنعكس بدورها على طبيعة التحرك السوري للتعاون مع الأردن في محاصرة هذه الحرب التي لا تهدد الأردن وحده، وإن كان في المواجهة، بل تهدد ساحات عربية متعددة، وعندما شهدت العلاقة بين سوريا والدول العربية حالة تقارب، توجت بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتمت الرحلات المكوكية العديدة من قبل الوزراء العرب إلى دمشق وكان الأردن بارزا في هذه التطورات وطرح مبادرة وافق عليها العرب، شهد الوضع على الحدود السورية الأردنية على مستوى مكافحة المخدرات نوعا من التعاون، وعندما تراجع زخم التواصل العربي مع دمشق، تراجع هذا التعاون حيث يتردد أن دمشق لم تهتم مؤخرا بالاقتراحات والمعلومات التي قدمت لها من الجانب الأردني إزاء ملف المخدرات.
يواجه الأردن أيضا ملف الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله المتواجدة قريبا من حدوده الشمالية، وهذا موضوع لا يمكن السكوت عنه بالنسبة لعمان لما يمثل من تحد كبير للأمن الوطني الأردني، خصوصا أن المؤشرات عند المسؤولين عن هذا الملف لدينا متأكدين أن حرب المخدرات التي تشن على الأردن، لها علاقة بتواجد هذه الميليشيات قريبا من الحدود.
في المجمل، الساحة الأردنية تتعامل مع عدة ملفات سورية برزت كانعكاس مباشر للحرب في سوريا، وبوضوح، فإن الأردن بات وحيدا في معالجة هذه الملفات كما أشرت، التي تضغط على عصبه الاقتصادي والأمني والعسكري ، رغم أنه لا ناقة له ولا جمل فيما جرى في سوريا، ولم يذنب عندما فتح حدوده للأشقاء الهاربين من نيران المعارك التي كانت مشتعلة هناك، لكن المطلوب أردنيا الآن، قرارا حاسما على أعلى المستويات على الأقل على صعيد ملف اللاجئين، والضغط على الدول والمؤسسات المعنية للقيام بواجبها تجاه الأردن واللاجئين أنفسهم، ولا يترك وحيدا، أو يترك الأردن ليتصرف حسب مصلحته العليا، وهذا القرار يجب أن يكون كما هو قرار التعامل مع محاولات اختراق الحدود، حاسما وقويا. كل هذه الانعكاسات تجعل الأردن ضحية للحرب في سوريا، التي امتدت لأكثر من عشر سنوات ..
هل هو قدر الأردن أن يكون ساحة لكل الارتدادات السلبية لأي فوضى تحدث على الساحات العربية ثم يترك وحيدا في المواجهة؟!!.عمون
الحرب الآن في سوريا وضعت أوزارها، تاركة خلفها دمارا كبيرا هناك على المستوى الاقتصادي والأمني، وتبرز ضرورة معالجة موضوع اللاجئين السوريين كضرورة ملحة عند الدول المضيفة على رأسها الأردن الذي بات يواجه الضغط وحده على هذا الصعيد بعد أن أعلنت المؤسسات الدولية الداعمة للاجئين عن تخفيض معوناتها تمهيدا لإيقافها، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا له على الجانب الاقتصادي، وسيجد نفسه مضطرا إلى خدمة اللاجئين من موازنته المرهقة أصلا، وبدأت الأصوات هنا تتعالى والآراء تناقش مطالبة بفتح هذا الملف وقراءته من جديد للوصول إلى حل يساعد الأردن في رفع الضغط عنه ولا يؤذي الأشقاء السوريين الذين لجأوا إليه هروبا من الحرب في بلدهم التي أتت على كل شيء.
الرأي الأول يقول بضرورة إعادة هؤلاء اللاجئين دون الأخذ بالحسبان أي حساسية كما بدأت بذلك تركيا ولبنان، مستندين إلى أن مصلحة الأردن يجب أن تكون أولا، وقد قام بواجبه نحوهم على أكمل وجه ولن يستطع التحمل أكثر. والرأي الثاني يقول يجب أن تكون عودة السوريين إلى بلادهم آمنة، وهنا يرى الكثيرون أن هذه العلة ليست من شأن الأردن، ولا مطلوب منه ذلك لا سيما أن الحكومة السورية أعلنت أكثر من مرة أنها ترحب بعودة مواطينيها فورا دون أي شروط، وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من مرة عفوا عن جميع السوريين كبادرة حسن نية لفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد.
ولكن لنقر أن ملف اللاجئين السوريين يرتبط بالملف السوري بالكامل، وهذا بدوره مرتبط بالتطورات على الساحة الإقليمية، خصوصا حالة المد والجزر في العلاقة بين واشنطن وطهران، ويقال أن الأولى تضغط على الدول المضيفة للاجئين السوريين بأن تبقي هذا الملف معلقا كنوع من الضغط على الدولة السورية، حتى موعد تفكيك عقد الأزمات في المنطقة ويكون الملف السوري منها، بما فيه الوجود الإيراني والروسي على الأرض هناك، وخصوصا الروسي الذي بات يشكل كابوسا للإدارة الأمريكية حيث تعتبره نوعا من التمدد الخطير على مصالحها في المنطقة.
في كل هذه الفوضى والتعقيدات وتضارب المصالح، يظل الأردن يواجه تحديات الأزمة السورية وحده، ويتعامل مع ملفاتها التي فرضت نفسها على ساحته، فبالإضافة إلى موضوع اللاجئين، يواجه منذ سنوات حربا مفتوحة تأتي نارها من داخل الحدود السورية تتمثل بالمحاولات المستميتة لاختراق الحدود من قبل تجار المخدرات والميليشيات الداعمة لهم، الأمر الذي زاد من الضغط على الأردن ماديا وأمنيا، وخسرنا عددا من جنودنا وضباطنا وهو يخوضون معاركهم ضد هؤلاء، وباعتقادي أن هذا الملف أيضا يخضع لحالة المد والجزر في العلاقة الأردنية السورية، والعلاقة السورية العربية، وهذه النقطة بالذات تنعكس بدورها على طبيعة التحرك السوري للتعاون مع الأردن في محاصرة هذه الحرب التي لا تهدد الأردن وحده، وإن كان في المواجهة، بل تهدد ساحات عربية متعددة، وعندما شهدت العلاقة بين سوريا والدول العربية حالة تقارب، توجت بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وتمت الرحلات المكوكية العديدة من قبل الوزراء العرب إلى دمشق وكان الأردن بارزا في هذه التطورات وطرح مبادرة وافق عليها العرب، شهد الوضع على الحدود السورية الأردنية على مستوى مكافحة المخدرات نوعا من التعاون، وعندما تراجع زخم التواصل العربي مع دمشق، تراجع هذا التعاون حيث يتردد أن دمشق لم تهتم مؤخرا بالاقتراحات والمعلومات التي قدمت لها من الجانب الأردني إزاء ملف المخدرات.
يواجه الأردن أيضا ملف الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله المتواجدة قريبا من حدوده الشمالية، وهذا موضوع لا يمكن السكوت عنه بالنسبة لعمان لما يمثل من تحد كبير للأمن الوطني الأردني، خصوصا أن المؤشرات عند المسؤولين عن هذا الملف لدينا متأكدين أن حرب المخدرات التي تشن على الأردن، لها علاقة بتواجد هذه الميليشيات قريبا من الحدود.
في المجمل، الساحة الأردنية تتعامل مع عدة ملفات سورية برزت كانعكاس مباشر للحرب في سوريا، وبوضوح، فإن الأردن بات وحيدا في معالجة هذه الملفات كما أشرت، التي تضغط على عصبه الاقتصادي والأمني والعسكري ، رغم أنه لا ناقة له ولا جمل فيما جرى في سوريا، ولم يذنب عندما فتح حدوده للأشقاء الهاربين من نيران المعارك التي كانت مشتعلة هناك، لكن المطلوب أردنيا الآن، قرارا حاسما على أعلى المستويات على الأقل على صعيد ملف اللاجئين، والضغط على الدول والمؤسسات المعنية للقيام بواجبها تجاه الأردن واللاجئين أنفسهم، ولا يترك وحيدا، أو يترك الأردن ليتصرف حسب مصلحته العليا، وهذا القرار يجب أن يكون كما هو قرار التعامل مع محاولات اختراق الحدود، حاسما وقويا. كل هذه الانعكاسات تجعل الأردن ضحية للحرب في سوريا، التي امتدت لأكثر من عشر سنوات ..
هل هو قدر الأردن أن يكون ساحة لكل الارتدادات السلبية لأي فوضى تحدث على الساحات العربية ثم يترك وحيدا في المواجهة؟!!.عمون
نيسان ـ نشر في 2023/09/03 الساعة 00:00