أيمن الصفدي ودبلوماسية النِّد

د.طلال طلب الشرفات
نيسان ـ نشر في 2023/11/18 الساعة 00:00
لم أتفاجأ من المواقف المتقنة والحازمة التي عبّر فيها الصَّفدي عن مواقف الأردن الثابتة والراسخة المنطلقة من رؤىً ملكية واعية وثاقبة للمشهد الإقليمي والدولي؛ مضامين تعكس الإدراك العميق لحجم الإبادة الصهيونية البشعة، ومواقف استثائية محترفة تُغني كل كلمة فيها ترف المؤتمرات الصحفية والشَّرح والتَّفسير.
أيمن الصفدي دبلوماسي وطني استثنائي لمرحلة معقدة، وظرف دقيق؛ يُطوّع الحرف الملتهب بمضامين عاقلة وخطاب رصين محكم وبنديَّة وعزم عزَّ نظيرهما؛ موقف يعكس نوايا وطنية فطرية مخلصة لبني معروف الذين كانوا على الدوام أهل الفزعة والرفعة كلما أدلهم ظرف أو ساء حال، قوم كرام كبار ما خانوا عهد، او أخلفوا وعد منذ التأسيس.
ً"حماس صنعها الصراع ولم تصنعه "و" التهجير إعلان حرب على الأردن و"قتل المدنيين لا يمكن أن يكون دفاعاً عن النفس". دبلوماسية قاسية رشيقة وجريئة تقرأ بعمق وشجاعة مصالح الدولة العليا، وتدرك بحرص قواعد اللعب على حواف اللهب دون ضرر، وتغني سيَّد السِّياسة الخارجية، وصانع مجد الوطن عن قول ما يمكن ويجب أن يقوله غيره بوعي وحزم وانسجام.
في السنوات الأخيرة كنت أحاول بنهم قراءة مضامين ومخاطر الدبلوماسية الأردنية، ومواقف الصفدي، ومدى قدرته على استشراف الرؤى الملكية، واتساق تلك المواقف مع مصالح الدولة العليا، ومضامين الهوية الوطنية، وقد كنت قلقاً -وفتذاك- ان لا تجاري تلك الدبلوماسية التحديات الأقليمية والدولية؛ لكن الصفدي العصامي الشرس أذهلني بحنكته، ورجولته، وخبرته، وتسلله الحصيف، وإبداعه في نقل دبلوماسية النِّد الواثقة الى كل المحافل والمنتديات بمنطق ينسجم مع المعايير الأخلاقية والقانونية في ميثاق الأمم المتحدة.
أيمن الصفدي حمل من المواقف الوطنية أنبلها، ومن الاحتراف ذروته وصفوته، ومن قراءة العقل الملكي جوهره، وتحدياته الجسام. ومارس أقصى حدود الممكن والمتاح في منظومة العلاقات الدولية التي تحتمل ضرورات الضِّد، وسلوك النِّد.
ميزة الصفدي أنه يدرك حدود السجال في المساحات الوطنية الآمنة التي تدرك مصالح الوطن، وقواعد اللياقة في إدارة الدولة، ويصدع للتوجيهات الملكية بسلوك الجندي الواثق اليقظ، وينجح في نقل مخاطر الغطرسة الإسرائيلية، وجرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني المرابط.
لا تربطني مع الصفدي علاقة مباشرة إلَّا في حدود المجاملة السياسية إبان أن كنت عاملاً في محراب الأمة -مجلس الأعيان- إلَّا أنني لا استتطع إخفاء مشاعري الوطنية الإستثنائية تجاه الرجل في مواقفه الكبيرة، واحترافه الدبلوماسي المميز تجاه الأزمة الأخيرة؛ مما جعله يحظى في نفسي بمكانة رفيعة تعكس تقديري الموصول لرجال الدولة الكبار.
    نيسان ـ نشر في 2023/11/18 الساعة 00:00