مئة عام على سايكس بيكو
نيسان ـ نشر في 2015/11/10 الساعة 00:00
حينما بدأ سلاطين الدولة العثمانية في بدايات القرن التاسع عشر يسقطون في فخ المظاهر والإسراف في بناء القصور والفساد الإداري وإحاطة أنفسهم بيهود الدونمة انصرفوا عن الجهاد والفتوحات بل حتى الحفاظ على ما تحت أيديهم من أراضي السلطنة التي كانت ممتدة على مساحات شاسعة في أوروبا وآسيا وإفريقيا.
وجاءت الحرب العالمية الأولى لتدق المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية العثمانية وهنا اجتمعت القوى الكبرى آنذاك بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية من أجل تقسيم تركة الرجل المريض كما كانت توصف فقامت فرنسا بتعيين قنصلها العام السابق في بيروت جورج بيكو مندوبا ساميا لمتابعة شؤون الشرق الأدنى حيث اجتمع مع نظيره البريطاني مارك سايكس بحضور مندوب عن القيصر الروسي وتم الاتفاق في مدينة بطرسبورغ الروسية في 16 مايو عام 1916 على تقسيم دول المنطقة على كل من بريطانيا وفرنسا حيث استولت فرنسا على سوريا ولبنان وبريطانيا على العراق وروسيا على الولايات الأرمنية في شرق تركيا وشمال كردستان مع تفاصيل أخرى كشف عنها حينما سقطت روسيا القيصرية وقامت الثورة الشيوعية في عام 1917.
وأثار الكشف عن الاتفاق ردود فعل واسعة آنذاك لكنه لم يغير شيئا من الواقع على الأرض وبعدما ورثت الولايات المتحدة كلا من بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية بقيت روسيا ودخلت ما يسمى بالحرب الباردة حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي، بعدها بدأ جو من الفوضى يسود المنطقة بلغ ذروته في الفترة التي نعيشها الآن.
دخلت أطراف عديدة إلى ساحات الصراع العسكري والسياسي وبرزت قوى جديدة كل منها يحاول أن ينتزع ما يستطيع من أراض لأنه يدرك أن يوما ما سيجلس الجميع على طاولة أطلال تلك الدول التي تدور بها هذه الحروب ليحصل على قطعة من الخراب حتى لو كانت أطلالا، الروس لا يريدون مغادرة منطقة المياه الدافئة والأميركان بدؤوا عصر الانكفاء وقوى جديدة إقليمية ودولية تحاول أن تملأ الفراغ ولعل الاجتماعات التي نشهدها في فيينا أو في غيرها من العواصم الغربية والتي تضم لاعبين إقليميين ودوليين سوف تفضي في النهاية ربما خلال عام أو عامين إلى اتفاقية جديدة تدخل التاريخ على غرار اتفاقية سايكس بيكو.
لكني أعتقد أن هذه الاتفاقية الجديدة ستكون أسوأ بمئات المرات لأنها سوف تقوم علي تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وإقامة عصر الدويلات وعودة حروب داحس والغبراء إلى أن يشاء الله.
نيسان ـ نشر في 2015/11/10 الساعة 00:00