تحزبوا.. لا تفشلوا وتذهب ريحكم

صابر العبادي
نيسان ـ نشر في 2024/01/22 الساعة 00:00
مشاعر الناس مهما ارتفعت وتسامت، تستمر أياماً أسابيع أو شهوراً، ثم تخبو وتغيب عن الشاشة الرئيسية في مخيلة الجميع، وتبرز بدلاً منها الحاجات اليومية والاهتمامات الشخصية، ما يجعل الإنسان يبتعد عن إنسانيتة التي من أهم مظاهرها الاجتماع الواعي على مصالح الجماعة وسياستها والدفاع عنها ضد أي معتدٍ..
وحتى تُستثمَر هذه المشاعر وتبقى متوهجة لا تخبو، لابد من وعاء يلم شتاتها ويحتفظ بها ويضمن استمرارها، ويحولها إلى فكر منتج واتجاهات تحرك سلوك الفرد والجماعة..
وهذا الوعاء في هذا الوقت هو التنظيم السياسي الذي يلم تبعثر الناس الذين يظهرون مشاعرهم الصادقة عند الملمات التي تعصف بالأمة، ثم يُسقَط بأيديهم ولا يستطيعون فعل شيء، لأنهم لا يجدون تنظيماً سياسياً يوجه قواهم للتصدي لكل ما يهدد الجماعة، وإن لم يكن التنظيم موجوداً، فسيلجأ الفرد إلى قوى أخرى يفرغ من خلالها ما يعتلج في قلبه وستكون هذه "المفرغات" تتبع لمن يريد السيطرة عليه لصالح أعدائه..
بعد العدوان الشنيع على الأمة "ممثلة بغزة" فإنه لزاماً على الجميع إعادة النظر في لملمة تبعثر العرب خاصة بعد تحققهم من أن النظام السياسي العربي "مقيد" ومختطف من القوى الكبرى، وليس لنا لإعادته إلا تنظيم الشباب ووضعهم أمام مسؤولياتهم لإيصال صوت الامة إلى العالم بالطرق المتاحة، حتى التحرر، والوقت مواتٍ الآن فشعوب العالم بدأت تتحرر من هيمنة الدول الشريرة.. وأن امتلاك زمام الأمور لا يكون إلا من خلال التنظيم السياسي الذي يجمع شباب الأمة، ونبذ غير ذلك من دعوات مرجئة، تدّعي أن الأمة في لحظة "غير واعية" سيُخلق لها شخص يقودها "يُصلَح" في ليلة ويلتف الناس حوله بقدرة قادر!! مع أن هذه الدعوات ما عادت تنطلي على أهل هذا الزمان، لأنها صُنعت لأهل القرن السابع والثامن الميلادي..
كل هذه الخزعبلات وضعتها قوى انتهازية اختطفت سلطان الأمة وحرفتها عن مسارها الذي أراده الله للبشرية، إلى أن استولت قوى الشر الغربية على الأرض، وأصبحت البشرية تعاني من الظلم والجور وضياع الحقوق، وحان الوقت عالمياً أن تمتلك الشعوب أمرها وتفرض رأيها.
محلياً.. ليس كل حزب يستطيع أن يوصل الأمة إلى مبتغاها، فالمخادعون كُثر، والأنظمة إذا كانت تريد الحرية والاستقلال!!، عليها دعم الأحزاب التي تعمل لصالح البلاد والعباد، لتكون لها داعماً في وجه تغول النظام الدولي عليها وعلى شعبها.. لذلك سأوجه كلامي لكل شخص واع عرف ما نحن فيه، عليك الاجتهاد، ومؤآزرة حزب تدعمه ليدعمك، حزباً يعبر عن رأيك ويحقق تطلعاتك للحرية، وليس حزباً يؤمّر عليك الباحثين عن مصالحهم الشخصية لصنع مجد ذاتي خاص بهم، اعمل للنهوض بواقع بلادك السياسي وإخراجها من التبعية والخنوع، إلى فضاء الحرية والاستقلال السياسي، وهذا لن يقوم به الباحثون عن الأضواء و العاملون للمجد الشخصي.
الشعوب الواعية هي التي تفرض إرادتها على دولها، وتمتلك زمام أمرها، لتغتنم الواقع الجديد الذي فرضته أحداث غزة، على العالم أجمع، وأحرجت دولاً عظمى وأثرت على قرارها، وهذه فرصة الشعوب العربية، لتنتزع حريتها، وتبني دولها الحرة، وهذا لن يحصل بالمشاعر والدعوات، بل بالتكاتف وبناء أحزاب قوية تفرض رأي الشعب على الداخل والخارج، وليست دكاكين تبيع المناصب على منتسبيها ليتعالوا على العامة بهيلمان الدولة المنحرف، وإن لم تكن أحزاب فعائلات وعشائر واعية تجمع أفرادها على المصلحة العامة تدافع عن كيانها وكيان الشعب، ولا تكون عشائر بلهاء يطقطق لها بالشنان عند كل انتخابات تفزع للبر والفاجر وتنكص عن الحق..!!

والمطلوب هو استعداد الشعوب من خلال التحزب الصحيح أو التجمع النافع لاستعادة سيادتها التي سلبت وجعلتها بلا قيمة، حتى أنها لا تستطيع فعل شيء إذا دهمها عدو سوى الدعاء إن سُمح لها!!، كما هو ظاهر في الأحداث غزة...
    نيسان ـ نشر في 2024/01/22 الساعة 00:00