روسي قائد للجيش الأوكراني

د.حسام العتوم
نيسان ـ نشر في 2024/02/13 الساعة 00:00
قبل حلول عامين على انطلاقة العملية الروسية الخاصة الإستباقية الدفاعية التحريرية تاريخ 24 / شباط / 2024 ، و التي تطلق عليها العاصمة ( كييف ) و عواصم الغرب مصطلح الحرب ، قرر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تغيير قائد جيش بلاده فجأة ، و ربما بالتشاور مع حليفه الاستراتيجي المعادي لروسيا مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، فجاء بالروسي الجنرال الكسندر سيرسكي ، مواليد قرية نوفينكي عام 1965 من وسط مقاطعة فلاديمير الروسية / السوفيتية والذي سبق له أن تخرج من مدرسة موسكو العليا العسكرية عام 1986 ، و تخرج أيضا من أكاديمية القوات المسلحة الأوكرانية ، و عمل قائدا للقوات البرية الأوكرانية ، قائدا للجيش الأوكراني ، خلفا لقائد الجيش الأوكراني السابق فاليري زالوجني الذي كانت تحوم الاشاعات حوله بأنه سيحل خليفة للرئيس زيلينسكي .
وبطبيعة الحال ، فإن القائد الجديد للجيش الأوكراني سيصبح محسوبا على تيار ( الناتو ) كما رئيسه الأعلى زيلينسكي ، وقائد الجيش الأوكراني السابق زالوجني الذي شارك كما زيلينسكي في جلسات علنية و سرية للناتو ، و الذي هو توجه أمريكا لأوكرانيا منذ عام 2008 كما أفصح عن ذلك رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين في مقابلة أجراها معه وسط قصر الكرملين الرئاسي الصحفي المشهور من قناة " اكس " تاكر كارلسون بتاريخ 8 / شباط / 2024 ، بينما رفضت أمريكا ادخال روسيا الى الناتو عام 2000 بهدف لجم الحرب الباردة و سباق التسلح ،و رفضت بعد ذلك اقتراح روسي لتشكيل منظومة دفاع مشتركة ( روسية – أمريكية – أوروبية ) . لنفس الهدف .
كان الاجدر بالرئيس زيلينسكي التوجه للسلام مع روسيا و التزام حياد بلاده أوكرانيا ، و قبول الحلول الوسطية عبر طاولة مفاوضات جديدة تفصل بين رسالة سيادة أوكرانيا على أراضيها و بين أهداف دول " الناتو " بعيدة المدى و التي تمثلت بالاجهاض على روسيا و تحقيق نصر عليها يصعب تحقيقه بسبب جبروت الدولة الروسية – القطب العملاق فوق النووي ، و لإمتلاكها الأحقية التاريخية في الاراضي الأوكرانية التي وصلت اليها مثل ( القرم ، و الدونباس – دونيتسك و لوغانسك . وزاباروجا و خيرسون ) .
و بسبب اعتقاد موسكو بأن " كييفسكايا روس " ملتصقة بتاريخ روسيا و الاتحاد السوفيتي ،وهي حقيقة ،و لا تسمح للغرب الأمريكي بنشر سلاح و قوات ( الناتو ) التابع لهم بالتمدد وسط الاراضي الأوكرانية و تجاه القرم . وهي ، أي روسيا ومنذ الزمن السوفيتي لم تسمح لأمريكا و للناتو بالهبوط في أفغانستان عام 1979 لنفس السبب .
يخطيء الرئيس زيلينسكي الاعتقاد بأنه اذا غير قائد الجيش سوف يتحقق له و لبلاده التي لم يعد يسيطر على نصفها النصر ، و القدوم بقائد روسي عارف بالطاولة الرملية لمعركة خلف الحدود الروسية لن يغير شيئا و لن يوصل لنتيجة مرضية حتى للتحالف الغربي الأمريكي المهووس بالأزمات و الحروب مثل الأوكرانية و غزة و يقدمهن على السلام و التنمية الشاملة . و لقد قالها الرئيس بوتين للتو ، ماذا هي فاعلة هنا أمريكا وسط أوكرانيا عن طريق اسناد " كييف " في حربها مع روسيا ؟ اوليس لأمريكا مشاكلا داخلية للتفرغ لها ؟ وفي المقابل لقد امتهنت أمريكا – الولايات المتحدة الأمريكية الحرب بين أوكرانيا " كييف " و بين روسيا بحجة الدفاع عن سيادة أوكرانيا و هو محض كذب و خديعة .
وأثبت الغرب عدم قدرته على تحقيق نصر غير مباشر على روسيا رغم مرور قرابة عامين على احتدام المعارك على الحدود الروسية – الأوكرانية ، و لم تحقق مسيراتهم الهدف غير ازعاج مواطني روسيا الكارهين و الناقدين لهم . ولقد صرفت خزائن الغرب أكثر من مئتي مليار دولار على الحرب و فتحت باب الصرف المالي على حرب أخرى مثل غزة ، و النتيجة في الحربين ليست لصالح الغرب أكيد ، وروسيا صامدة لا تتزحزح للخلف بل تتقدم ، و حماس منتصرة يصعب هزيمتها وهي أيدولوجيا أكثر من مجرد حركة تحرر عربية فلسطينية . وهي كما روسيا ليست ارهابية حسب التفسير الغربي . ومن يقتل أو يستشهد يسجل على عاتق الغرب من دون ادنى شك . و التاريخ المعاصر يسجل .
لقد انسحب زيلينسكي مبكرا من الحوار مع موسكو ، و أعلن اغلاق كل خطوط الاتصال معها ، و أفشل اتفاقية " مينسك " الضامنة لسيادة أوكرانيا بعد اشتراك روسيا و أوكرانيا و بيلاروسيا و فرنسا و المانيا فيها ، وابتعد عن توقيع سلام أوكراني – روسي في تركيا ، و استمر يطالب بسلام مع روسيا بشروط تعيد المحرر الى ما قبل العملية الروسية الخاصة / الحرب ، وهو المستحيل تحقيقه على الأرض ،و راهن وواشنطن و عواصم الغرب على حرب خاسرة ، و سوف تستمر خاسرة ، و بإمكانها أن تتوقف اذا ما رفعت أمريكا يدها عنها ، وقالها الرئيس بوتين للصحفي الأمريكي كارسلون بأن الحرب سوف تنتهي في غضون أسابيع اذا ما تم فصل رأسها الأمريكي عنها .
لا يرغب الرئيس زيلينسكي و معه كل رؤساء الغرب وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن الأصغاء للمواد القانونية التي دفعت بروسيا الاتحادية للتصدي للحرب الأوكرانية ومع ( الناتو ) بالوكالة التي فرضت عليها ولم تختارها ، و ذهبوا معا لكيل الاتهامات لروسيا و لنعت رئيسها المنتخب بوتين بألقاب نابية ، ومن يتابع شؤون الحرب يعرف بإن اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي لم تسمح للدول المستقلة عقد تحالفات معادية ،وهو ما فعلته أوكرانيا " كييف " ، و بأن مادة ميثاق الأمم المتحدة 751 أذنت للدول المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، لكنه تقرر في " كييف " و في عواصم الغرب قلب الحقيقة و تو جيه تهمة الاحتلال لروسيا من غير وجه حق .
لقد انتقد دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي تعيين الجنرال الروسي الكسندر قائدا للجيش الأوكراني ،و على اعتبار أنه يعرف بخصوصية العقيدة العسكرية الروسية ،وهو الذي رمى نفسه بأحضان التيار البنديري المتطرف المعادي لبلاده روسيا ، واصفا تعيينه بغير المقبول أخلاقيا ، و بأنه لن يتمكن من تحقيق الفرق أو الانتصار مع دولة عظمى مثل روسيا تعتبر الحرب الأوكرانية مجرد عملية خاصة ، و الأوكران اخوة و جيران ، و رفض تطويرها لحرب أهلية وسط المكون الروسي الأوكراني الشعبي الأقرب في المنظمومة السوفيتية السابقة ، و السلافية كذلك . و شخصيا اضرب مثلا بمعظم الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي التي تقيم علاقات صداقة استراتيجية مع روسيا الاتحادية ، و تعيش استقلالها بحرية كاملة .
يبقى المخرج الوحيد لإنهاء العملية "الحرب الروسية – الأوكرانية" و مع الناتو بالوكالة هو ابعاد أمريكا و الغرب عنها كما يطالب الرئيس الروسي بوتين بذلك ، و حياد أوكرانيا ( كييف ) ، و عودتها لعلاقلات دافئة مع موسكو جارة التاريخ ، و هو الأمر الذي يصعب تصوره ببقاء زيلينسكي متمسكا في السلطة ، و تحريك صناديق الاقتراع في ( كييف ) يشكل مظهرا هاما لحل قضية أوكرانيا و أزمتها السياسية و العسكرية . وكلنا نعرف بأن أقاليم شرق و جنوب أوكرانيا صوتت لصالح الانضمام لروسيا ، وهو لم يأت من فراغ .
    نيسان ـ نشر في 2024/02/13 الساعة 00:00