نهاية رجل شجاع سيبقى في الذاكرة
نيسان ـ نشر في 2024/02/28 الساعة 00:00
علي سعادة
مغردون يصفونه بـ"بوعزيزي أميركا" تشبيها بالشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي إضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد بتونس عام 2011 وهو ما فجر "الربيع العربي" في عام 2011.
"بوعزيزي أميركا" لم يكن يدري أنه سيصبح أيقونة فلسطينية وعالمية في اقل من 24 ساعة حين أضرم النار في نفسه خارج مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجا على حرب الإبادة في غزة.
وقف أمام بوابات السفارة الإسرائيلية بواشنطن، ثم وضع هاتفه جانبا ليتصور وهو يغمر نفسه بسائل شفاف من زجاجة معدنية، ثم أشعل النار في نفسه وهو يصرخ: "فلسطين حرة" حتى سقط على الأرض، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد 7 ساعات من الحادث في المستشفى نتيجة إصابته بحروق بليغة.
آرون بوشنل المولود عام 1999، في مدينة سان أنطونيو، بولاية تكساس الأميركية، التحق بالمدارس العامة في ماساتشوستس، وحصل على شهادة في الأمن السيبراني في عام 2020 من جامعة ميريلاند.
عمل أخصائيا في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في شركة "الباراكليت برس" بين عامي 2015 و2017.
ويذكر حسابه الشخصي على موقع "لينكد إن" مشاركته في تلقي تدريب أساسي وفني في القوات الجوية الأمريكية لمدة 7 أشهر، ومراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.
وكان بوشنل يعمل مهندسا في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأمريكية، وتخصص في عمليات الدفاع الإلكتروني والدعم الاستخباراتي بـ"القاعدة 531 " في "سان أنطونيو لاكلاند" المشتركة في تكساس.
وأصبح عضوا نشطا في القوات الجوية في عام 2020، وكان قد كتب على "لينكد إن" أنه يتطلع للانتقال من سلاح الجو الأميركي إلى هندسة البرمجيات.
وكان يسعى للحصول على بكالوريوس العلوم في هندسة البرمجيات من جامعة "نيو هامبشير".
وذكرت صحيفة "ستارز آند سترايبس" العسكرية أنه كان أحد أبرز جنود القوات الجوية، وأنه انتقل إلى أوهايو مطلع عام 2024 لحضور دورة لأفراد الخدمة الذين ينتقلون من الجيش.
وقال صديق آخر له إنه بحلول عام 2024، أصبح بوشنل أكثر انفتاحا بشأن اعتراضاته على الجيش، ففي أعقاب مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس عام 2020، أخبره بوشنل أنه بدأ البحث في تاريخ الولايات المتحدة وأراد اتخاذ موقف ضد جميع أعمال العنف التي تقرها الدولة.
وقال أيضا إن بوشنل فكر في ترك الجيش مبكرا، لكنه قرر أنه قريب بما يكفي من نهاية خدمته المطلوبة، فقد كان من المقرر مغادرته الجيش في أيار/مايو القادم.
وقال أصدقاء آخرون له إنهم تحدثوا مع بوشنل عن الفلسطينيين، وتقاسموا معه نفورهم المشترك من دور الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكنه لم يعبر لهم عن أي مؤشر على ما كان يخطط له .
ووفق حسابه على منصة "فيسبوك"، فإن بوشنل يتابع صفحة مجتمع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" التي تأسست في جامعة "ولاية كينت".
وأنه كان يعتزم العثور على وظيفة تسمح له بكسب ما يكفيه من المال ليعيش وينخرط في النشاط السياسي.
ودون توقع من أحد، وعلى وقع جرائم الاحتلال غير المسبوقة في التاريخ توجه بوشنل إلى السفارة الإسرائيلية في حي 3500 من الطريق الدولي قبل الساعة الواحدة ظهرا بقليل يوم الأحد، وبدأ بث مباشر على منصة البث المرئي الحي "تويتش" المملوكة لشركة "أمازون".
بوشنل الذي كان يرتدي الزي العسكري في التسجيل المصور، كان يتحدث بهدوء تام إلى الكاميرا: "اسمي آرون بوشنل، وأنا عضو نشط في القوات الجوية الأميركية ولن أكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية"، مضيفا "أنا على وشك المشاركة في عمل احتجاجي متطرف، ولكن مقارنة بما شهده الناس في فلسطين على أيدي الإسرائيليين، فهو ليس متطرفا على الإطلاق". وبعد ذلك سكب على نفسه سائلا شفافا وأضرم النار في جسده وهو يصرخ "فلسطين حرة" مرارا وتكرارا وهو يحترق إلى أن انهار في النهاية.
وفي حين شاهد الفيديو الأصلي 6 أشخاص على الهواء مباشرة، وفقا لمنصات تحليلات البث المباشر، فقد حصدت نسخه المنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي مئات الآلاف من المشاهدات.
وتم نشر أكثر من 80 نسخة من الفيديو تحت اسم بوشنيل على منصة "إكس"، في ساعات قليلة محدثا ضجة عالمية على جميع المنصات.
ويذكر أن بوشنل ليس أول مواطن أميركي يحرق نفسه احتجاجا على ما يحدث في غزة، ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي سبقه شخص أشعل النار في جسده أمام القنصلية الإسرائيلية في مدينة أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا الأميركية لكنه لم يثير ضجة مثل بوشنل ربما لأنه ليس جزءا من المؤسسة العسكرية الأمريكية.
وأعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منشور على "تليجرام" عن "تعازينا القلبية وتضامننا الكامل مع عائلة وأصدقاء الجندي الأميركي"، الذي قالت إنه "خلد اسمه مدافعا عن القيم الإنسانية ومحنة الشعب الفلسطيني المضطهد من قبل الإدارة الأميركية وسياساتها الظالمة".
وعلقت السياسية الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي قائلة: "آرون بوشنل. نحن نراك. نحن نعرف اسمك. نحن نقدر تضحياتك النهائية. كلماتك الأخيرة "فلسطين حرة" التي نطقتها بألم وقناعة يتردد صداها في قلوب وعقول جميع الذين يشاركونك قيمك ويقدرون روحك. فلسطين تحبك وتحزن على فراقك."
إحراق بوشنل لنفسه جاء على وقع تزايد الاحتجاجات في الولايات المتحدة ضد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واستشهاد وإصابة نحو 100 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية وحقوقية، الأمر الذي أدى إلى جر دولة الاحتلال المارقة إلى محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".
وتسببت حرب الدولة المارقة على قطاع غزة باندلاع احتجاجات وتظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، ووفق صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الاحتجاجات ضد الاحتلال باتت حدثا شبه يومي في الولايات المتحدة منذ أن بدء الحرب على غزة.
وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية مثل طريق لوس أنجلوس السريع، واقتحموا الكونجرس، وعطلوا خطب وشهادات مسؤولي إدارة بايدن، احتجاجا على موقف البيت الأبيض الذي يدعم هذه الحرب بالأسلحة والأموال والحماية السياسية في مجلس الأمن والمؤسسات الحقوقية.
حرب غزة لم تكشف فقط أن من يحتل فلسطين هم عصابة مارقة ومجموعة من السيكوباثيين والقمامة، وإنما كشفت الغطاء عن أمريكا وعن جرائمها في القرن الماضي في العراق وأفغنستان وفيتنام وغيرها، كشفت عن حقيقة هذه الدولة التي تؤدي دور الفتوة وفارض الأتوات.
بوشنل عرى وفضح القيم الأمريكية والنفاق الأمريكي الرسمي، الذي يتباكى على أوكرانيا وعلى معارض روسي مات في السجن، بينما يدافع ويدعم جرائم حرب تبث على الهواء مباشرة، وستدفع إدارة بايدن ثمن هذا التواطؤ، خصوصا وأن أصداء حرق بوشنل تتصاعد في العالم بشكل جارف، وخاصة داخل المجتمع الأمريكي وفي المجتمعات العربية.
وحين أحرق بوشنل نفسه فقد طهرها من رجس أمريكا وجرائمها، وتبرأ من كل أكاذيبها وأسقط القناع عن القناع.
جيل الشباب، جيل زد، جيل الألفية الذي أوصل بايدن إلى البيت الأبيض في الانتخابات السابقة بدأ يتخلى عنه، وتقول عدة استطلاعات أن بادين بات في طريقه لخسارة الانتخابات طالما بقي يدافع عن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الذي يخوض حربا شخصية ضد الإنسانية.
بوشنل بإحراق نفسه أحيا ضمائر الأميركيين وتذكيرهم بكل المبادئ والقيم الإنسانية التي كانت تتغنى بها أميركا، والتي أصبحت ضحية إدارة بايدن والفيتو الأميركي والسير بكل ذل وخنوع وراء عصابة مارقة في تل ابيب.
أرون بوشنل كان يفيض بالطيبة والإنسانية وسبق له أن تطوع لدعم المشردين في سان أنطونيو، وكان يشتري لهم البطانيات والسترات الصوفية والوجبات الخفيفة، وأوصى جاره بالاعتناء بقطته بعد وفاته.
سيبقى بوشنل والناشطة الأمريكية راشيل كوري التي دافعت عن فلسطين فدهستها جرافة صهيونية بشكل متعمد، في الذاكرة الوطنية الفلسطينية والعالمية أيقونات بطولية وشجاعة، قامت بأعمال ستخلدها الإنسانية.
هل سيشعل بوشنل رايات الحرية لفلسطين، وسيكون الصدمة التي ستوقظ العالم بأسره على ما يجري في غزة، هل سيكون ثمة ربيع عالمي خصوصا وأننا على أبواب الربيع؟!
رحل رجل طيب وشجاع قدم روحه في سبيل قضية شعب يبعد عنه آلاف الكيلومترات، لكنه لم ينسى إنسانيته، بينما يلتزم الصمت ذوي القربى الواقفين على معابر وعلى حدود الدم الفلسطيني.
مغردون يصفونه بـ"بوعزيزي أميركا" تشبيها بالشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي إضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد بتونس عام 2011 وهو ما فجر "الربيع العربي" في عام 2011.
"بوعزيزي أميركا" لم يكن يدري أنه سيصبح أيقونة فلسطينية وعالمية في اقل من 24 ساعة حين أضرم النار في نفسه خارج مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجا على حرب الإبادة في غزة.
وقف أمام بوابات السفارة الإسرائيلية بواشنطن، ثم وضع هاتفه جانبا ليتصور وهو يغمر نفسه بسائل شفاف من زجاجة معدنية، ثم أشعل النار في نفسه وهو يصرخ: "فلسطين حرة" حتى سقط على الأرض، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد 7 ساعات من الحادث في المستشفى نتيجة إصابته بحروق بليغة.
آرون بوشنل المولود عام 1999، في مدينة سان أنطونيو، بولاية تكساس الأميركية، التحق بالمدارس العامة في ماساتشوستس، وحصل على شهادة في الأمن السيبراني في عام 2020 من جامعة ميريلاند.
عمل أخصائيا في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في شركة "الباراكليت برس" بين عامي 2015 و2017.
ويذكر حسابه الشخصي على موقع "لينكد إن" مشاركته في تلقي تدريب أساسي وفني في القوات الجوية الأمريكية لمدة 7 أشهر، ومراقبة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.
وكان بوشنل يعمل مهندسا في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأمريكية، وتخصص في عمليات الدفاع الإلكتروني والدعم الاستخباراتي بـ"القاعدة 531 " في "سان أنطونيو لاكلاند" المشتركة في تكساس.
وأصبح عضوا نشطا في القوات الجوية في عام 2020، وكان قد كتب على "لينكد إن" أنه يتطلع للانتقال من سلاح الجو الأميركي إلى هندسة البرمجيات.
وكان يسعى للحصول على بكالوريوس العلوم في هندسة البرمجيات من جامعة "نيو هامبشير".
وذكرت صحيفة "ستارز آند سترايبس" العسكرية أنه كان أحد أبرز جنود القوات الجوية، وأنه انتقل إلى أوهايو مطلع عام 2024 لحضور دورة لأفراد الخدمة الذين ينتقلون من الجيش.
وقال صديق آخر له إنه بحلول عام 2024، أصبح بوشنل أكثر انفتاحا بشأن اعتراضاته على الجيش، ففي أعقاب مقتل الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس عام 2020، أخبره بوشنل أنه بدأ البحث في تاريخ الولايات المتحدة وأراد اتخاذ موقف ضد جميع أعمال العنف التي تقرها الدولة.
وقال أيضا إن بوشنل فكر في ترك الجيش مبكرا، لكنه قرر أنه قريب بما يكفي من نهاية خدمته المطلوبة، فقد كان من المقرر مغادرته الجيش في أيار/مايو القادم.
وقال أصدقاء آخرون له إنهم تحدثوا مع بوشنل عن الفلسطينيين، وتقاسموا معه نفورهم المشترك من دور الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكنه لم يعبر لهم عن أي مؤشر على ما كان يخطط له .
ووفق حسابه على منصة "فيسبوك"، فإن بوشنل يتابع صفحة مجتمع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" التي تأسست في جامعة "ولاية كينت".
وأنه كان يعتزم العثور على وظيفة تسمح له بكسب ما يكفيه من المال ليعيش وينخرط في النشاط السياسي.
ودون توقع من أحد، وعلى وقع جرائم الاحتلال غير المسبوقة في التاريخ توجه بوشنل إلى السفارة الإسرائيلية في حي 3500 من الطريق الدولي قبل الساعة الواحدة ظهرا بقليل يوم الأحد، وبدأ بث مباشر على منصة البث المرئي الحي "تويتش" المملوكة لشركة "أمازون".
بوشنل الذي كان يرتدي الزي العسكري في التسجيل المصور، كان يتحدث بهدوء تام إلى الكاميرا: "اسمي آرون بوشنل، وأنا عضو نشط في القوات الجوية الأميركية ولن أكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية"، مضيفا "أنا على وشك المشاركة في عمل احتجاجي متطرف، ولكن مقارنة بما شهده الناس في فلسطين على أيدي الإسرائيليين، فهو ليس متطرفا على الإطلاق". وبعد ذلك سكب على نفسه سائلا شفافا وأضرم النار في جسده وهو يصرخ "فلسطين حرة" مرارا وتكرارا وهو يحترق إلى أن انهار في النهاية.
وفي حين شاهد الفيديو الأصلي 6 أشخاص على الهواء مباشرة، وفقا لمنصات تحليلات البث المباشر، فقد حصدت نسخه المنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي مئات الآلاف من المشاهدات.
وتم نشر أكثر من 80 نسخة من الفيديو تحت اسم بوشنيل على منصة "إكس"، في ساعات قليلة محدثا ضجة عالمية على جميع المنصات.
ويذكر أن بوشنل ليس أول مواطن أميركي يحرق نفسه احتجاجا على ما يحدث في غزة، ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي سبقه شخص أشعل النار في جسده أمام القنصلية الإسرائيلية في مدينة أتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا الأميركية لكنه لم يثير ضجة مثل بوشنل ربما لأنه ليس جزءا من المؤسسة العسكرية الأمريكية.
وأعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منشور على "تليجرام" عن "تعازينا القلبية وتضامننا الكامل مع عائلة وأصدقاء الجندي الأميركي"، الذي قالت إنه "خلد اسمه مدافعا عن القيم الإنسانية ومحنة الشعب الفلسطيني المضطهد من قبل الإدارة الأميركية وسياساتها الظالمة".
وعلقت السياسية الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي قائلة: "آرون بوشنل. نحن نراك. نحن نعرف اسمك. نحن نقدر تضحياتك النهائية. كلماتك الأخيرة "فلسطين حرة" التي نطقتها بألم وقناعة يتردد صداها في قلوب وعقول جميع الذين يشاركونك قيمك ويقدرون روحك. فلسطين تحبك وتحزن على فراقك."
إحراق بوشنل لنفسه جاء على وقع تزايد الاحتجاجات في الولايات المتحدة ضد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واستشهاد وإصابة نحو 100 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية وحقوقية، الأمر الذي أدى إلى جر دولة الاحتلال المارقة إلى محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".
وتسببت حرب الدولة المارقة على قطاع غزة باندلاع احتجاجات وتظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، ووفق صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن الاحتجاجات ضد الاحتلال باتت حدثا شبه يومي في الولايات المتحدة منذ أن بدء الحرب على غزة.
وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية مثل طريق لوس أنجلوس السريع، واقتحموا الكونجرس، وعطلوا خطب وشهادات مسؤولي إدارة بايدن، احتجاجا على موقف البيت الأبيض الذي يدعم هذه الحرب بالأسلحة والأموال والحماية السياسية في مجلس الأمن والمؤسسات الحقوقية.
حرب غزة لم تكشف فقط أن من يحتل فلسطين هم عصابة مارقة ومجموعة من السيكوباثيين والقمامة، وإنما كشفت الغطاء عن أمريكا وعن جرائمها في القرن الماضي في العراق وأفغنستان وفيتنام وغيرها، كشفت عن حقيقة هذه الدولة التي تؤدي دور الفتوة وفارض الأتوات.
بوشنل عرى وفضح القيم الأمريكية والنفاق الأمريكي الرسمي، الذي يتباكى على أوكرانيا وعلى معارض روسي مات في السجن، بينما يدافع ويدعم جرائم حرب تبث على الهواء مباشرة، وستدفع إدارة بايدن ثمن هذا التواطؤ، خصوصا وأن أصداء حرق بوشنل تتصاعد في العالم بشكل جارف، وخاصة داخل المجتمع الأمريكي وفي المجتمعات العربية.
وحين أحرق بوشنل نفسه فقد طهرها من رجس أمريكا وجرائمها، وتبرأ من كل أكاذيبها وأسقط القناع عن القناع.
جيل الشباب، جيل زد، جيل الألفية الذي أوصل بايدن إلى البيت الأبيض في الانتخابات السابقة بدأ يتخلى عنه، وتقول عدة استطلاعات أن بادين بات في طريقه لخسارة الانتخابات طالما بقي يدافع عن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الذي يخوض حربا شخصية ضد الإنسانية.
بوشنل بإحراق نفسه أحيا ضمائر الأميركيين وتذكيرهم بكل المبادئ والقيم الإنسانية التي كانت تتغنى بها أميركا، والتي أصبحت ضحية إدارة بايدن والفيتو الأميركي والسير بكل ذل وخنوع وراء عصابة مارقة في تل ابيب.
أرون بوشنل كان يفيض بالطيبة والإنسانية وسبق له أن تطوع لدعم المشردين في سان أنطونيو، وكان يشتري لهم البطانيات والسترات الصوفية والوجبات الخفيفة، وأوصى جاره بالاعتناء بقطته بعد وفاته.
سيبقى بوشنل والناشطة الأمريكية راشيل كوري التي دافعت عن فلسطين فدهستها جرافة صهيونية بشكل متعمد، في الذاكرة الوطنية الفلسطينية والعالمية أيقونات بطولية وشجاعة، قامت بأعمال ستخلدها الإنسانية.
هل سيشعل بوشنل رايات الحرية لفلسطين، وسيكون الصدمة التي ستوقظ العالم بأسره على ما يجري في غزة، هل سيكون ثمة ربيع عالمي خصوصا وأننا على أبواب الربيع؟!
رحل رجل طيب وشجاع قدم روحه في سبيل قضية شعب يبعد عنه آلاف الكيلومترات، لكنه لم ينسى إنسانيته، بينما يلتزم الصمت ذوي القربى الواقفين على معابر وعلى حدود الدم الفلسطيني.
نيسان ـ نشر في 2024/02/28 الساعة 00:00