عندما تنهزم الشعوب

صابر العبادي
نيسان ـ نشر في 2024/04/29 الساعة 00:00
قد تحتل قوى الظلم بلاداً وتقيم فيها زمناً طويلاً، لكنها لا تستطيع قهر الشعوب الحرة إذا تمسكت بحريتها وكرامتها، وتظل الشعوب الحرة تناضل حتى تستعيد حريتها وكرامتها وأرضها..
الشعوب المقهورة هي التي تُظهر العجز والتخاذل وتُقر بواقع الاحتلال، وبدل أن ترفض سيطرة المحتل، ترضخ له وتعمل تحت رايته خوفاً وطمعاً، والأمة التي تقع في هذه المصيدة،
تظهر عليها علامات تدل على وقوعها تحت نير الاحتلال، ومن العلامات التي نحن بصددها وأشد العلامات قسوة هي أن الأفراد الانتهازيون يتطلعون إلى الاستحواذ على المكاسب الشخصية من خلال عرض خدماتهم على الاحتلال، فيقربه المحتل ويسوده على الناس، حتى يكون يده التي يبطش بها، وهذا النوع من المتسلقين ما هو إلا خنجر في رقبة الوطن، يشله ويسلمه للمحتل.
هذه الفئة إذا تفشت في أي مجتمع تفككه، حتى يفقد روح الجماعة وتغيب المصلحة العامة، ويعود كل شخص إلى نفسه يدور حولها، يحاول التسلق إلى طموحه الشخصي فقط بغض النظر عن الوسيلة، ودون اعتبار للشأن العام، ويحاول اللعب على الجماعة المفككة البسيطة، ويتاجر بالوطن عند المحتل ليصل إلى طموحه الذاتي، ويكون هذا الشخص حينها خلية فاسدة في الجسم العام ما تلبث أن تكون سرطاناً تفتك بالبلد عن طريق العمل عند كل من يريد الشر والتعدي على البلد وسلب خيراته واستبعاد أهله..
في هذا الوضع الموبوء تنتشر هذه فئة التي تملكها هاجس الحصول على منصب بأي ثمن، وهم الأفراد الذين أصيبوا في مناعتهم الوطنية، فما عادوا يعرفون معنى الوطن، ولا كيفية الدفاع عنه والنهوض به، فمصلحتهم الشخصية هي المسيطرة عليهم، وفي هذه الحالة تكون مناعتهم في أدنى مستوياتها، ويكونون عرضة للفايروسات، التي يطلقها الاحتلال، فتصبح أجسامهم تنقاد للمحتل وهي راضية وتعتبر هذا الانقياد فخر لها على باقي الشعب المقهور، كونها تتمتع بحماية الاحتلال..
إذا انهزمت الدول وسلمت أمرها لمحتلها، ونامت الشعوب في الفرقة والتناحر على المكاسب الفردية التي يلقيها لها المحتل بين الفينة والأخرى، وصار المتزلفون و المنافقون والأفاكون الأنانيون الذين لا يؤمنون إلا بغرائزهم هم الواجهة للبلد وهم أهل الحل والعقد، وهم من يقصدهم الناس المضطهدون للحصول على الفتات من حقوقهم، فقد انهزمت الشعوب وتمكن المحتل من البلاد والعباد!!.
ما سبق يحصل في البلاد المحتلة احتلالاً مباشراً، لكن خطورة هذه الفئة أنها تعمل بحريتها في البلاد التي ترزح تحت الاحتلال غير المباشر، وتخدع الناس بأن الحكم لأهل الارض والدولة دولتهم وهي تقوم بعمل يصب في مصلحة البلد، ولكن الحقيقة أنها تلعب دور العميل للاحتلال، وتظن أنها تحسن صنعاً، فإذا دعاهم محتلهم إلى مكسب يسخرهم لينجزوه له لا لهم، يذهبون إليه سراعاً يتزاحمون.."..كأنهم إلى نُصُبٍ يوفضون.."..!!.
    نيسان ـ نشر في 2024/04/29 الساعة 00:00