عمال 'ديلفري' محرم عليهم دخول مستشفيات!

محمود خطاطبة
نيسان ـ نشر في 2024/05/07 الساعة 00:00
يُحدثني صديق لي عن قصة حدثت، قبل أيام، مع فلذة كبده (حسام)، الذي ساءت ظروفه الاقتصادية، وفقد باب رزقه وأسرته، خصوصا بعيد جائحة كورونا، إذ تم على إثرها الاستغناء عن خدماته ومجموعة من الموظفين، حيث كان يعمل في شركة متخصصة بصيانة هياكل طيران، لمدة 17 عامًا.
ومنذ ذلك الوقت، وهو يبحث عن عمل، يعتاش منه وأفراد عائلته، لكن بلا جدوى، وكأنه يبحث عن سراب، إلى أن استقر به المقام، كعامل توصيل طلبات (ديلفري).
صديقي يحدثني، بأن فلذة كبده (حسام) الذي يعمل في توصيل الطلبات، ذهب للاطمئنان على صحة شقيقة له في أحد المستشفيات الخاصة، بعد أن وهبها رب العالمين توأمين.. ليتفاجأ حسام عند عبوره بوابة ذلك المستشفى، بصوت عال ينادي عليه، مصدره رجل الأمن التابع للمستشفى نفسه، قائلًا له «ممنوع دخول عمال توصيل الطلبات».
وبعد مشادة كلامية بين حسام ورجل «أمن المستشفى»، عاد حسام يجر أذيال الخيبة، وفي حلقه غصة، وفي قلبه هم وحزن، لعدم قدرته على الاطمئنان على صحة شقيقته، وهو يرتدي لباس العمل، الذي يعتاش منه وأسرته.
للقارئ أن يتخيل إلى أي درجة من الحضيض وصل الأمر في هذا الوطن، فهل بات من المحرمات أو الموبقات بأن يتم منع رجل «الديلفري» من دخول مستشفى، وهو يرتدي لباس العمل؟.. تلك صورة توحي بأن ذلك المستشفى أصبح عبارة عن منتجع سياحي، يتم فرض رسوم على كل من يريد دخوله، أو محرم على أناس ومحلل لآخرين.
ثم لنفرض أن هناك مريضا يرقد على سرير الشفاء في أحد المستشفيات الخاصة، ومعه مرافق، يريد أن يأكل وجبة طعام، فما المانع من إيصال الطعام إلى المرافق عن طريق «الديلفري»؟
الأصل، احترام كل المهن، فالعامل، أيا كان عمله، له حقوق وعليه واجبات، من حقه زيارة أشقائه أو أقاربه أو أصدقائه الذين يرقدون على أسرة المستشفيات للعلاج.. لا أحد يملك الحق في منع مواطن والسماح لآخر، من زيارة مريض، ما دام يلتزم بالقوانين والتعليمات والأنظمة.
يبدو أننا وصلنا في هذا البلد إلى مرحلة من التمييز، لم يسبقنا إليها أحد، وكأننا «سابقون» في مجال التفريق بين مهنة وأخرى.. وهل يوجد تعليمات في أي مستشفى خاص تجبر زائري المرضى على ارتداء زي معين؟، أم أن أنظمتها تمنع أصحاب مهن شريفة طاهرة، يرتدون لباسا مخصصا، من دخول صروحها، التي وجدت بالأصل، لمعالجة المرضى وتخفيف آلامهم وأوجاعهم.. لكن يبدو أن العكس هو الصحيح تماما.
الأمل ألا يصل مجتمعنا إلى درجة يقمع معها كل مجتهد، يعمل ويكسب من «عرق جبينه»!
(الغد)
    نيسان ـ نشر في 2024/05/07 الساعة 00:00