في تشوه السياقات والمفاهيم
نيسان ـ نشر في 2024/05/20 الساعة 00:00
وسائل التواصل الاجتماعي، بخوارزميتها الأردنية، كانت توفر لي متابعة جيدة لانتخابات رابطة الكتاب الأردنيين، والتي كانت معركتها تدور بين تيارين: تيار يرى نفسه قوميا ويؤمن بالدولة الأردنية، وتيار قائم على تحالف بين تيارين وضع غزة والمقاومة عنوانا له فوق الدولة الأردنية.
هذا كله في مدارات انتخابية لانتخاب من يمثل "رابطة" للكتاب الأردنيين!
وللتوضيح حتى لا تبدأ عمليات الصيد في المياه العكرة، أنا أحمل احتراما شديدا لكلا المرشحين الرئيسين، أحدهما بيني وبينه معرفة شخصية وعلى كامل اختلافي مع خطه السياسي، إلا أنه كان جزءا مهما من عملية تثقيفي وتعليمي في مراحل تطور شخصيتي، والآخر شخصية محترمة في تاريخ البنية الثقافية للدولة لها بصماتها على هذا البناء الذي نسميه "دولة".
لكن مجمل حديثي يتعلق بالسياقات الخاطئة التي ما تزال تسيطر على المشهد والمفاهيم المشوهة التي ما تزال تزداد تشوها.
مفاتيح الفهم عندي تبدأ من تفكيك الحالة إلى أصولها، هذه رابطة بين الكتاب على شكل مؤسسة مسجلة بقانون ينظمها ترعاه الدولة "افتراضا". وهذا يعني أنها "تقريبا" مؤسسة معنية بمصالح مهنة "الكاتب". أقرب كسر عشري لتكون "نقابة" مهنية، لكنها ليست كذلك! رغم أنها تعرف نفسها كتنظيم نقابي تأسس العام 1974.
هي جمعية تجمع أدباء ومثقفين ومبدعين في الحالة الأدبية تحديدا، ارتباطهم العضوي يجب أن يكون مع وزارة الثقافة، والانتساب إليها له متطلبات ليست معقدة كثيرا.
السياقات تفترض أنها "تنظيم مهني"، وهذا يفترض بالتتابع المنطقي أنها معنية بمصالح أهل "الكار" من الكتاب في معيشتهم وأرزاقهم ومصالحهم، لتكون الرابطة "مثل النقابات" جماعة مصالح وضغط تبحث عن مصالح منتسبيها وتصنع الضغط اللازم لتحقيق تلك المصالح.
لكن المفاهيم مشوهة، والسياقات لا تستقيم مع التشوه الذي يحدث، فلا أحد يعرف بالضبط من هو الكاتب وكيف يمكن أن تكون الكتابة "مهنة" والرابطة ومن خلال انتخاباتها "الآن وقبل ذلك" لا تبحث عن مصالح الكتاب والمهنة وعملها ونشاطها دوما يحاول اقتحام السياسة تحديدا.
وهذا بالمجمل واقع أردني مشوه في مجمل العمل النقابي في الأردن، فالنقابات -مع غياب العمل الحزبي لسنوات طويلة- حاولت ملء الفراغ الشاسع فتركت مصالح أهل الكار المعنية بهم، وبحثت عن موطئ قدم لها في أي عمل سياسي، فكانت الاختراقات "الحزبية" من الخارج قادرة على تحويل تلك التجمعات المهنية إلى مسارح استعراض مليئة بالضجيج السياسي والمعارض غالبا.
أنا لست عضوا بالرابطة، رغم أني كاتب "صحفي"، وأتساءل إن كنت أصدرت عملا أدبيا "وهو مشروع شخصي لرواية أكتبها"، فهل ستحمي الرابطة حقوقي ككاتب ينشر عمله الأدبي؟
هل ستجيب عن مخاوفي من عملية النشر "وهي عملية تحتاج تنظيما في الأردن" وما بعد النشر لحماية حقوقي ككاتب؟
أليست تلك أولويات أكثر أهمية للرابطة ومنتسبيها ومصالحهم التي لا يبحث عنها أحد؟
والأهم: أليس هناك تعريف مؤطر وواضح لمهنة الكاتب الذي ستحمي "الرابطة" كتنظيم نقابي كما تعرف نفسها حقوقه ومصالحه؟
من هنا، تبرز أهمية الأحزاب، وضرورة تحفيز الوعي الجمعي "وتصحيحه" نحو العملية الحزبية وأحزاب البرامج الواقعية البعيدة عن عبث النضالات الإنشائية واللغة الخشبية.
الأحزاب ضرورة والخطوات الأولى القادمة مليئة بالغموض والالتباسات، لكنها ضرورية لفهم الحالة الجديدة، وتسوية المفاهيم ووضع السياقات في مكانها الصحيح ضمن مفهوم الدولة.
حينها، وحينها فقط، يمكن أن نشهد أكثر من رابطة وتنظيم نقابي "سليم وصحي" يبحث عن مصالح منتسبيه ورعايتهم ضمن منظومة علاقات في دولة صحية وسليمة سياقاتها المنطقية: القانون والمؤسسات.
الغد
هذا كله في مدارات انتخابية لانتخاب من يمثل "رابطة" للكتاب الأردنيين!
وللتوضيح حتى لا تبدأ عمليات الصيد في المياه العكرة، أنا أحمل احتراما شديدا لكلا المرشحين الرئيسين، أحدهما بيني وبينه معرفة شخصية وعلى كامل اختلافي مع خطه السياسي، إلا أنه كان جزءا مهما من عملية تثقيفي وتعليمي في مراحل تطور شخصيتي، والآخر شخصية محترمة في تاريخ البنية الثقافية للدولة لها بصماتها على هذا البناء الذي نسميه "دولة".
لكن مجمل حديثي يتعلق بالسياقات الخاطئة التي ما تزال تسيطر على المشهد والمفاهيم المشوهة التي ما تزال تزداد تشوها.
مفاتيح الفهم عندي تبدأ من تفكيك الحالة إلى أصولها، هذه رابطة بين الكتاب على شكل مؤسسة مسجلة بقانون ينظمها ترعاه الدولة "افتراضا". وهذا يعني أنها "تقريبا" مؤسسة معنية بمصالح مهنة "الكاتب". أقرب كسر عشري لتكون "نقابة" مهنية، لكنها ليست كذلك! رغم أنها تعرف نفسها كتنظيم نقابي تأسس العام 1974.
هي جمعية تجمع أدباء ومثقفين ومبدعين في الحالة الأدبية تحديدا، ارتباطهم العضوي يجب أن يكون مع وزارة الثقافة، والانتساب إليها له متطلبات ليست معقدة كثيرا.
السياقات تفترض أنها "تنظيم مهني"، وهذا يفترض بالتتابع المنطقي أنها معنية بمصالح أهل "الكار" من الكتاب في معيشتهم وأرزاقهم ومصالحهم، لتكون الرابطة "مثل النقابات" جماعة مصالح وضغط تبحث عن مصالح منتسبيها وتصنع الضغط اللازم لتحقيق تلك المصالح.
لكن المفاهيم مشوهة، والسياقات لا تستقيم مع التشوه الذي يحدث، فلا أحد يعرف بالضبط من هو الكاتب وكيف يمكن أن تكون الكتابة "مهنة" والرابطة ومن خلال انتخاباتها "الآن وقبل ذلك" لا تبحث عن مصالح الكتاب والمهنة وعملها ونشاطها دوما يحاول اقتحام السياسة تحديدا.
وهذا بالمجمل واقع أردني مشوه في مجمل العمل النقابي في الأردن، فالنقابات -مع غياب العمل الحزبي لسنوات طويلة- حاولت ملء الفراغ الشاسع فتركت مصالح أهل الكار المعنية بهم، وبحثت عن موطئ قدم لها في أي عمل سياسي، فكانت الاختراقات "الحزبية" من الخارج قادرة على تحويل تلك التجمعات المهنية إلى مسارح استعراض مليئة بالضجيج السياسي والمعارض غالبا.
أنا لست عضوا بالرابطة، رغم أني كاتب "صحفي"، وأتساءل إن كنت أصدرت عملا أدبيا "وهو مشروع شخصي لرواية أكتبها"، فهل ستحمي الرابطة حقوقي ككاتب ينشر عمله الأدبي؟
هل ستجيب عن مخاوفي من عملية النشر "وهي عملية تحتاج تنظيما في الأردن" وما بعد النشر لحماية حقوقي ككاتب؟
أليست تلك أولويات أكثر أهمية للرابطة ومنتسبيها ومصالحهم التي لا يبحث عنها أحد؟
والأهم: أليس هناك تعريف مؤطر وواضح لمهنة الكاتب الذي ستحمي "الرابطة" كتنظيم نقابي كما تعرف نفسها حقوقه ومصالحه؟
من هنا، تبرز أهمية الأحزاب، وضرورة تحفيز الوعي الجمعي "وتصحيحه" نحو العملية الحزبية وأحزاب البرامج الواقعية البعيدة عن عبث النضالات الإنشائية واللغة الخشبية.
الأحزاب ضرورة والخطوات الأولى القادمة مليئة بالغموض والالتباسات، لكنها ضرورية لفهم الحالة الجديدة، وتسوية المفاهيم ووضع السياقات في مكانها الصحيح ضمن مفهوم الدولة.
حينها، وحينها فقط، يمكن أن نشهد أكثر من رابطة وتنظيم نقابي "سليم وصحي" يبحث عن مصالح منتسبيه ورعايتهم ضمن منظومة علاقات في دولة صحية وسليمة سياقاتها المنطقية: القانون والمؤسسات.
الغد
نيسان ـ نشر في 2024/05/20 الساعة 00:00