الدول الرخوة!

محمد المحيسن
نيسان ـ نشر في 2024/05/28 الساعة 00:00
محمد محيسن

هي دول فريدة في كل شيء في حروبها وفي سلمها، في انضباطها وقوانينها وشدتها وحتى في مساوئها ..

في العام 2020 صندوق السلام الأميركي بالتعاون مع مجلة فورين بوليسي نشر تقريرا متخصصا في تصنيف الدول الهشة أو الفاشلة، ضم 178 دولة حول العالم من بينها 20 بلدا” عربيا”.
ويُعرّف التقرير الدول الرخوة، بانها الدول التي لديها قدرة متدنية لإتمام وظائف الحكم، وتعاني من أزمات داخلية وخارجية على الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ناهيك عن تفشي الفساد السياسي والمالي في نظمها. ورغم إختلاف الظروف ببن الدول الهشة داخليا”، إلا أنها تشترك بسمة واحدة هي تفشي متلازمة الفقر والبطالة والفساد وانعدام الأمن.
نظرية الدولة الرخوة تحدث عنها الاقتصادي وعالم الاجتماع السويدي "جنار ميردال 1968.
“كان ميردال يرى أن كثيرا من بلاد العالم الثالث يعاني من خضوعه لما أسماه بالدولة الرخوة، وأن هذه الدولة الرخوة تكاد تكون هي سر البلاء الأعظم، وسبباً أساسياً من أسباب استمرار الفقر والتخلف.
وهو يعني بالدولة الرخوة : دولة تصدر القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لأنه لا أحد يحترم القانون : الكبار لا يبالون به لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوى لغض البصر عنه. الرخص والتصريحات معروضة للبيع، سواء كانت لبناء غير قانوني، أو لاستيراد سلعة ممنوعة، أو لاسترداد ضريبة واجبة الدفع، أو لفرض حماية لسلعة مسموح باستيرادها..إلخ، والقيود لا تفرض إلا لكي يثري البعض من كسرها والخروج عليها، والضرائب نادرا ما تحصل أصلا، والمناصب يلهث الناس للحصول عليها لما تجلبه من مغانم مادية، والإمضاءات تباع أو توهب للمحاسيب والأقارب والأنصار، والعملات الأجنبية وبدلات السفر توزع بلا حساب على أصحاب السلطة والمقربين منهم، وقروض البنوك تمنح بأسعار فائدة رمزية لمن لا يستحقها بينما يحرم منها من تقررت هذه الفوائد الرمزية أصلا لصالحهم..إلخ.
في هذه الدولة الرخوة يعم الفساد إذن وتنتشر الرشاوى، فرخاوة الدولة تشجع على الفساد، وانتشار الفساد يزيدها رخاوة. والفساد ينتشر من السلطة التنفيذية والسياسية إلى التشريعية، حتى يصل إلى القضاء والجامعات. صحيح أن الفساد والرشوة موجودان بدرجة أو أخرى في جميع البلاد،ولكنهما
في ظل الدولة الرخوة يصبحان “نمط الحياة”..
    نيسان ـ نشر في 2024/05/28 الساعة 00:00