هل المشككون في أسهم 'إنفيديا' محقون؟

نيسان ـ نشر في 2024/07/14 الساعة 00:00
تشير التوقعات إلى أن إيرادات شركة «إنفيديا» للسنة المالية الحالية ستتضاعف لتصل إلى 120 مليار دولار. هذه ليست مبالغة، ففي شهر مايو، قالت الشركة إنها تتوقع إيرادات بقيمة 28 مليار دولار في الربع الثاني من السنة المالية.
والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو توقع المحللين أن تتضاعف الإيرادات بأكثر من الضعف مرة أخرى خلال السنوات الأربع التالية، لتصل إلى 245 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في يناير 2029. وكان إجمالي مبيعات جميع أشباه الموصلات 533 مليار دولار في عام 2023، وفقاً لبيانات شركة «جارتنر».
بعبارة أخرى، فإن التوسع الكبير في بناء معدات الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيداً عن الوصول إلى ذروته بعد. كما لا يتوقع المحللون زيادة المنافسة حيث يتوقع أن تظل الهوامش التشغيلية أعلى من 50% في المستقبل. ومن هنا تأتي الزيادة المذهلة في الأرباح.
ولست متأكداً من مدى الاستنتاجات التي يمكن الوصول إليها من توقعات المحللين لسنوات عدة مقبلة، فهي قد تكون أشبه بضجيج حماسة مبالغ فيها. لكن أسهم «إنفيديا» ارتفعت من التداول عند مضاعف ربحية 25 إلى 45 ضعفاً خلال الأشهر الستة الماضية. وهذا يوحي بأن المستثمرين إما يؤمنون بمستقبل مشابه لما يتوقعه المحللون، أو أنهم يلعبون لعبة لا علاقة لها بتوقعات الأرباح على الإطلاق.
وفي ظل هذا الحماس المتزايد تجاه «إنفيديا»، لابد من تقييم حجج المشككين، هنا قد يكون من المفيد، الرجوع إلى مقال نشر في مارس الماضي للأستاذ في جامعة نيويورك، أسواث داموداران، والذي أوضح فيه سبب تخفيضه لحيازته الكبيرة في أسهم الشركة (رغم أنه حقق من خلالها مكاسب كبيرة).
وقال داموداران: مع بلوغ سهم «إنفيديا» 85 دولاراً، يبدو لي أنه سهم يستبق الأمور. وقد أجريت هندسة عكسية حول مدى الحجم الذي يجب أن تكون عليه سوق الذكاء الاصطناعي ومدى حصة «إنفيديا» فيه لتبرير السعر، وكان هذا عندما بلغ سعر السهم 45 دولاراً. وتوصلت إلى أن سوق رقائق الذكاء الاصطناعي يجب وأن تبلغ نحو 500 مليار دولار، وأن تستحوذ «إنفيديا» على 80% من السوق لكي نصل إلى مرحلة التعادل بشكل أساسي. وقد بلغ سعر السهم 135 دولاراً وقت كتابة هذا المقال، لذا، بإمكانك تصور الهيئة التي تبدو عليها سوق رقائق لذكاء الاصطناعي الآن.
هناك شكل آخر من التشكك يشير إلى أنه إذا كانت شركة «إنفيديا» ستنمو بالقدر الذي يوحي به سعرها، فإن خطط عملائها للاستثمار في الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون ضخمة للغاية. ورغم أن خطط هؤلاء العملاء كبيرة، إلا أنها ليست كبيرة بما يكفي، فإما أن تنفق شركات مثل «مايكروسوفت» و«جوجل» و«ميتا» أكثر مما هو متوقع حالياً، أو يجب أن تربح «إنفيديا» أقل من المتوقع. وقد أوضح تشارلز كارا من شركة «أبسولوت استراتيجي ريسيرش» هذه النقطة.
وأخيراً طرح جيم كوفيلو، رئيس قسم أبحاث الأسهم العالمية في «جولدمان ساكس» والمحلل التقني المخضرم، حجة تشكيكية مركبة حول الذكاء الاصطناعي، وبالتالي «إنفيديا». ويمكن تلخيص حجته على النحو التالي:
- إن بناء قدرات الذكاء الاصطناعي وتشغيلها يعد أكثر تكلفة من التقنيات والعمليات التي يهدف إلى أن يحل محلها. ويتعارض هذا مع ابتكارات تكنولوجية سابقة، مثل الإنترنت، التي كانت أرخص من التقنيات التي حلت محلها.
- لن يصبح الذكاء الاصطناعي أقل تكلفة مع ازدياد عدد مستخدميه، ما ينطبق على التقنيات الأخرى، ما لم تصبح سوق المعدات المشغلة له شديدة التنافسية، وهو ما قد لا يحدث. ويعد وضع «إنفيدياً» في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي شبيهاً بوضع «إيه إس إم إل» في مجال الطباعة بالحفر للرقائق المتقدمة، الذي ثبتت صعوبة التغلب عليه.
- يبالغ الناس في تقدير قدرات الذكاء الاصطناعي اليوم، فالذكاء الاصطناعي على سبيل المثال لا يبلي جيداً في توفير ملخصات أساسية ودقيقة لمعلومات معقدة.
- لم تتحدد حالة الاستخدام الرئيسة للذكاء الاصطناعي بعد. لكن مع تقنيات سابقة مثل الهاتف الذكي، تم تحديد حالات الاستخدام النهائي، بدقة في الغالب، حتى عندما كانت التكنولوجيا في مراحلها الأولى. قد يحقق الذكاء الاصطناعي كفاءات عملية في مجالات مثل ترميز البرمجيات، ولكن لم يتم اكتشاف أي تطبيق ثوري يعتمد عليه إلى الآن أو حتى اقتراحه.
ثمة الكثير لنتفق ولنختلف عليه في هذا، وما إذا كانت النقطة الثالثة صائبة، لكن المثير للاهتمام بالنسبة لي ما قاله كوفيلو بعد ذلك، حيث يعتقد كوفيلو أن ضغوط دورة الضجيج ستجبر الشركات على مواصلة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وبالتالي، فسيكون من الحكمة مواصلة الاستثمار في الشركات المستفيدة من ذلك الاستثمار، مثل صانعي الرقائق والمرافق العامة وما إلى ذلك، حتى وإن بدت هذه الشركات باهظة.
لن تصل دورة الذكاء الاصطناعي إلى نهايتها إلا في حالة واحدة، وهي إذا لم تظهر تطبيقات مربحة بواسطة الذكاء الاصطناعي قبل حلول الركود الاقتصادي القادم. ففي بيئة من انخفاض الأرباح، سيختفي تحمل المستثمرين للتجارب الباهظة ذات العائد المنخفض، وبالتالي ستنتهي طفرة الذكاء الاصطناعي. ويصف الكثيرون شركة إنفيديا بأنها تبيع المعاول والمجاريف المستخدمة في حمى البحث عن الذهب الخاصة بالذكاء الاصطناعي! إنه تشبيه جيد، لكن إذا لم يعثر أحد على الذهب قبل الركود المقبل، فستنتهي الحمى بشكل مفاجئ.
إنني أميل إلى وصف حجة كوفيلو بأنها مقنعة، يعود هذا إلى أن أحد المجالات التي يبدو أن للذكاء الاصطناعي الكثير من التطبيقات فيها هو الاستثمار، لأنه يمكنه العثور على إشارات وسط الكثير والكثير من المعلومات المليئة بالصخب. لكن يبدو لي، من خلال نقاشاتي مع عينة من العاملين في مجال التمويل الكمي، أنهم ليسوا مبهورين بالأمر، وقد أخبرني العديد منهم أن الذكاء الاصطناعي ينجز ما دأبوا على فعله لبعض الوقت، لكن بمزيد من القوى الحاسوبية. رغم ذلك، فلا يتعلق تسعير «إنفيديا» بأن الذكاء الاصطناعي سيكون تكنولوجيا تطورية، وإنما يتعلق التسعير بالثورة.
    نيسان ـ نشر في 2024/07/14 الساعة 00:00