وقفة أدبية..
نيسان ـ نشر في 2024/07/16 الساعة 00:00
"أَبا خُراشَةَ أَمّا أَنتَ ذا نَفَرٍ
فَإِنَّ قَومِيَ لَم تَأَكُلهُمُ الضَبعُ"
هذا البيت لشاعر مخضرم هو: العباس بن مرداس السُّلمي، يهجو الشاعر خُفاف بن عمير بن الحارث، الذي يكنى بأبي خراشة. وهو شاعر وفارس من "أغربة العرب" وهذا وصف يطلق على أسود اللون.
في هذا البيت يخاطب العباس.. أبا خراشة هاجياً، ويقول له: إذا كنت تفخر علينا بكثرة قومك، فإن قومنا لم يموتوا من القحط "والعرب يسمون السنة الممحلة الضبع" دلالة على الفقر والعوز، وقد يكون الشاعر أراد لم تأكلهم "الضبع" الحيوان المعروف، كما أكلت قومك وهي دلالة على الذل لأن الضبع من الرُميات القمامة وأخس من أن تكون مفترسات،
والمعنى أن الشاعر يقول إن قومي "على قلتهم" كما تدعي، يستطيعون بهممهم العالية حماية أنفسهم من الفقر والعوز لأنهم يملكون حريتهم، ثم إنهم أيضاً منيعو الجناب ولا يستطيع كائن مفترس التعدي على أي فرد من أفراد قبيلتهم مهما كانت قوته وجبروته، فما بالك بالضبع على خستها!! وانا أميل الى ان الشاعر يقصد الضبع الحيوان وليس سنة القحط، لأنه أبلغ في الهجاء..
والمعنى المراد في ذم المهجو "ابو خراشة" الذي افتخر على العباس بن مرداس بكثرة اعداد قومه، لكنه أفهمه أن الكثرة ليست مصدر قوة دائماً، إنما الشجاعة والاقدام والوعي وعدم الاقامة على الذل هي المميزات التي يمتاز بها الحر وحتى لو كان قليل العدد، فإنه يحمي حماه ويحفض بيضته.
كيف لقوم أن يرفعوا رؤوسهم ويفتخروا بكل شيء إلا المنعة والقوة والحرية، ويطبلون فرحاً لأقل شيء يحصلون عليه، ويتناطحون على أخس الاشياء، والضباع تنهشهم وتأكل منهم بل وتعتاش عليهم، وهم غافلون يتفاخرون بالكثرة والعدد الذي لا يفكهم حتى من الرُميات من الضباع..
والمعنى أن الكثرة إن لم تحمِ نفسها وكيانها ومقدراتها، تكون ذماً وهجاء لمن يمدح قومه بالكثرة وهم مع كثرتهم مستباحون تعيث بهم الضباع فساداً..
لكن القلة إذا كانت مميزة بأنها تحمي حماها وتلتزم الحق والعدل.. فتُمدح على التفرد بالحق قالت العرب: هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ: أَيْ لاَ ثَانِيَ له،
أو هو قريع وَحْده: أي لا يقارعه في الفضل أحد.
أما إذا كان ينفرد بالذل والأمور المذمومة، قالوا: هو جُحَيْشُ وحدِه، وعُيَيْرُ وحدِه.. (من الجحش والعير أي الحمار).
لا تنفرد إلا بخير، فالانفراد بالشر مذمة، ولا تجتمع الا على خير، فالجماعة ليست دائماً على الحق والعدل، فإن لم تكن الجماعة على الحق، فالانفراد خير منها..
فَإِنَّ قَومِيَ لَم تَأَكُلهُمُ الضَبعُ"
هذا البيت لشاعر مخضرم هو: العباس بن مرداس السُّلمي، يهجو الشاعر خُفاف بن عمير بن الحارث، الذي يكنى بأبي خراشة. وهو شاعر وفارس من "أغربة العرب" وهذا وصف يطلق على أسود اللون.
في هذا البيت يخاطب العباس.. أبا خراشة هاجياً، ويقول له: إذا كنت تفخر علينا بكثرة قومك، فإن قومنا لم يموتوا من القحط "والعرب يسمون السنة الممحلة الضبع" دلالة على الفقر والعوز، وقد يكون الشاعر أراد لم تأكلهم "الضبع" الحيوان المعروف، كما أكلت قومك وهي دلالة على الذل لأن الضبع من الرُميات القمامة وأخس من أن تكون مفترسات،
والمعنى أن الشاعر يقول إن قومي "على قلتهم" كما تدعي، يستطيعون بهممهم العالية حماية أنفسهم من الفقر والعوز لأنهم يملكون حريتهم، ثم إنهم أيضاً منيعو الجناب ولا يستطيع كائن مفترس التعدي على أي فرد من أفراد قبيلتهم مهما كانت قوته وجبروته، فما بالك بالضبع على خستها!! وانا أميل الى ان الشاعر يقصد الضبع الحيوان وليس سنة القحط، لأنه أبلغ في الهجاء..
والمعنى المراد في ذم المهجو "ابو خراشة" الذي افتخر على العباس بن مرداس بكثرة اعداد قومه، لكنه أفهمه أن الكثرة ليست مصدر قوة دائماً، إنما الشجاعة والاقدام والوعي وعدم الاقامة على الذل هي المميزات التي يمتاز بها الحر وحتى لو كان قليل العدد، فإنه يحمي حماه ويحفض بيضته.
كيف لقوم أن يرفعوا رؤوسهم ويفتخروا بكل شيء إلا المنعة والقوة والحرية، ويطبلون فرحاً لأقل شيء يحصلون عليه، ويتناطحون على أخس الاشياء، والضباع تنهشهم وتأكل منهم بل وتعتاش عليهم، وهم غافلون يتفاخرون بالكثرة والعدد الذي لا يفكهم حتى من الرُميات من الضباع..
والمعنى أن الكثرة إن لم تحمِ نفسها وكيانها ومقدراتها، تكون ذماً وهجاء لمن يمدح قومه بالكثرة وهم مع كثرتهم مستباحون تعيث بهم الضباع فساداً..
لكن القلة إذا كانت مميزة بأنها تحمي حماها وتلتزم الحق والعدل.. فتُمدح على التفرد بالحق قالت العرب: هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ: أَيْ لاَ ثَانِيَ له،
أو هو قريع وَحْده: أي لا يقارعه في الفضل أحد.
أما إذا كان ينفرد بالذل والأمور المذمومة، قالوا: هو جُحَيْشُ وحدِه، وعُيَيْرُ وحدِه.. (من الجحش والعير أي الحمار).
لا تنفرد إلا بخير، فالانفراد بالشر مذمة، ولا تجتمع الا على خير، فالجماعة ليست دائماً على الحق والعدل، فإن لم تكن الجماعة على الحق، فالانفراد خير منها..
نيسان ـ نشر في 2024/07/16 الساعة 00:00