وقف إطلاق النار قرار أمريكي
نيسان ـ نشر في 2024/08/29 الساعة 00:00
«سوف نحارب لمدة عشر سنوات، عشرين سنة، أو حتى أكثر... حتى ينسحب الأمريكيون.» هو تشي منه، زعيم فيتنام الشمالية خلال حرب فيتنام.
عادت مفاوضات وقف إطلاق النار إلى القاهرة مجددًا وسط أنباء عن تقدم طفيف. لم يعد يخفى على أحد أن المفاوضات تجري بين الولايات المتحدة و»الدولة المارقة، وأن إدارة بايدن تضغط على نتن ياهو في الخفاء، بينما تمارس ضغوطها على حماس في العلن، فيصر وزير خارجيتها بلينكن على ربط إدخال المساعدات الإنسانية والطبية بقبول حماس لشروط وقف إطلاق النار، مشددًا على أن توفير الطعام مرهون بخنوع حماس لخطة بايدن التي هي في الحقيقة شروط نتن ياهو .
ومع كل هذا الدمار الهائل في غزة، وارتفاع عدد الشهداء إلى أربعين ألفًا، ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال، وفي تقارير أخرى يصل العدد إلى مئتي ألف، فإن حماس لن تتخلى تحت أي ظرف عن ورقتها الوحيدة المتبقية لها في المفاوضات، وهي الأسرى، فتقديم تنازلات لا تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الصهاينة من كامل القطاع يُعد انتحارًا سياسيًا لحماس ولرئيسها، يحيى السنوار.
وفق شروط نتن ياهو لوقف إطلاق النار، التي تتضمن السيطرة على الحدود وتقسيم القطاع إلى قسمين، سيؤدي ذلك إلى نزع سلاح حماس، ونفي قياداتها أو اغتيالهم. حينها، ستجد حماس نفسها أمام محاسبة من الشعب الفلسطيني الذي سيرى أن الحرب لم تحقق شيئًا يُذكر مقارنة بالفاتورة الباهظة التي دفعها، مما قد يعني نهاية حماس كحاكم وحيد للقطاع. وبالمناسبة، هذا أحد أهداف الصهاينة، ومن خلفهم الولايات المتحدة؛ حيث ستواجه حماس تحديًا كبيرًا بعد الحرب في إعادة بناء غزة. فعادةً ما يلتف الناس حول قيادتهم أثناء الحرب، ثم يحاسبونها بعد انتهائها. وكل هذا يأتي مقابل الإفراج عن معتقلين في سجون الاحتلال، سيتم نفي بعضهم أو إعادة اعتقالهم لاحقًا.
ترى حماس أن هناك عوامل خارجية تصب في مصلحتها، وتعزز موقفها التفاوضي، منها أن الجيش الصهيوني قد أُنهك في غزة ولم يحقق أيًّا من أهدافه، وأن الضفة الغربية على وشك الانفجار، وستنفجر مع الوقت، وهناك أيضًا حزب الله الذي يستنزف الكيان في الشمال، وغدا واضحا أنها لا تستطيع الانتصار عليه عسكريًا، بينما تمنعها الولايات المتحدة من توسيع نطاق الحرب، فتسعى سياستها إلى توسيع الفجوة بين الحزب واللبنانيين، مما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى حرب أهلية. إلى جانب ذلك، تمارس إيران ضغطًا نفسيًا على الكيان في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة.
وعلى الصعيد الداخلي، هناك التوترات الاجتماعية داخل الكيان، بما في ذلك حالة الانقسام الكبيرة، والصراعات بين المستوطنين والدولة، والنزعات الاستقلالية التي بدأت بالظهور لبعض المستوطنات. وأخيرًا، يواجه الكيان عزلة دولية متزايدة ووعيًا متناميًا بين الشعوب بحقيقته.
أما نتن ياهو، فيرى نفسه كـ»تشرشل» الذي هزم النازية في الحرب العالمية الثانية، ويشبه حماس بألمانيا التي تعرضت لدمار كبير لكنها رفضت الوصول إلى اتفاقية سلام، مفضلةً استكمال الحرب على أمل أن تفرض تغيرات الظروف الدولية واقعًا جديدًا. لكن هذا لم يحدث، وفي النهاية استسلمت ألمانيا دون شروط. يرى نتنياهو أيضًا أن هذه فرصة ذهبية لتوسيع نطاق الحرب وإضعاف جميع أعداء الكيان، بالإضافة إلى القضاء على البرنامج النووي الإيراني. كما يدرك أن إنهاء الحرب قد يؤدي إلى انهيار حكومته ومحاكمته بتهم الفساد.
ما يخيفني هو موقف الإدارة الأمريكية في المفاوضات، حيث لا تمانع في إطالة أمدها، وتروج بأنها تبذل جهودًا كبيرة لوقف الحرب لتحسين صورتها داخليًا، وعينها بالطبع على الانتخابات وتأثيرها في فرص كامالا هاريس في الفوز.
لو أرادت الولايات المتحدة إيقاف الحرب، لتمكنت من ذلك في دقيقة واحدة. بمكالمة واحدة من ريغان، انسحب بيغن من لبنان، وبأمر من كيسنجر، توقف الكيان عند الكيلو 101 بعيدًا عن القاهرة في حرب 1973. لكن بايدن ليس ريغان، وبلينكن ليس كيسنجر.
برأيي، ستنتهي المفاوضات بالعودة إلى المربع الأول قبل السابع من أكتوبر؛ سينسحب الكيان من غزة، وستعيد حماس تجميع قواها وتسليحها. سيزداد حزب الله قوة، وستواصل إيران دعم حلفائها عسكريًا وماليًا انتظارًا للمواجهة القادمة. وحتى ذلك الحين، ستستمر الإبادة الجماعية في غزة، وستتفاقم المواجهات في الضفة الغربية.
عادت مفاوضات وقف إطلاق النار إلى القاهرة مجددًا وسط أنباء عن تقدم طفيف. لم يعد يخفى على أحد أن المفاوضات تجري بين الولايات المتحدة و»الدولة المارقة، وأن إدارة بايدن تضغط على نتن ياهو في الخفاء، بينما تمارس ضغوطها على حماس في العلن، فيصر وزير خارجيتها بلينكن على ربط إدخال المساعدات الإنسانية والطبية بقبول حماس لشروط وقف إطلاق النار، مشددًا على أن توفير الطعام مرهون بخنوع حماس لخطة بايدن التي هي في الحقيقة شروط نتن ياهو .
ومع كل هذا الدمار الهائل في غزة، وارتفاع عدد الشهداء إلى أربعين ألفًا، ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال، وفي تقارير أخرى يصل العدد إلى مئتي ألف، فإن حماس لن تتخلى تحت أي ظرف عن ورقتها الوحيدة المتبقية لها في المفاوضات، وهي الأسرى، فتقديم تنازلات لا تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الصهاينة من كامل القطاع يُعد انتحارًا سياسيًا لحماس ولرئيسها، يحيى السنوار.
وفق شروط نتن ياهو لوقف إطلاق النار، التي تتضمن السيطرة على الحدود وتقسيم القطاع إلى قسمين، سيؤدي ذلك إلى نزع سلاح حماس، ونفي قياداتها أو اغتيالهم. حينها، ستجد حماس نفسها أمام محاسبة من الشعب الفلسطيني الذي سيرى أن الحرب لم تحقق شيئًا يُذكر مقارنة بالفاتورة الباهظة التي دفعها، مما قد يعني نهاية حماس كحاكم وحيد للقطاع. وبالمناسبة، هذا أحد أهداف الصهاينة، ومن خلفهم الولايات المتحدة؛ حيث ستواجه حماس تحديًا كبيرًا بعد الحرب في إعادة بناء غزة. فعادةً ما يلتف الناس حول قيادتهم أثناء الحرب، ثم يحاسبونها بعد انتهائها. وكل هذا يأتي مقابل الإفراج عن معتقلين في سجون الاحتلال، سيتم نفي بعضهم أو إعادة اعتقالهم لاحقًا.
ترى حماس أن هناك عوامل خارجية تصب في مصلحتها، وتعزز موقفها التفاوضي، منها أن الجيش الصهيوني قد أُنهك في غزة ولم يحقق أيًّا من أهدافه، وأن الضفة الغربية على وشك الانفجار، وستنفجر مع الوقت، وهناك أيضًا حزب الله الذي يستنزف الكيان في الشمال، وغدا واضحا أنها لا تستطيع الانتصار عليه عسكريًا، بينما تمنعها الولايات المتحدة من توسيع نطاق الحرب، فتسعى سياستها إلى توسيع الفجوة بين الحزب واللبنانيين، مما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى حرب أهلية. إلى جانب ذلك، تمارس إيران ضغطًا نفسيًا على الكيان في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة.
وعلى الصعيد الداخلي، هناك التوترات الاجتماعية داخل الكيان، بما في ذلك حالة الانقسام الكبيرة، والصراعات بين المستوطنين والدولة، والنزعات الاستقلالية التي بدأت بالظهور لبعض المستوطنات. وأخيرًا، يواجه الكيان عزلة دولية متزايدة ووعيًا متناميًا بين الشعوب بحقيقته.
أما نتن ياهو، فيرى نفسه كـ»تشرشل» الذي هزم النازية في الحرب العالمية الثانية، ويشبه حماس بألمانيا التي تعرضت لدمار كبير لكنها رفضت الوصول إلى اتفاقية سلام، مفضلةً استكمال الحرب على أمل أن تفرض تغيرات الظروف الدولية واقعًا جديدًا. لكن هذا لم يحدث، وفي النهاية استسلمت ألمانيا دون شروط. يرى نتنياهو أيضًا أن هذه فرصة ذهبية لتوسيع نطاق الحرب وإضعاف جميع أعداء الكيان، بالإضافة إلى القضاء على البرنامج النووي الإيراني. كما يدرك أن إنهاء الحرب قد يؤدي إلى انهيار حكومته ومحاكمته بتهم الفساد.
ما يخيفني هو موقف الإدارة الأمريكية في المفاوضات، حيث لا تمانع في إطالة أمدها، وتروج بأنها تبذل جهودًا كبيرة لوقف الحرب لتحسين صورتها داخليًا، وعينها بالطبع على الانتخابات وتأثيرها في فرص كامالا هاريس في الفوز.
لو أرادت الولايات المتحدة إيقاف الحرب، لتمكنت من ذلك في دقيقة واحدة. بمكالمة واحدة من ريغان، انسحب بيغن من لبنان، وبأمر من كيسنجر، توقف الكيان عند الكيلو 101 بعيدًا عن القاهرة في حرب 1973. لكن بايدن ليس ريغان، وبلينكن ليس كيسنجر.
برأيي، ستنتهي المفاوضات بالعودة إلى المربع الأول قبل السابع من أكتوبر؛ سينسحب الكيان من غزة، وستعيد حماس تجميع قواها وتسليحها. سيزداد حزب الله قوة، وستواصل إيران دعم حلفائها عسكريًا وماليًا انتظارًا للمواجهة القادمة. وحتى ذلك الحين، ستستمر الإبادة الجماعية في غزة، وستتفاقم المواجهات في الضفة الغربية.
نيسان ـ نشر في 2024/08/29 الساعة 00:00