تصعيد إسرائيلي في الضفة

د.محمد المومني
نيسان ـ نشر في 2024/08/31 الساعة 00:00
تصعيدان خطيران على مدى الأيام الماضية من قبل إسرائيل في الضفة الغربية. الأول عملية عسكرية كبيرة وخطيرة في شمال مدن الضفة ومخيماتها، وصفت أنها غير مسبوقة منذ العام 2002، تهدف إلى إلقاء القبض على عدد من الفلسطينيين، راح ضحيتها 11 شهيدا فلسطينيا، سوقتها إسرائيل من دون أن يرف لها جفن أنها حرب على الإرهاب ولترسيخ الأمن والاستقرار بالضفة، فيما قالت السلطة إنه احتلال غاشم يقتل الأبرياء الفلسطينيين المدنيين العزل. أما الحدث الثاني فهو تصعيدي استفزازي، حيث وزير عامل في الحكومة الإسرائيلية -بن غفير- يؤيد ويدعو لبناء كنس يهودي في الحرم القدسي الشريف المسجد الأقصى، منتقدا ومشككا بالأوضاع القانونية القائمة والمتفق عليها في الحرم القدسي، فيما ردت الخارجية الأردنية أنه بموجب الوصايا الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس، فإن المسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونما هي وقف خالص للمسلمين، وأن الأوضاع القائمة هناك كانت وما تزال أنه للمسلمين ومقدس عندهم، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول الكريم، ويحق للديانات كافة الزيارة ولكن ليس الصلاة أو ممارسة الطقوس الدينية، والزيارة يجب أن تتم بالتنسيق مع أوقاف القدس وليس على شكل اقتحامات.
التصعيدان خطيران قوبلا بإدانات واسعة، وأعيد التذكير بإرهاب المستوطنين وضرورات وقفه، وهما يدلان على الأزمة والانفعالية اللتين تجتاحان عقل الحكومة الإسرائيلية، ومدى إمعانها بالشعبوية الدينية، واستعدادها لقطع كل المحرمات لنيل دعم التطرف الديني الإسرائيلي وأصواته الانتخابية. الحكومة الإسرائيلية بهذه الأفعال توسع الحرب للضفة، وترسل رسالة مفادها بأن عقلية الانتقام مستمرة لا تتوقف، وأنها تهتم بأصوات التشدد الإسرائيلي من مستوطنين وغيرهم، أكثر ما تهتم بالاستقرار الذي يتأتى بجله من العلاقة الطيبة مع الجيران وعلى رأسها الأردن. تصريحات وزراء اليمين المتطرف الإسرائيلي حول الحرم القدسي الشريف مستفزة جدا للأردن، وتقوض فرص السلام والاستقرار، ولا تدع مجالا أمام الأردن إلا التصعيد الذي هو قادر عليه، وأن يوظف أدواته المتاحة كافة لكي يدافع عن مصالحه ويحمي المقدسات من التطرف الإسرائيلي. الأردن قادر على ذلك نعم، ويكفي فقط إذا ما فتحنا الجبهة القانونية الدولية أن تفتح أبوابا من النار على إسرائيل، وأن تلاحق وتعزل دوليا. الأردن قادر على توظيف أدوات أخرى أيضا وسيفعل لا محالة بوجه التشدد والتطرف الاستيطاني والديني الإسرائيلي، ولا مناص من ذلك، فالدول تدافع عن مصالحها بكل ما أوتيت من قوة وأدوات.
توقيت ما يحدث من قبل إسرائيل خطير ومريب، حيث تحاول التأجيج لا التهدئة، وهذا تعارض مباشر مع ما يريده الأردن، ونتنياهو ووزراؤه يستغلون لحظة الانشغال الأميركي بالانتخابات، ومعرفتهم بصعوبة وجود فعالية أميركية فترة الانتخابات، حيث لا مصلحة لأحد بافتعال معارك سياسية مع إسرائيل قد يكون لها تكلفتها على الانتخابات في أميركا.
الغد
    نيسان ـ نشر في 2024/08/31 الساعة 00:00