إلى أين أسافر في 2016؟ (وجهات سياحية مميزة)

نيسان ـ نشر في 2015/11/29 الساعة 00:00
بينما صنعت التكنولوجيا عالماً مستنسخاً في أزيائه وطعامه وقوانينه، وبالتبعية سلوك البشر، يهرب محبو السفر إلى عوالم أخرى معزولة استطاعت أن تحتضن تاريخها الحضاري، وتحفظ طابعها الثقافي، وعادات أهلها، وشكلهم، وأزياءهم، وتقاليدهم الفلكلورية، كأنها قطع سقطت من الدنيا أثناء هرولتها للعولمة.
في هذا التقرير نجوب معاً المناطق التي سيؤمها السياح العام القادم، ويوصيهم بها الرحَّل حول العالم. من قلب أوروبا القديم إلى الغابات الإفريقية، نمر على شوارع ريودى جانيرو، نرقص السالسا، وننتظر تباشير الأولمبياد؛ ونعرج على فن مايكل أنجلو، وقباب فلورنس، إلى جنان الأندلس، ونقترب شرقاً؛ لننصت لمائة أذان تهدر بها قباب إيران الفارسية.
1- ترانسلفانيا ـ رومانيا
هي أفضل مدينة تزورها لعام 2016 وفقاً لتصنيف خبراء موقع (lonely planet)، كما أنها القلب التاريخي لرومانيا: قلعة بران، وقلعة بليس، تبدو كأنها خرجت تواً من أحد القصص الخيالي إلى عالمنا؛ بضخامتها، وقبابها، والسحاب المار بين أعمدتها، وكذلك أغلب كنائس وقلاع المدينة العتيقة، متوجهاً إلى الجبال الحاضنة للمدينة، ستتعثر بقطعان الماشية التي ترعى في خضرة مترامية، والأهم جماعات الدببة البنية التي تعتبر رومانيا موطنها الأم، وتكاثرت فيه أكثر من أي بلد آخر.
إذا كنت من محبي تسلق الهضاب فاحضر معك بعض الثوم؛ فلم يزل الرومانيون يؤمنون بوجود دراكولا، والمستذئبين حتى اليوم، وقبل مغادرتك عرج على قصر دراكولا؛ لإلقاء التحية.

2- بوتسوانا
البلدة الإفريقية تلك أصبحت أفضل دولة تتوجه لزيارتها في عام 2016، ويتوقع أن تزدحم بالسياح، فلا تفوت دورك، التنوع الشديد للحياة البرية في بوتسوانا رشحها بامتياز لهذه المكانة؛ يمكنك أن تجرى مع- ووسط – قطعان الفيلة والغزلان والخرتيت وحمار الوحش، وتسابق كواسر السماء، حتى أنك ستسعى لتكرر التجربة أكثر من مرة، وتسترخي أعلى مرتفعات تسوديلو ـ المدرجة حديثاً في قائمة اليونسكو للتراث – وستجعلك تعيد التساؤل عن ألوان الطبيعة التي تعرفها؛ إذ يكتسي كل شيء في الأرض، وفى الأفق، من البنفسجي إلى الأصفر الفيروزي، الأرجواني، البرتقالي، والأصفر. وفى أعلى شلالات دلتا أوكافونجو ستنفصل أذنك عما ألفته، وتمتلئ بهدير المياه، وسباق قطعان الغزلان، ومطاردة الضواري لفرائسها، وربما اقتحمت على أسد وجبة غذائه دون استئذان. احجز رحلتك لبوتسوانا العام المقبل من أبريل إلى أكتوبر، عدا شهور الصيف التي لن تحتمل حرارتها في أفريقيا.
3- إيطاليا
روما – ميلان – فينيسيا – فلورنس- سارديني ـ سيسيلي – توسكاني …، قائمة لا تنتهي، إلا بحصر كل بقعة، ومعلم فريد ستشاهده في إيطاليا موطن 40 % من الفن في العالم، ومنشأ الحضارة الرومانية. لا يمكنك زيارة إيطاليا دون زيارة الفاتيكان ومشاهدة الكولسيوم، برج بيزا، كنيسة سستين، بازيليكا سان مارك، وبازيليكا فنيسيا، قصر دوكالي، أطلال بومباي، والآثار اليونانية في سيسيلي، قبة أورفيتو، والشواطئ الخلابة ـ بحق- في الجزر الجنوبية، وبالطبع جولة الجندول في فينسيا، والمبيت في منازله العائمة. الإيطاليون المشهورون بحبهم للطعام، وذائقتهم الفنية، وشعارهم: “جميل ألا تفعل شيئا”، أمة ودودة ومضيافة لأفواج السياح التي لا تنتهي على مدار العام، وتبقى أفضل الأوقات لتهيم في إيطاليا، من إبريل إلى يوينو وفى سبتمبر وأكتوبر.


4- البرازيل عروس الشمس تتصدر قوائم محبي السفر؛ لتنظيمها الألعاب الأوليمبية لهذا العام، والذي يعنى مزيداً من المشاريع السياحية والعروض التي تناسب جميع الميزانيات. في بلد يعتبر أهلها كرة القدم اللعبة الشعبية، لن تتعجب إن رأيت أطفال كل شارع يشكلون فرقاً لها، ويستغرقون فيها بحيوية شديدة.
ومن ريودى جانيرو حتى الشواطئ البعيدة ستأسرك الشواطئ الماسية وعالمها تحت المائي، وغابات الأمازون المطيرة، و(الاحتفالات) الكرنفالات التي لا تتكرر في أي مكان بالعالم. ولأقصى استمتاع بالبرازيل لا تفوت الكرنفال السنوي في فبراير والذي يقع ـ لحسن طالعك – في منتصف الموسم غير السياحي، بعكس موسم الذروة السياحي الذي يبدأ في منتصف مارس.


5- اليابان يلهث محبو السفر خلف الثقافات التي لم تزل تحتفظ بروحها القديمة في مظاهر الحياة، لا الأطلال القديمة فحسب، وكوكب اليابان يأتي على رأس القائمة؛ إذ يَعِدْ بتجربة لا تضاهيها أخرى. تلمس التجربة اليابانية من طوكيو العاصمة إلى هوكايدو أفضل وجهات التزلج على الجليد في العالم، والترجل في مدرجات الأرز الهائلة المساحة مقسومة بأيدي اليابانيين كأنها طبيعية تماماً؛ وفى كل إنش ستجد سهول الزهور الملونة، كأفضل بقعة لزراعة الزهور في العالم، وغامر برحلة إلى قمم الجزر البركانية متسلحاً بالطعام الأسيوي وأطباق السوشي في موطنها الأصلي، اقترب من الشعب الياباني علك تعرف كيف استطاعوا الحفاظ على تقاليد وقيم الساموراي القدامى، رغم تقدمهم التكنولوجي وانخراطهم في العالم الحديث.



6- المغرب واحدة من أكثر دول أفريقيا جذبا للسياحة، حتى إن مدينة مراكش صنفت أفضل مدينة سياحية 2015، سحر منثور في الفضاء بين جبال الأطلس وصحرائها والساحل البحري على الأطلنطى. كيما تذوب في سحر المدن الأزرق اخلع ثيابك على الأعتاب، وارتد الطوربان والجلباب المغربي وقم بجولة غير مخططة في الأسواق المحلية بين روائح الزعفران ووهج المصابيح الأندلسية الباقية، في الصباح در على جوامع المدينة كحسن الثاني ورياضها المفتوحة كماجوريل ومدرسة ابن يوسف ومثيلاتها لتسقط تواً في الأندلس القديم، تناول الكسكس والطاجين ثم انطلق إلى أحد الشواطئ في الصويرة أو أغادير بصحبة النوارس، واسترخ ليلتك في إحدى الحمامات مستجماً بحمام ساخن بالصابون المغربي تماماً كأسلافك من البربر. وليس زائراً للمغرب من لم يزر فاس، أكبر مدينة إسلامية باقية من العصور الوسطى، ويعرج في المنتصف على مراكش: درة المغرب الأقصى وشفشاون الزرقاء.
7- كوبا كأنها خارجة تواً من الكاريبي مغسولة بملح البحر، تبدو كوبا دوماً كقطعة من الأرض انقطعت عن الزمن، ولم يكتشفها العالم بعد. الاشتراكية حيث وصلت إلى أوجها، وروح الثورة التي يتنسمها الناس مع الهواء، يمكنك مشاهدتها حية في متاحف الثورة والعروض الفنية في الميادين، “بلازا دى ارماسا”، والمسرحيات عن الأحداث الحقيقية، من الثورة في المسارح، وفى” نيكويرو وسانتاكلارا” بدلا من قراءة الكتب في منزلك، اذهب إلى “كوماندانسيا دى لا بلاتا” لتفتش آثار معسكر فيدل كاسترو الأول بنفسك. لا شيء أصيل بهذه البلد كالطراز المعماري الفريد والموسيقى، حيث قولبوا عددا من الأنماط الفنية والمعمارية وأنتجوا لونهم الكوبي، خذ جولة في متحف “بنتورا مورال، كاتدرائية سان كريستوبال، كوبا ليبرا، كابيتيليو ناكيونال”. حيوانات وطيور وزواحف منطقة الكاريبي شديدة التنوع حتى أدرجتها اليونسكو كواحدة من أهم الأنظمة البيئية الاستوائية تنوعا، فلا تفوت زيارة حديقة حيوانات كوبا الوطنية “همبولدت”.


8- أسبانيا خارجاً من مهرجان فلكلورى متوجهاً إلى جنائن العريف وقصر الحمراء ومصلياً ـ وحدك – بمسجد قرطبة الكبير، وتاركاً الأندلس الحبيب إلى صخب برشلونة الأوروبي فترقص الفلامنكو مع المدينة كلها في عرض ارتجالى مهيب، أيامك في الأندلس كلها ستبدو كملحمة بين التاريخ والحداثة، ترتاح في وسطها على القمم الثلجية أعلى جبال الأطلسي، بينما تشرق الشمس على سهول الأندلس الحارة. حضارة المسلمين الأندلسية – التي لا تحتاج إدراجها في اليونسكو لتكتسب شهرتها العالمية – تريك أوج العزة؛ لما تشدك لتقف عند كل نقش على الحائط، وكل قطعة فسيفساء احتاج الرسام شهوراً ليتقن صنعها فتبقى لجيلنا.
قطعاً لن تغادر قبل زيارة قصور إشبيلية، وغرناطة، وقرطبة، وجامعها، وجنائنها، وحصونها، وقلاعها، وآثار دولة الموحدين في إشبيلية، لا سيما جامع الموحدين- الذي حوله الإسبان لكاتدرائية سانتا ماريا، وأصبحت من أضخم الكنائس في العالم – وكذا كاتدرائية سانتياجو دى كومبوستيلا والجعفرية، حيث آثار المسلمين في سرقسطة. استرخ على شاطئ بلايا ديل سيلينسيو وإشبيلية ومينوركا، وشارك في كرنفال سيمانا سانتا وفيريا؛ لتتشبع بروح أوروبا في برشلونة، وإن كنت محباً للفن استمتع بلوحات دالى بيكاسو وأنتونى جويدو الأصلية .

9- إيران دولة الفرس الحديثة، رفع الحظر السياسى عنها مؤخراً جعلها تتجه نحو الاستثمار في السياحة، وعقد شراكات ضخمة ستجعل منها في خلال أعوام أحد المزارات السياحية الأهم في العالم.
الإمبراطورية الفارسية تركت لإيران نصيب الابن الوحيد من آثارها، وطابعها الثقافي، وبدورها الدولة الصفوية ورغبتها في إبهار العالم بالمد الشيعي. في العاصمة حديثة العهد “طهران” تدور على المتاحف والمعارض وقصور الشاه السابقة المبنية كآية في المعمار الفارسي الحديث، فتأخذك لآلئ سعد آباد وشولى ستن وبرج ميلاد. تسير فى بوابة زمنية على مداخل “أصفهان” تديرك القباب المزخرفة بفسيفساء أزرق، والمساجد المنحوتة بالألوان تعكس الضوء، تتضاءل أمام مسجد إمام، والشيخ لطف الله، وجامع جامي، ومسجد الشاه العظيم، وقصر شبهيل ستون، وتسمع حوار الصفويين في جامع الإمام رضا، بمشهد، ودويلاتهم في ثنايا مسجد نصير الملك بـ شيراز. وتعود للوراء ألف عام في أزقة ومنازل وأسواق “يزد”، عد إلى أبراج الصمت والأطلال القديمة مصلياَ ركعتين في مسجد الجمعة وجامع يزد. ولن تعرف إن كنت حقاً في ألف ليلة، أم خداعاً وأنت ممددا في جنائن إيران، من حدائق إيرام فى شيراز إلى تبريز وقزوين. إيران دولة لا نظير لاختلاط الثقافات فيها، ولا كم يمكنها أن تسكن زائرا، اجتمع فيها سحر الطبيعة الجبلية الحقيقي ونشاطات أهل البلد الفريدة ” السجاد اليدوي” وعظمة المعمار الباهرة ومواطن الآثار القديمة.

    نيسان ـ نشر في 2015/11/29 الساعة 00:00