إلى البعض ،،، يكفيكم طمعا وتفاهة فلا تدفعونا إلى حظيرتكم

نيسان ـ نشر في 2024/10/21 الساعة 00:00
لؤي عبيدات
منذ عام ٢٠٢٠ اتخذت موقفا مبدئيا من المشاركة في الانتخابات النيابية ، معلنا مقاطعتي لها - انتخابا وترشيحا - بحكم قناعتي التامه بأننا اصبحنا امام مجالس نيابية مسلوبة الاختصاصات والوظائف بعد ان اجريت تعديلات على الدستور في أعوام ٢٠١٤ و٢٠١٦ و ٢٠٢٢ جردت الحكومات من وظائفها السياديه تماما وإناطتها بالملك، وغدت الحكومات بلا حول او قوة وغدت القوة الحقيقيه بيد قوى الظل والحكومات الموازيه ، ومن هنا فقد تراجعت اهمية المجالس النيابية ونفوذها وانحسرت ولايتها العامه تماما ، فالقاعدة تقول بأن (( قوة البرلمانات مستمدة من قوة الحكومات ، والعكس صحيح )) ، وهذا النقاش كله دون ان نتطرق إلى ممارسات سادت العمليات الانتخابيه في بلادنا في سنوات عديده تجلت بالعبث والتحكم السلطوي بالمخرجات والتزوير ،بحيث ازالت هذه الممارسات الموثوقية تماما عن هذه المجالس وأفقدتها الالتفاف الشعبي مما أنهكها واضعف شرعيتها ومكانتها .
ولكنني لم ولن اخفِ بتاتا فرحتي وطمأنينتي النسبيه حينما حصد مرشحو حزب جبهة العمل الإسلامي عددا وافرا من المقاعد في الانتخابات النيابية الاخيره التي جرت في مطلع أيلول الماضي بلغت حوالي ربع مقاعد المجلس، الأمر الذي فتح بابا واسعا تدفقت من خلاله آمال وأحلام الأردنيين الرامية لبناء حياه سياسيه برلمانيه متقدمه، وأرست شيئا من المصداقيه على تعهدات القائمين على السلطه التي عبروا عنها مرارا بأنهم الأحرص على انضاج تجربة التحديث السياسي وإطلاق العنان لها وصولا إلى المحطه الزمنيه المنتظره حيث الحكومات البرلمانية القادمه من رحم الحزب الذي سيحصل على اغلبية المقاعد .
لقد كانت فرحتي (الحذره ) بحصد حزب جبهة العمل الإسلامي ربع مقاعد البرلمان مردها احساسي بأننا - ربما - نكون ازاء مرحلة سياسيه جديده وربما تكون هذه المرحله مبشره بالخير عنوانها برلمان غير منزوع الدسم بالكامل كسابقه، وكذلك شعوري ان هناك تغيير ايجابي في العقل الذي أدار المشهد على مدار السنوات العشر السابقه وكان بلا شك غير راغب بالاستماع إلى اي نصح او ارشاد حتى وصلنا إلى كل هذا الاستقطاب في المشهد العام ، وضاعت على هذا البلد فرص كثيره وسنين عديده دون ان يحقق اي تقدم على اي صعيد ، رغم توافر الفرص المعتبرة التي لم يتم اهتبالها.
اليوم وفي محاولة منها لاعادتنا إلى نقطة الصفر ، وعدم السماح للقوى السياسيه الحيه للبناء على ما تحقق ومراكمة الجهد والنضالات وصولا لبناء دولة مؤسساتية تعدديه ديموقراطيه تتداول قواها الحيه السلطه عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع ، تنشط دوائر النفوذ وقوى الردة ورموز الرجعيه والفساد الذين أكلوا على كل الموائد في الهجوم على حزب جبهة العمل الإسلامي وكوادره وتخوينهم وشيطنتهم مستغلين بعض الخلط المقصود الناجم عن تصريح صادر عن الناطق الإعلامي باسم الحزب زعم خلاله بأن شهيدي عملية البحر الميت قواس وابو غزاله هم اعضاء في الحركة الاسلاميه (( ولم يقل انهما عضوين في حزب الجبهه )) في محاولة مستميته لتأليب السلطه على هذا الحزب من اجل اتخاذ اجراء خشن يدخلنا في متاهة جديده ، ويقودنا الى ازمة سياسيه ماحقه في ظرف وطني وإقليمي فاصل ومصيري لا يملك الاردن معه ترف الدخول في لجة ازمات داخلية جديده ، ازمة مكلفة كثيرا وستستنزف من الرصيد الوطني وهو الرصيد المستنزف أصلا بفعل الزوابع والأزمات والأخطاء الكثيره التي حكمت المشهد في السنوات العشر الاخيره ، ليس اخطرها ازمة نقابة المعلمين المشؤومه ، وازمة حل حزب الشراكة والإنقاذ وغيرها الكثير .
لقد قادت قوى الرجعية والرده البلاد إلى حالة من التراجع الاقتصادي و التكلس السياسي وهو ما أفضى إلى إعطاب مكانزمات التطور المجتمعي وتفكيك البنى والأطر الجماعيه ومن لم تنجح بتفكيكها حاصرتها ومنعتها من ان تؤدي واجبها في حشد المجتمع وتمتين بناه ، وأوغلت في إجرامها حتى ذبحت كل المبادرات الاقتصاديه والاستثماريه الواعده وكل المشاريع الوطنيه الجامعه من اجل ابقاء الحال البائس المصمم على قياساتها وقياسات أنسالها ومصالحهم على حاله ، وعلى ذلك فإنني اكتب هذا المنشور ناصحا ومحذرا إلى ضرورة الانتباه لما يراد وما يحاك ، في ظرف وطني خطر جدا ، مما يستدعي وقفة ناضجه وواعيه وحكيمة تتولى صد السموم والرياح الصفراء المنبعثه من السنة وتخرصات البعض الذين لا ينظرون للوطن إلى بمنظور ما يكسبون ويتربحون لا بمنظور القيمة والمعنى وأساس الوجود .
    نيسان ـ نشر في 2024/10/21 الساعة 00:00