ماذا يحمل لنا غداً ؟

كمال زكارنة
نيسان ـ نشر في 2024/11/04 الساعة 00:00
يترقب العالم اجمع نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية التي تجري غدا ،حتى اصبح الخامس من نوفمبر اهم يوم في هذا العام،حيث تتجه الانظار الى البيت الابيض الامريكي لمعرفة من سيترأسه خلال السنوات الاربع القادمة ،هل الرئيس الامريكي الجمهوري السابق دونالد ترامب، ام نائبة الرئيس الحالي الديمقراطية هاريس.
كما تشير استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة،فان هاريس تتقدم بفارق قليل على ترامب،لكن هذا الفارق ليس حاسما ،وتشير الاستطلاعات الى ان المنافسة بين المرشحين محتدمة ،وسوف تبقى شديدة جدا حتى آخر صوت يوضع في صناديق الاقتراع،وان كانت الكفة تميل لصالح هاريس قبيل بدء الانتخابات ،بفارق ضئيل.
امام الرئيس الامريكي القادم صراعان خطيران ،الاول في اوروبا ،الحرب الروسية الاكرانية ،والثاني في الشرق الاوسط ،العدوان الاسرائيلي على فلسطين ولبنان.
الموقف الامريكي من العدوان الاسرائيلي ،واضح جدا وهو ان امريكا طرف رئيسي واساسي ومشارك بقوة في هذا العدوان، بشريا وتسليحا وتمويلا وتخطيطا ،وفي ادارة العدوان من جميع النواحي الامنية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية والاعلامية .
واذا فازت هاريس في الانتخابات ،سوف تستمر السياسة الامريكية تجاه اسرائيل وعدوانها على الشعبين اللبناني والفلسطيني ،من حيث تقديم كل اشكال الدعم العسكري والامني والمادي والمعنوي للاحتلال ،لكن ربما يكون هناك نشاطا وجهدا سياسيا فاعلا خلال العام المقبل ،للتوصل الى حلول معينة تأخذ مصالح الكيان ومطالبه بعين الاعتبار ،على حساب مصالح وحقوق الاطراف الاخرى ،وقد نشهد بعض المرونة في السياسة الامريكية ازاء بعض الطروحات والمشاريع والافكار السياسية في المنطقة ،لكنها لن ترتقي الى مستوى الحلول الجذرية والنهائية للصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي.
وفي حال فاز ترامب ،فان الحسم في المواقف الامريكية ،وهذا ما يراهن عليه نتنياهو ويتأمله،سوف يكون اكثر سرعة ووضوحا ،فهو لا يرفض طلبا للكيان ،ولا يعترف بوجود شعب فلسطيني ولا ارض فلسطينية ،وهو صاحب مشروع صفقة القرن ،التي تلغي القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ،وصاحب فكرة توسيع حدود دولة الكيان على حساب الاراضي الفلسطينية والعربية .
فوز ترامب يعني ايضا الغاء الاونروا تماما التي بدأت حكومة الاحتلال بالغائها في الاراضي الفلسطينية المحتلة،من خلال منعها من القيام بدورها وعملها في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ،ولم تعارض الادارة الامريكية الحالية ذلك،وقد تنسحب سياسة الالغاء والتجميد على العديد من المؤسسات الدولية الاخرى ،وفي مقدمتها الحقوقية والقانونية والقضائية وغيرها،اذا ادانت اسرائيل وطالبت بمحاسبتها ومعاقبة مسؤوليها السياسيين والعسكريين،وفي طليعتها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية .
لا نتوقع خيرا من المرشحين ،الجمهوري ترامب، والديمقراطي هاريس،بل ننتظر منهما شرا اسودا ،مع الفارق بينهما في استخدامه ،حيث يحاول الديمقراطي تغليف شره بالسلفان ،اما الجمهوري فلا يعنيه شكل الشر ،والمهم بالنسبة له ان يصل الى الهدف،وهو لا ينظر الى العالم العربي الا كمصدر للمال والثروات التي يجب ان ينهبها ويسلبها بأسرع ما يمكن.
مهما تكن السياسة الامريكية خلال الاعوام القادمة منحازة للاحتلال ،فان المنطقة ستبقى ملتهبة ،وزمن فرض الحلول بالقوة لصالح الكيان انتهى ،واذا حقق بعض النجاحات فانها ستكون مؤقتة ولن تستمر طويلا .
لا يمكن لاحد ان ينكر او يتجاهل الدور الامريكي العالمي ،وقدرة الولايات المتحدة على حسم الصراعات الدولية ،لكن اعتماد سياسة ادارة الازمات واطالة امدها ،لا ينتج عنها الا مزيدا من الصراعات والحروب الدامية .
    نيسان ـ نشر في 2024/11/04 الساعة 00:00