غادة السمان: لماذا عذبوا هذا الطفل؟
نيسان ـ نشر في 2024/11/16 الساعة 00:00
نيسان ـ غادة السمان
أستطيع أن أفهم الشر الكامن خلف اقتلاع بعض المستوطنين في فلسطين لـ 700 شجرة زيتون، ولكن ما لا أفهمه لماذا اختطفوا طفلاً (15 سنة) اسمه سلامة مخامرة، وصاروا يضربون ذلك الفتى، وذنبه الوحيد أنه ولد فلسطينياً. ولماذا يخطفون الأطفال من أمهاتهم وما مصدر هذا الشر كله ضد أهالي غزة؟ أم إن السبب واضح خلف هذا الشر كله.. إنهم يريدون تهجير أهل غزة لاحتلالها وضمها إلى إسرائيل الكبرى التي يحلمون بها من نهر النيل إلى نهر الفرات (كخطوة أولى) قبل التوسع واحتلال المزيد.. ولن تسمح لهم المقاومة الفلسطينية بتحقيق هذا (الحلم) لجنود الاحتلال (والكابوس) لي كعربية.
متى كهرباء بيروت تعود؟
لقد أقمت في مدن أوروبية وأمريكية كثيرة، مثل لندن وجنيف ونيويورك وواشنطن، وأعيش منذ أعوام في مدينة باريس ولم تنقطع الكهرباء عن تلك المدن مرة واحدة أو دقيقة واحدة. والبارحة فوجئت في الساعة الثانية من بعد الظهر بانقطاع الكهرباء في بيتي الباريسي. هبطت إلى حيث حراس المبنى وسألتهم عن السبب وقالوا إنهم يجرون بعض الإصلاحات وستعود الكهرباء قبل أن يهبط الظلام بساعتين ولاحظت أن في المصعد عبارة تشير إلى ذلك لم أنتبه لها. وتذكرت بيروت التي أفتقدها ولا أعود لأنني لا أطيق الحياة في الظلام. في المبنى البيروتي، حيث أقيم محرك لتوليد الكهرباء ولكن لا بد من إطفائه بعد منتصف الليل. وأنا لا أستطيع القيام بعملي (الكتابة) إلا ليلاً، كالبوم الذي يصطاد طعامه ليلاً وهكذا وداعاً للكتابة وللبراد وللمصعد ولأمور كثيرة لم تعد ممكنة بدون تيار كهربائي. واتصلت بصديقة لي في بيروت وسألتها عن مواعيد عودة الكهرباء وضحكت لجهلي قائلة إنهم قد يحصلون عليها 3 ساعات في اليوم ولا يعرفون موعد ذلك!
نحن لا نطالب الكثير من السياسيين في لبنان، ولا نطالبهم بأكثر من إعادة الكهرباء إلى “سويسرا الشرق” كما كانوا من زمان يلقبون لبنان… واليوم لا كهرباء.. والمصارف بلا نقود لتعيد للناس ما أودعوه فيها.. ترى هل يلحظ المسؤولون ذلك أم إنهم ألفوه؟
الوطن يقطننا
حتى حينما نغترب أعواماً طويلة يظل الوطن يقطننا. وكم ندم كل عربي لم يتحدث مع أولاده (الذين ولدوا في الغربة) باللغة العربية لأنه حين قرر وزوجته (أمهم) العودة إلى الوطن لم يعودوا مع الوالد والوالدة فهم يجهلون لغة تلك الأوطان العربية. وكم أشعر بالامتنان للمرحوم زوجي الدكتور بشير الداعوق لأنه وجد في باريس مدرسة لتعليم العربية وكان يرافق ابنه إليها حتى تحت الثلج. ونحن في البيت لا نتكلم إلا باللغة العربية.. ومرت الأيام وحتى حين صار ابني الدكتور حازم أستاذاً في جامعة أمريكية مشهورة كان ما يزال يتكلم العربية مع بعض تلامذته العرب.. فاللغة جزء من الوطن الذي نغادره لكنه يظل يقطننا..
نزار قباني والتعابير الدمشقية
قريبي الشاعر نزار قباني ابن دمشق وجدت في بعض بطاقاته البريدية التي بعث بها إليّ كلمات (شامية) جداً قد لا يفهمها إلا الدمشقي منها مثلاً عبارة “مسخنون” كتبها في بطاقة بريدية أرسل بها لي من مدريد حيث كان يعمل. والبطاقة تمثل رسماً كاريكاتيراً لفرقة “البيتلز” وكان تعليقه: اضحكي قليلاً. مع (البيتلز). إنهم “مسخنون” بذقونهم الطويلة وأفواههم المفتوحة. أما “مسخنون” باللغة الشامية فتعني أنهم يتمتعون بالطرافة ويجعلوننا نضحك بود.
تحطيم طائرة للشهرة
قرأت عن رجل أمريكي شغوف بالشهرة أو بالرياضات الخطرة أو بالمال اسمه تريفور جيكوب ودبر تحطم طائرته لينشر مقطع (فيديو) وهو يقفز منها، وتم تصوير الحادثة من الزوايا كلها بواسطة كاميرات مثبتة على الطائرة. ولحسن حظ (المغامر) لم يقع حطام الطائرة على أحد ولم يؤذ غير نفسه، إذ حكم عليه بالسجن لستة أشهر! ولكنه حقق مكاسب مالية وشهرة في وسائل الإعلام.. ولكن هل تستحق أمور كهذه المغامرة بحياة إنسان؟
هل انتحر ثملاً؟
المغني الشاب البريطاني ليام أين سقط من شرفة غرفته في الطابق الثالث من أحد الفنادق في “بونيس ايرس” وتوفي. بعض المجلات الفرنسية الفنية نشرت صورة غرفته في الفندق التي انتحر من شرفتها وكانت أرض الغرفة تعم بفوضى بقايا زجاجات الكحول والمخدرات والأوراق والفواتير.. وعلقت مجلة فرنسية بطرافة قائلة: إنه لحسن الحظ مات وحده ولم يسقط فوق رأس عابر سبيل..
مجلة أخرى تساءلت: هل كان يريد الانتحار، أم إن وراء رميه من الشرفة بعض تجار المخدرات الذين أهمل تسديد الفاتورة لهم؟
ماتت بسبب النسيان!
في جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، حديقة حيوانات فيها الأسود. وثمة موظفة تعمل في الحديقة منذ 17 سنة ثم ألفت الأسود فيما يبدو ونسيت أنها مفترسة، ونسيت بالتالي إغلاق باب قفصها وتم قتلها على يد (واسنان) الأسود الذين نسيت إغلاق باب قفصهم. مالك الحديقة يظن أن أسباب القتل غير واضحة، وأنه ربما كان أحد بجانب الموظفة. ولو كنت محققة لقلت إنه النسيان وتوهم الألفة مع الأسود الذين تنظف أقفاصهم منذ أعوام طويلة. النسيان أحياناً أفضل ما يحدث للعاشقة الخائبة ولكن ليس إذا كانت تعمل في قفص الأسود في حديقة للحيوانات!
يقتل ثم ينتحر!
تتكاثر الحوادث التي يغتال فيها قاتل بعض الناس (أو الحبيبة) ثم ينتحر. ففي براغ مثلاً أطلق الرصاص في جامعتها على 14 شخصاً أحد الطلاب (24 عاماً) على طلبة في كلية الآداب وقتل 14 شخصاً وكان قبلها قد قتل والده. وبعدما قتل أولئك كلهم انتحر. والسؤال هو ببساطة: لماذا لم يكتف بالانتحار دون قتل الآخرين؟ وما رأي الطب النفساني؟
أستطيع أن أفهم الشر الكامن خلف اقتلاع بعض المستوطنين في فلسطين لـ 700 شجرة زيتون، ولكن ما لا أفهمه لماذا اختطفوا طفلاً (15 سنة) اسمه سلامة مخامرة، وصاروا يضربون ذلك الفتى، وذنبه الوحيد أنه ولد فلسطينياً. ولماذا يخطفون الأطفال من أمهاتهم وما مصدر هذا الشر كله ضد أهالي غزة؟ أم إن السبب واضح خلف هذا الشر كله.. إنهم يريدون تهجير أهل غزة لاحتلالها وضمها إلى إسرائيل الكبرى التي يحلمون بها من نهر النيل إلى نهر الفرات (كخطوة أولى) قبل التوسع واحتلال المزيد.. ولن تسمح لهم المقاومة الفلسطينية بتحقيق هذا (الحلم) لجنود الاحتلال (والكابوس) لي كعربية.
متى كهرباء بيروت تعود؟
لقد أقمت في مدن أوروبية وأمريكية كثيرة، مثل لندن وجنيف ونيويورك وواشنطن، وأعيش منذ أعوام في مدينة باريس ولم تنقطع الكهرباء عن تلك المدن مرة واحدة أو دقيقة واحدة. والبارحة فوجئت في الساعة الثانية من بعد الظهر بانقطاع الكهرباء في بيتي الباريسي. هبطت إلى حيث حراس المبنى وسألتهم عن السبب وقالوا إنهم يجرون بعض الإصلاحات وستعود الكهرباء قبل أن يهبط الظلام بساعتين ولاحظت أن في المصعد عبارة تشير إلى ذلك لم أنتبه لها. وتذكرت بيروت التي أفتقدها ولا أعود لأنني لا أطيق الحياة في الظلام. في المبنى البيروتي، حيث أقيم محرك لتوليد الكهرباء ولكن لا بد من إطفائه بعد منتصف الليل. وأنا لا أستطيع القيام بعملي (الكتابة) إلا ليلاً، كالبوم الذي يصطاد طعامه ليلاً وهكذا وداعاً للكتابة وللبراد وللمصعد ولأمور كثيرة لم تعد ممكنة بدون تيار كهربائي. واتصلت بصديقة لي في بيروت وسألتها عن مواعيد عودة الكهرباء وضحكت لجهلي قائلة إنهم قد يحصلون عليها 3 ساعات في اليوم ولا يعرفون موعد ذلك!
نحن لا نطالب الكثير من السياسيين في لبنان، ولا نطالبهم بأكثر من إعادة الكهرباء إلى “سويسرا الشرق” كما كانوا من زمان يلقبون لبنان… واليوم لا كهرباء.. والمصارف بلا نقود لتعيد للناس ما أودعوه فيها.. ترى هل يلحظ المسؤولون ذلك أم إنهم ألفوه؟
الوطن يقطننا
حتى حينما نغترب أعواماً طويلة يظل الوطن يقطننا. وكم ندم كل عربي لم يتحدث مع أولاده (الذين ولدوا في الغربة) باللغة العربية لأنه حين قرر وزوجته (أمهم) العودة إلى الوطن لم يعودوا مع الوالد والوالدة فهم يجهلون لغة تلك الأوطان العربية. وكم أشعر بالامتنان للمرحوم زوجي الدكتور بشير الداعوق لأنه وجد في باريس مدرسة لتعليم العربية وكان يرافق ابنه إليها حتى تحت الثلج. ونحن في البيت لا نتكلم إلا باللغة العربية.. ومرت الأيام وحتى حين صار ابني الدكتور حازم أستاذاً في جامعة أمريكية مشهورة كان ما يزال يتكلم العربية مع بعض تلامذته العرب.. فاللغة جزء من الوطن الذي نغادره لكنه يظل يقطننا..
نزار قباني والتعابير الدمشقية
قريبي الشاعر نزار قباني ابن دمشق وجدت في بعض بطاقاته البريدية التي بعث بها إليّ كلمات (شامية) جداً قد لا يفهمها إلا الدمشقي منها مثلاً عبارة “مسخنون” كتبها في بطاقة بريدية أرسل بها لي من مدريد حيث كان يعمل. والبطاقة تمثل رسماً كاريكاتيراً لفرقة “البيتلز” وكان تعليقه: اضحكي قليلاً. مع (البيتلز). إنهم “مسخنون” بذقونهم الطويلة وأفواههم المفتوحة. أما “مسخنون” باللغة الشامية فتعني أنهم يتمتعون بالطرافة ويجعلوننا نضحك بود.
تحطيم طائرة للشهرة
قرأت عن رجل أمريكي شغوف بالشهرة أو بالرياضات الخطرة أو بالمال اسمه تريفور جيكوب ودبر تحطم طائرته لينشر مقطع (فيديو) وهو يقفز منها، وتم تصوير الحادثة من الزوايا كلها بواسطة كاميرات مثبتة على الطائرة. ولحسن حظ (المغامر) لم يقع حطام الطائرة على أحد ولم يؤذ غير نفسه، إذ حكم عليه بالسجن لستة أشهر! ولكنه حقق مكاسب مالية وشهرة في وسائل الإعلام.. ولكن هل تستحق أمور كهذه المغامرة بحياة إنسان؟
هل انتحر ثملاً؟
المغني الشاب البريطاني ليام أين سقط من شرفة غرفته في الطابق الثالث من أحد الفنادق في “بونيس ايرس” وتوفي. بعض المجلات الفرنسية الفنية نشرت صورة غرفته في الفندق التي انتحر من شرفتها وكانت أرض الغرفة تعم بفوضى بقايا زجاجات الكحول والمخدرات والأوراق والفواتير.. وعلقت مجلة فرنسية بطرافة قائلة: إنه لحسن الحظ مات وحده ولم يسقط فوق رأس عابر سبيل..
مجلة أخرى تساءلت: هل كان يريد الانتحار، أم إن وراء رميه من الشرفة بعض تجار المخدرات الذين أهمل تسديد الفاتورة لهم؟
ماتت بسبب النسيان!
في جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، حديقة حيوانات فيها الأسود. وثمة موظفة تعمل في الحديقة منذ 17 سنة ثم ألفت الأسود فيما يبدو ونسيت أنها مفترسة، ونسيت بالتالي إغلاق باب قفصها وتم قتلها على يد (واسنان) الأسود الذين نسيت إغلاق باب قفصهم. مالك الحديقة يظن أن أسباب القتل غير واضحة، وأنه ربما كان أحد بجانب الموظفة. ولو كنت محققة لقلت إنه النسيان وتوهم الألفة مع الأسود الذين تنظف أقفاصهم منذ أعوام طويلة. النسيان أحياناً أفضل ما يحدث للعاشقة الخائبة ولكن ليس إذا كانت تعمل في قفص الأسود في حديقة للحيوانات!
يقتل ثم ينتحر!
تتكاثر الحوادث التي يغتال فيها قاتل بعض الناس (أو الحبيبة) ثم ينتحر. ففي براغ مثلاً أطلق الرصاص في جامعتها على 14 شخصاً أحد الطلاب (24 عاماً) على طلبة في كلية الآداب وقتل 14 شخصاً وكان قبلها قد قتل والده. وبعدما قتل أولئك كلهم انتحر. والسؤال هو ببساطة: لماذا لم يكتف بالانتحار دون قتل الآخرين؟ وما رأي الطب النفساني؟
نيسان ـ نشر في 2024/11/16 الساعة 00:00