دور الرعاية .. إهمال وتقصير !! ..الى متى ؟؟

حاتم الأزرعي
نيسان ـ نشر في 2024/12/13 الساعة 00:00
يعيد الحريق الذي شب في أحد مراكز الايواء لكبار السن، ملف الاهمال والتقصير ، في عديد من هذه المراكز ، إلى الواجهة ، ولا سيما إثر وفاة (6)نزلاء ، و ( 5 )إصابات بالغة و ( 55 ) إصابة وصفت بالمتوسطة .
والذاكرة الفردية والجمعية ،حافلة بالقصص لحوادث مأساوية مسرحها دور الرعاية ، وبغض النظر عن أسباب اندلاع الحريق ، فإن الاكيد أن الإهمال والتقصير ، يشكلان القاسم المشترك في عديد من الحوادث ، التي تشهدها دور الرعاية .
وعلى الدوام ، يعاني كبار سن ، وهم بلا حول ولا قوة ، الأمرين ، من سوء الخدمة التي يتلقونها ، والتهميش ، إن على مستوى عائلاتهم ،وعلى المستوى الرسمي، المتمثل في المؤسسات التي تتكفل بتغطية نفقات إقامة غير القادرين ومن لا يتوفر لهم معيلين .
وللاسف الشديد ، فإن كبار السن ،وهم الفئة الأضعف في المجتمع ، الأقل قدرة على تقدير وتمييز مستوى ما يقدم لهم من خدمة في مراكز الرعاية ، وحتى إن توفر الوعي اللازم ، فإنهم في الغالب مغلوبون على أمرهم ، ولايمتلكون القدرة على المجابهة أو حتى المطالبة ، بأدنى شروط الحياة الكريمة للإنسان !!!.
وبعد أن كان وضع كبار السن في مراكز الايواء ، إلى زمن قريب ، عارا يلحق ،ليس بالابناء فحسب وانما بالعشيرة أيضا ، فإن التحولات في المجتمع الاردني ،حملت معها تغييرات عميقة ، في مقدمتها إنهيار نمط الأسرة الممتدة ، وتداعيها لصالح الأسرة الصغيرة ، التي تشمل الأبوين وأطفالهما فقط، والى ذلك يعزو عديدون سبب بروز ظاهرة الايواء في دور الرعاية .
ودعونا نقبل ،أو نتقبل فكرة " دار الضيافة " ،كما يسمونها اليوم خجلا من "مركز الايواء" ، ونقر بأن ظروف الحياة قد تغيرت ، ولم يعد الأبناء قادرون على رعاية الاباء !! فهل توجد دور الرعاية التي تتوفر فيها البيئة والإمكانات الكفيلة بتقديم الرعاية الشاملة الحقيقية ؟؟ وعلى فرض أن دور الرعاية بهذا المفهوم موجودة ، فهل يوجد لدينا دور رعاية كافية من حيث العدد ؟؟ والاهم لماذا يقتصر وجود هذه الدور - على محدوديتها - على العاصمة وبعض المدن الكبيرة في المحافظات .
ووفقا لبيانات الجهات الحكومية ، فإن محافظات المملكة تضم (٩)دور للمسنين منها التطوعية والخاصة ، وهي بالتأكيد لا تلبي حاجة المجتمع المتزايده لايواء المسنين ،سواء الذين تخلت عنهم أسرهم أو لنقل أنهم لم يعودوا قادرين على رعايتهم لأسباب مختلفة ،فضلا عن تزايد أعداد المسنين المشردين .
وتشير بيانات رسمية ،الى أن نسبة المسنين في تزايد مستمر وأنها ستصل إلى (١٥) بالمئة من إجمالي السكان بحلول عام 2030 ، والمؤلم إن هذه الزيادة تأتي في ظل غياب منظومة اقتصادية اجتماعية متكاملة ، فضلا عن غياب استراتيجية حقيقية ، فعديد من الاستراتيجيات ،ليست الا حبرا على ورق ، ولا تعدو كونها موضوع انشاء لطالب في السادس الابتدائي !!.
ويبقى أن نقول : إن تسريب وبث فيديو حرق مركز الايواء على يد أحد النزلاء وما رافق ذلك من تسريبات وأقاويل حول صحته النفسية ، ليس إلا وصمة عار في جبين من يصدر ويسوق الرواية ، ودليل آخر يثبت بلا أدنى شك حالة التقصير والاهمال !!!.
ولا يكفي ، استعراض رئيس الوزراء والوزراء وبقية الحاشية ، أمام كاميرات التلفزة ،المحلية وغيرها ، وابداء الصدمة ، وتوعد المقصرين بالحساب والعقاب ، فهذه" هيزعه " عهدناها وخبرنا من تجارب سابقة ،كيف تموت القضية وتدفن مع الضحايا ، بمجرد أن يعود المسؤول إلى مكتبه ، ويحتصي فنجانا من القهوة على رواق ،بعيدا عن جلبة الإعلام !!.
    نيسان ـ نشر في 2024/12/13 الساعة 00:00