البعوضة وقصتان قصيرتان ! لـ ماجد شاهين
نيسان ـ نشر في 2015/12/07 الساعة 00:00
( 1 ) القطّة العمياء !
القطّة العمياء ، كانت تنال نصيبها من الماء بوجودها إلى جوار سيل ماء، تختلط فيه مياه الشرب مع مياه أخرى ليست نقيّة كما يجب . كانت ترقد هناك وتنام وتتناول من الطعام ما يجلبه ولد ٌ صغير من الحارات والمنازل . القطّة العمياء كانت تستظلّ بجذع شجرة في الشارع و تداري نفسها عن عبث المارّين خلف حجر كبيرة . كانت هناك تشرب وتأكل وتنام و تتنفّس وتسمع أصوات الناس والقطط والمركبات فتأنس بما تسمع و إلى ما تسمع . رجل ٌ دهمه ورع ٌ وافر ٌ و حكمة ناصعة ، رأى أن ّ القطّة في الشارع تتعرّض لاعتداءات من صبية وقطط أخرى أو قد يصيبها مكروه فتنال تعباً أو مرضا ً أو تفقد طعامها . هو قال ذلك وآخرون قالوا غير ذلك . حمل القطّة ونقلها إلى قفص ٍ معدنيّ واسع مفتوح بجوار منزله البعيد عن الشارع و أشار إلى أنه سيعتني بها ويوفر لها الطعام والماء والمكان الآمن . القطّة، وبعد أربعة أيّام مضت على نقلها إلى مكانها الجديد، وُجدت ميّتة . الرجل قال أنّه نسي أن هناك قطّة في جوار بيته ونسي أن يبعث لها الماء والطعام . ( 2 ) البعوضة و أصابعي ! تلسع ُ وتختفي ، ثم ّ تعود لكي تلسع مرّة أخرى فتحاول وتفعل وتختفي ! البعوضة أزعجتني لأنّها تحاول تعطيل و إعثار يدي اليمنى والأصابع التي أكتب بها وأطبع . كيف تعرف بعوضة ٌ مجنونة أنـّني أستخدم يدي اليمنى و أصبعين للطباعة والكتابة ؟ ولماذا تحاول إشغال ذهني بالحكٍّة الناجمة عن اللسع ؟ ... حاولت النيل منها ، وفشلت ُ لأنها متمكنة من لعبة الاختباء و عندها مساحات واسعة تحت الطاولة بشكل أعجز معه عن ملاحقتها . الآن فطنت ُ إلى آلة كهربائية تطرد البعوض عند تشغيلها و باستخدام أقراص طاردة للبعوض . ... أحك ّ يدي اليمنى بيدي اليسرى . أضع قرص المادة الطاردة و أدس ّ سلك الآلة بموصل الكهرباء . تنبعث رائحة يقولون أنها مخصصة لطرد البعوض و بكفاءة عالية . ... عشرون دقيقة الآن انقضت و لا أحس أو أرى بعوضاً يقترب من يدي ! غابت البعوضة . ... و بعد عشر دقائق أخرى ، حكّة تستدعي استخدام اليدين الثنتين ، أمد ّ يدي إلى القدم تحت الطاولة و أحاول أن أطرد بعوضتين تقتحمان المكان . ... هل احـْتُشِد البعوض ُ للإعلان عن رفض استخدام أقراص الطارد ؟ و هل ثمّة نكاية و محاولة لإشغالي عن فكرة الكتابة ؟ ... أنشغل ُ الآن بالبعوض ، و عندي سؤال محدد : هل من الممكن أن تتنبأ بعوضة بما أحاول أن أكتبه ؟ ... البعوض يبحث عن أصابعي لكي يمعن فيها لسعاً ، ربما للبعوض أهداف لتعطيل أصابعي و منعها من الحركة . البعوض انتصر َ على القرص الطارد ، فهل أنتصر ُ على لسعاته ؟ ( 3 ) خبر !
ناقل الأخبار الجائل ، يروح إلى مشهد مُعلن عنه ، في قاعة أو رصيف ، فيحضر المغنّي الذي لم يستقم صوته ، و لم يكن في المكان من الحاضرين سوى ناقل الخبر . ناقل الأخبار ، الحاضر الوحيد ، اقترب و صافح المغنّي و عضوي ّ الفرقة المصاحبة ، عازف إيقاع ( ضارب طبل ) و عازف عود . تحدثوا عن " جمهور غائب و سوء تخطيط و أحوال بائسة للفن ولمحبيه " .. ثم غادروا جميعاً . المغنّي يذهب هناك إلى طاولة الحزن في مقهاه أو إلى طابور ليتناول لقمته الفقيرة . ضارب الطبل وعازف العود ، فضّلا الرجوع إلى منزليهما . ناقل الخبر ، يذهب إلى طاولة في مقهى آخر ، يتناول أوراقه ويأخذ في الكتابة ويقول : صفّق الحاضرون بشكل مكثف وعميق للمطرب الكبير في القاعة التي احتشدت بالناس و غصت بالمتذوقين . يبعث خبره إلى صحيفة . تتلقف الصحيفة الخبر ً و تكتب فوقه العنوان التالي : المغنّي الفلانيّ يلهب قاعة مسرح البلد و جمهور كبير يتفاعل و يخرج منشياً . الصحيفة لم تغفل أن تضع صورا ً من أرشيفها لجمهور عريض يصفق و يرقص في مكان ٍ ما . .. المطرب ، في اليوم التالي قرأ الخبر ، يقولون أنه غُص ّ بلقمة من ساندويشته و كاد أن يختنق .
القطّة العمياء ، كانت تنال نصيبها من الماء بوجودها إلى جوار سيل ماء، تختلط فيه مياه الشرب مع مياه أخرى ليست نقيّة كما يجب . كانت ترقد هناك وتنام وتتناول من الطعام ما يجلبه ولد ٌ صغير من الحارات والمنازل . القطّة العمياء كانت تستظلّ بجذع شجرة في الشارع و تداري نفسها عن عبث المارّين خلف حجر كبيرة . كانت هناك تشرب وتأكل وتنام و تتنفّس وتسمع أصوات الناس والقطط والمركبات فتأنس بما تسمع و إلى ما تسمع . رجل ٌ دهمه ورع ٌ وافر ٌ و حكمة ناصعة ، رأى أن ّ القطّة في الشارع تتعرّض لاعتداءات من صبية وقطط أخرى أو قد يصيبها مكروه فتنال تعباً أو مرضا ً أو تفقد طعامها . هو قال ذلك وآخرون قالوا غير ذلك . حمل القطّة ونقلها إلى قفص ٍ معدنيّ واسع مفتوح بجوار منزله البعيد عن الشارع و أشار إلى أنه سيعتني بها ويوفر لها الطعام والماء والمكان الآمن . القطّة، وبعد أربعة أيّام مضت على نقلها إلى مكانها الجديد، وُجدت ميّتة . الرجل قال أنّه نسي أن هناك قطّة في جوار بيته ونسي أن يبعث لها الماء والطعام . ( 2 ) البعوضة و أصابعي ! تلسع ُ وتختفي ، ثم ّ تعود لكي تلسع مرّة أخرى فتحاول وتفعل وتختفي ! البعوضة أزعجتني لأنّها تحاول تعطيل و إعثار يدي اليمنى والأصابع التي أكتب بها وأطبع . كيف تعرف بعوضة ٌ مجنونة أنـّني أستخدم يدي اليمنى و أصبعين للطباعة والكتابة ؟ ولماذا تحاول إشغال ذهني بالحكٍّة الناجمة عن اللسع ؟ ... حاولت النيل منها ، وفشلت ُ لأنها متمكنة من لعبة الاختباء و عندها مساحات واسعة تحت الطاولة بشكل أعجز معه عن ملاحقتها . الآن فطنت ُ إلى آلة كهربائية تطرد البعوض عند تشغيلها و باستخدام أقراص طاردة للبعوض . ... أحك ّ يدي اليمنى بيدي اليسرى . أضع قرص المادة الطاردة و أدس ّ سلك الآلة بموصل الكهرباء . تنبعث رائحة يقولون أنها مخصصة لطرد البعوض و بكفاءة عالية . ... عشرون دقيقة الآن انقضت و لا أحس أو أرى بعوضاً يقترب من يدي ! غابت البعوضة . ... و بعد عشر دقائق أخرى ، حكّة تستدعي استخدام اليدين الثنتين ، أمد ّ يدي إلى القدم تحت الطاولة و أحاول أن أطرد بعوضتين تقتحمان المكان . ... هل احـْتُشِد البعوض ُ للإعلان عن رفض استخدام أقراص الطارد ؟ و هل ثمّة نكاية و محاولة لإشغالي عن فكرة الكتابة ؟ ... أنشغل ُ الآن بالبعوض ، و عندي سؤال محدد : هل من الممكن أن تتنبأ بعوضة بما أحاول أن أكتبه ؟ ... البعوض يبحث عن أصابعي لكي يمعن فيها لسعاً ، ربما للبعوض أهداف لتعطيل أصابعي و منعها من الحركة . البعوض انتصر َ على القرص الطارد ، فهل أنتصر ُ على لسعاته ؟ ( 3 ) خبر !
ناقل الأخبار الجائل ، يروح إلى مشهد مُعلن عنه ، في قاعة أو رصيف ، فيحضر المغنّي الذي لم يستقم صوته ، و لم يكن في المكان من الحاضرين سوى ناقل الخبر . ناقل الأخبار ، الحاضر الوحيد ، اقترب و صافح المغنّي و عضوي ّ الفرقة المصاحبة ، عازف إيقاع ( ضارب طبل ) و عازف عود . تحدثوا عن " جمهور غائب و سوء تخطيط و أحوال بائسة للفن ولمحبيه " .. ثم غادروا جميعاً . المغنّي يذهب هناك إلى طاولة الحزن في مقهاه أو إلى طابور ليتناول لقمته الفقيرة . ضارب الطبل وعازف العود ، فضّلا الرجوع إلى منزليهما . ناقل الخبر ، يذهب إلى طاولة في مقهى آخر ، يتناول أوراقه ويأخذ في الكتابة ويقول : صفّق الحاضرون بشكل مكثف وعميق للمطرب الكبير في القاعة التي احتشدت بالناس و غصت بالمتذوقين . يبعث خبره إلى صحيفة . تتلقف الصحيفة الخبر ً و تكتب فوقه العنوان التالي : المغنّي الفلانيّ يلهب قاعة مسرح البلد و جمهور كبير يتفاعل و يخرج منشياً . الصحيفة لم تغفل أن تضع صورا ً من أرشيفها لجمهور عريض يصفق و يرقص في مكان ٍ ما . .. المطرب ، في اليوم التالي قرأ الخبر ، يقولون أنه غُص ّ بلقمة من ساندويشته و كاد أن يختنق .
نيسان ـ نشر في 2015/12/07 الساعة 00:00