رسوم ترامب الجمركية.. أسوأ عدو له وللولايات المتحدة
نيسان ـ نشر في 2025/03/10 الساعة 00:00
الاتحاد الأوروبي هو الهدف الكبير التالي على الأرجح وفي جميع الأحوال يصعب تصور إجراء واحد يمكن أن يوحد الاتحاد الأوروبي مع الشركاء التجاريين الآخرين.
آلان بيتي
إنهم قادمون، كنا مستعدين أم لا. الخطة الحربية التي يرسمها خصوم الولايات المتحدة التجاريين، أي الجميع، يتم اختبارها الآن. حرب دونالد ترامب التجارية بدأت، فكيف ستكون استجابة الشركاء التجاريين؟
كل شيء على ما يرام، وسياسياً سليم، ويثبت ذلك تصاعد مشاعر الفخر الوطني في البلدين. برغم ذلك، فإن الانتقام هو الرد التقليدي بضرب الصادرات. والولايات المتحدة في عهد ترامب لا تعمل بالطرق التقليدية. ولا توجد إشارات تذكر على وجود تضامن دولي متبادل لمقاومة تعريفات ترامب، باستثناء ما بين كندا والمكسيك.
الرد الانتقامي التقليدي لعبة ممارسة. أنت تقوم بفرض رسوم جمركية على منتجات من ولايات حساسة سياسياً، مثل المشروبات من كنتاكي، الولاية التي ينتمي إليها زعيم الأغلبية الجمهورية السابق في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ثم تنتظر أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونجرس لتقديم شكاوى إلى البيت الأبيض.
غير أنه من غير المرجح أن تعمل هذه الطريقة بشكل جيد مع ترامب، فلقد استولى على السلطة وعلى التجارة (وغيرها الكثير) وغيرها من مكانها التقليدي في الكونجرس. وكأي شعبوي جيد، يعتقد ترامب أنه يملك قناة اتصال مباشرة مع الشعب الأمريكي، وقد كشفت دراسة أكاديمية بارزة أن التعريفات التي فرضها خلال رئاسته الأولى أكسبته أصواتاً انتخابية رغم تسببها في أضرار اقتصادية.
في جميع الأحوال، الولايات المتحدة، تمتلك اقتصاداً يتمتع بدرجة كبيرة من الاكتفاء الذاتي نسبياً. فقد بلغ متوسط صادراتها ووارداتها من السلع والخدمات 12.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 22.4 % للاتحاد الأوروبي، و32.8 % للمملكة المتحدة، و44.7 % لكوريا الجنوبية.
نموذج النمو الاقتصادي الأمريكي ليس مدفوعاً في الأساس بالتصدير. ويعاني عجزاً تجارياً مزمناً. كما أن ثلث صادراته تتكون من خدمات يصعب على الشركاء التجاريين تقييدها أو منعها مقارنة بالسلع المادية الملموسة.
فيما يتعلق بالتنسيق الدولي، يبدو أن الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، وهم كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، متباينون اقتصادياً وسياسياً بدرجة كبيرة تحول دون العمل الجماعي المنسق. ويعتبر الاتحاد الأوروبي على الأرجح الهدف الكبير التالي للرئيس ترامب، ولم تحظ المحاولات الاستكشافية التي قامت بها بروكسل للتنسيق بقدر كبير من الاستجابة.
وتتذكر دول أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية كيف تفاوض الاتحاد الأوروبي للحصول على صفقة جيدة نسبياً لمصلحته لتجنب رسوم الصلب والألمنيوم خلال فترة ترامب الأولى، بدلاً من العمل على تشكيل تحالف دولي موحد. وقد حاولت الصين إطلاق مبادرة لبناء تضامن دبلوماسي مع الاتحاد الأوروبي، لكن الخلافات القائمة حول قضايا مثل السيارات الكهربائية وغيرها ما يعوق تشكيل تحالف متين.
وفي جميع الأحوال، يصعب تصور إجراء واحد يمكن أن يوحد الاتحاد الأوروبي مع الشركاء التجاريين الآخرين. اقترح بعض صناع السياسات استهداف شركة «تسلا» بإجراءات تقييدية لإلحاق الضرر بإيلون ماسك. لكن غالبية سيارات تسلا المباعة في الاتحاد الأوروبي يتم تصنيعها في الصين (وبعضها في ألمانيا)، وهذا يعني أن مثل هذه الإجراءات ستضر بالشركة لكنها لن تؤثر على الإنتاج الأمريكي.
يمكن لبروكسل اتخاذ إجراءات تنظيمية ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية، لكن هذه الإجراءات تظل محصورة ضمن الإطار التشريعي للاتحاد الأوروبي. وعلى أية حال، فإن قدرة الاتحاد الأوروبي على الانتقام بسرعة أمر مشكوك فيه. فالأداة المضادة للإكراه (التي لم تختبر بعد) التي صممها الاتحاد الأوروبي لظروف كهذه قد تستغرق على الأرجح شهوراً قبل تفعيلها.
في الواقع، سيكون هذا وقتاً مثالياً للجميع لتجاوز النزعة التجارية والعودة إلى الأسس الاقتصادية السليمة. فالرسوم الجمركية تلحق الضرر بشكل أساسي بالبلد الذي يفرضها، وليس فقط من خلال رفع أسعار المستهلكين. بل إنها تعطل أيضاً شبكات القيمة من خلال تقييد إمدادات المدخلات الصناعية، بما في ذلك السلع نصف المصنعة. ومن المشكوك فيه أن ترامب يهتم كثيراً بناخبي ولاية ميشيغان لذاتهم. لكن قراره مؤخراً بإعفاء شركات السيارات من الرسوم المفروضة على كندا والمكسيك، يشير بوضوح إلى خوفه من التداعيات السلبية الكبيرة إذا توقفت سلاسل إنتاج السيارات عبر الحدود.
الرسوم الجمركية التي يسعى ترامب لفرضها أكبر بكثير من التي فرضها خلال فترة رئاسته الأولى، وكلما أوقف سلاسل التوريد في العثور على طرق جديدة إلى الولايات المتحدة، كلما خف تأثير الرسوم في تلك المناسبة، وكان الضرر الاقتصادي أسوأ.
ويمكن لكندا إلحاق ضرر حقيقي بتعطيل واردات الولايات المتحدة، لا صادراتها، خاصة إمدادات الطاقة، بما فيها حتى الكهرباء. وكما هو متوقع، فإن مقاطعة ألبرتا الغنية بالنفط تعارض هذا النهج. لكن إذا كان ترامب جاداً بشأن تحويل كندا إلى «الولاية الأمريكية رقم 51»، فقد يكون على سكان ألبرتا التفكير في ما هو أبعد من صادراتهم من الهيدروكربونات خلال الربع القادم.
كما أن الاقتصاد الأمريكي ليس في وضع جيد لتحمل مجموعة ضربات ذاتية. فقد بدأت التداعيات المتوقعة للرسوم الجمركية، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي، تنعكس بالفعل على المؤشرات الاقتصادية، فقد تراجعت ثقة المستهلكين والشركات، وزادت مخاوف التضخم، وسجلت أسواق الأسهم أداء سيئاً، كما شهدت بعض السلع زيادات سعرية حادة مثل البيض، سواء كان ذلك مرتبطًا بالتعريفات الجمركية أم لا.
كذلك انخفضت قيمة الدولار، ويبدو أن توقعات النمو المنخفضة قد تغلبت على التأثير المعتاد للرسوم الجمركية في رفع قيمة العملة. كما أن الضربات الموجهة لأرباح منتجي المشروبات لن تردع ترامب. لكن ركوداً اقتصادياً شاملاً وتصحيحاً حاداً في سوق الأسهم قد يكون لهما تأثير مختلف.
ومن غير الواقعي توقع استجابة تجارية دولية منسقة لمواجهة سياسات ترامب، على الأقل في المدى القصير، أو أن يجبره الرد التقليدي على التراجع. برغم ذلك، إذا كانت المؤشرات المبكرة للضعف الاقتصادي والتاريخ الطويل للرسوم الجمركية تشكل دلالات موثوقة، فإن سياسته الحمائية ستكون أسوأ عدو له وللولايات المتحدة.
آلان بيتي
إنهم قادمون، كنا مستعدين أم لا. الخطة الحربية التي يرسمها خصوم الولايات المتحدة التجاريين، أي الجميع، يتم اختبارها الآن. حرب دونالد ترامب التجارية بدأت، فكيف ستكون استجابة الشركاء التجاريين؟
كل شيء على ما يرام، وسياسياً سليم، ويثبت ذلك تصاعد مشاعر الفخر الوطني في البلدين. برغم ذلك، فإن الانتقام هو الرد التقليدي بضرب الصادرات. والولايات المتحدة في عهد ترامب لا تعمل بالطرق التقليدية. ولا توجد إشارات تذكر على وجود تضامن دولي متبادل لمقاومة تعريفات ترامب، باستثناء ما بين كندا والمكسيك.
الرد الانتقامي التقليدي لعبة ممارسة. أنت تقوم بفرض رسوم جمركية على منتجات من ولايات حساسة سياسياً، مثل المشروبات من كنتاكي، الولاية التي ينتمي إليها زعيم الأغلبية الجمهورية السابق في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ثم تنتظر أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونجرس لتقديم شكاوى إلى البيت الأبيض.
غير أنه من غير المرجح أن تعمل هذه الطريقة بشكل جيد مع ترامب، فلقد استولى على السلطة وعلى التجارة (وغيرها الكثير) وغيرها من مكانها التقليدي في الكونجرس. وكأي شعبوي جيد، يعتقد ترامب أنه يملك قناة اتصال مباشرة مع الشعب الأمريكي، وقد كشفت دراسة أكاديمية بارزة أن التعريفات التي فرضها خلال رئاسته الأولى أكسبته أصواتاً انتخابية رغم تسببها في أضرار اقتصادية.
في جميع الأحوال، الولايات المتحدة، تمتلك اقتصاداً يتمتع بدرجة كبيرة من الاكتفاء الذاتي نسبياً. فقد بلغ متوسط صادراتها ووارداتها من السلع والخدمات 12.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 22.4 % للاتحاد الأوروبي، و32.8 % للمملكة المتحدة، و44.7 % لكوريا الجنوبية.
نموذج النمو الاقتصادي الأمريكي ليس مدفوعاً في الأساس بالتصدير. ويعاني عجزاً تجارياً مزمناً. كما أن ثلث صادراته تتكون من خدمات يصعب على الشركاء التجاريين تقييدها أو منعها مقارنة بالسلع المادية الملموسة.
فيما يتعلق بالتنسيق الدولي، يبدو أن الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، وهم كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، متباينون اقتصادياً وسياسياً بدرجة كبيرة تحول دون العمل الجماعي المنسق. ويعتبر الاتحاد الأوروبي على الأرجح الهدف الكبير التالي للرئيس ترامب، ولم تحظ المحاولات الاستكشافية التي قامت بها بروكسل للتنسيق بقدر كبير من الاستجابة.
وتتذكر دول أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية كيف تفاوض الاتحاد الأوروبي للحصول على صفقة جيدة نسبياً لمصلحته لتجنب رسوم الصلب والألمنيوم خلال فترة ترامب الأولى، بدلاً من العمل على تشكيل تحالف دولي موحد. وقد حاولت الصين إطلاق مبادرة لبناء تضامن دبلوماسي مع الاتحاد الأوروبي، لكن الخلافات القائمة حول قضايا مثل السيارات الكهربائية وغيرها ما يعوق تشكيل تحالف متين.
وفي جميع الأحوال، يصعب تصور إجراء واحد يمكن أن يوحد الاتحاد الأوروبي مع الشركاء التجاريين الآخرين. اقترح بعض صناع السياسات استهداف شركة «تسلا» بإجراءات تقييدية لإلحاق الضرر بإيلون ماسك. لكن غالبية سيارات تسلا المباعة في الاتحاد الأوروبي يتم تصنيعها في الصين (وبعضها في ألمانيا)، وهذا يعني أن مثل هذه الإجراءات ستضر بالشركة لكنها لن تؤثر على الإنتاج الأمريكي.
يمكن لبروكسل اتخاذ إجراءات تنظيمية ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية، لكن هذه الإجراءات تظل محصورة ضمن الإطار التشريعي للاتحاد الأوروبي. وعلى أية حال، فإن قدرة الاتحاد الأوروبي على الانتقام بسرعة أمر مشكوك فيه. فالأداة المضادة للإكراه (التي لم تختبر بعد) التي صممها الاتحاد الأوروبي لظروف كهذه قد تستغرق على الأرجح شهوراً قبل تفعيلها.
في الواقع، سيكون هذا وقتاً مثالياً للجميع لتجاوز النزعة التجارية والعودة إلى الأسس الاقتصادية السليمة. فالرسوم الجمركية تلحق الضرر بشكل أساسي بالبلد الذي يفرضها، وليس فقط من خلال رفع أسعار المستهلكين. بل إنها تعطل أيضاً شبكات القيمة من خلال تقييد إمدادات المدخلات الصناعية، بما في ذلك السلع نصف المصنعة. ومن المشكوك فيه أن ترامب يهتم كثيراً بناخبي ولاية ميشيغان لذاتهم. لكن قراره مؤخراً بإعفاء شركات السيارات من الرسوم المفروضة على كندا والمكسيك، يشير بوضوح إلى خوفه من التداعيات السلبية الكبيرة إذا توقفت سلاسل إنتاج السيارات عبر الحدود.
الرسوم الجمركية التي يسعى ترامب لفرضها أكبر بكثير من التي فرضها خلال فترة رئاسته الأولى، وكلما أوقف سلاسل التوريد في العثور على طرق جديدة إلى الولايات المتحدة، كلما خف تأثير الرسوم في تلك المناسبة، وكان الضرر الاقتصادي أسوأ.
ويمكن لكندا إلحاق ضرر حقيقي بتعطيل واردات الولايات المتحدة، لا صادراتها، خاصة إمدادات الطاقة، بما فيها حتى الكهرباء. وكما هو متوقع، فإن مقاطعة ألبرتا الغنية بالنفط تعارض هذا النهج. لكن إذا كان ترامب جاداً بشأن تحويل كندا إلى «الولاية الأمريكية رقم 51»، فقد يكون على سكان ألبرتا التفكير في ما هو أبعد من صادراتهم من الهيدروكربونات خلال الربع القادم.
كما أن الاقتصاد الأمريكي ليس في وضع جيد لتحمل مجموعة ضربات ذاتية. فقد بدأت التداعيات المتوقعة للرسوم الجمركية، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي، تنعكس بالفعل على المؤشرات الاقتصادية، فقد تراجعت ثقة المستهلكين والشركات، وزادت مخاوف التضخم، وسجلت أسواق الأسهم أداء سيئاً، كما شهدت بعض السلع زيادات سعرية حادة مثل البيض، سواء كان ذلك مرتبطًا بالتعريفات الجمركية أم لا.
كذلك انخفضت قيمة الدولار، ويبدو أن توقعات النمو المنخفضة قد تغلبت على التأثير المعتاد للرسوم الجمركية في رفع قيمة العملة. كما أن الضربات الموجهة لأرباح منتجي المشروبات لن تردع ترامب. لكن ركوداً اقتصادياً شاملاً وتصحيحاً حاداً في سوق الأسهم قد يكون لهما تأثير مختلف.
ومن غير الواقعي توقع استجابة تجارية دولية منسقة لمواجهة سياسات ترامب، على الأقل في المدى القصير، أو أن يجبره الرد التقليدي على التراجع. برغم ذلك، إذا كانت المؤشرات المبكرة للضعف الاقتصادي والتاريخ الطويل للرسوم الجمركية تشكل دلالات موثوقة، فإن سياسته الحمائية ستكون أسوأ عدو له وللولايات المتحدة.
نيسان ـ نشر في 2025/03/10 الساعة 00:00