انتخابات غرينلاند.. اختبار طموح الاستقلال أمام أطماع ترامب

نيسان ـ نشر في 2025/03/11 الساعة 00:00
انتخابات برلمانية في جزيرة غرينلاند، زاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الرهانات فيها.

واليوم الثلاثاء، يتوجه الناخبون في غرينلاند إلى صناديق الاقتراع، في ما قد تكون الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخ الجزيرة القطبية الشمالية.
فمع وجود حوالي 40 ألف ناخب - من إجمالي عدد سكان يبلغ 57 ألف نسمة - فإن الهوامش صغيرة.
ولكن وسط الاهتمام المثير من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والدعوات المتزايدة في الداخل للاستقلال عن الدنمارك، الحاكم الاستعماري السابق لغرينلاند، والتي تحتفظ بالسيطرة على الأمن والسياسة الخارجية في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، فإن نتيجة الانتخابات ستكون لها تداعيات واسعة النطاق من كوبنهاغن إلى واشنطن العاصمة وما بعدها. بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفي حديثه عن غرينلاند في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، قال ترامب، "أعتقد أننا سنحصل عليها بطريقة أو بأخرى" - مما أثار مخاوف من محاولة الولايات المتحدة الاستيلاء على الجزيرة بالقوة أو الإكراه الاقتصادي.
وردّ رئيس وزراء غرينلاند المؤيد للاستقلال موت إيجيدي: "نحن لسنا للبيع ولا يمكن الاستيلاء علينا ببساطة".
وقال إيجيدي "لا نريد أن نكون أمريكيين ولا دنماركيين"، مضيفا: "يتعين على الأمريكيين وزعيمهم أن يفهموا ذلك".
الاستقلال يهيمن على المشهد
وحضرت مسألة الاستقلال بشكل رئيسي في الحملة، إلى جانب السياحة والتعليم والشؤون الاجتماعية ومصايد الأسماك التي تمثل 90 بالمئة من صادرات الجزيرة الواقعة في المنطقة القطبية الشمالية.
وتدعم جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان تقريبا فكرة السيادة الكاملة على الجزيرة المغطاة بالجليد، والبالغة مساحتها 50 ضعف مساحة الدنمارك، ولكن عدد سكانها أقل بمئة مرة.
وبينما تدعم معظم الأحزاب المتنافسة على 31 مقعدا في البرلمان، الاستقلال، تختلف وجهات نظرها بشأن الجدول الزمني لذلك، اذ يفضل البعض "مسارا سريعا"، بينما يؤثِر البعض الآخر التمهل.
من هم اللاعبون الرئيسيون في الانتخابات؟
مع 12 مقعدا في البرلمان الغرينلاندي، كان أكبر حزب في الانتخابات هو "مجتمع الشعب" (يساري) والذي قاد الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء موتي إيجيدي.
أما السيوموت (اشتراكي) بقيادة إريك جينسن، فهو ثاني أكبر حزب بـ 10 مقاعد.
وبعدهما يبرز لاعب رئيسي آخر هو حزب "ناليراك" (قومي وسطي)، الذي بات أكبر حزب معارضة بحصوله على أربعة مقاعد.
وقد اكتسب الحزب، الذي يتزعمه بيلي بروبيرج، وهو وزير سابق في الحكومة، زخما كبيرا بوعده بإجراء تصويت سريع على الاستقلال.
وهو الحزب الأكثر انفتاحا على التعاون مع الولايات المتحدة.
أما اللاعبون الآخرون فهم: "الديمقراطيون" (ليبرالي نقابي) الذين حصلوا على ثلاثة مقاعد، و"أتاسوت" (ليبرالي محافظ) الذي حصل على مقعدين، و"كوليك" الجديد نسبيا، والذي يركز بشكل أساسي على الاستقلال.
وتدعم جميع الأحزاب، باستثناء حزب واحد، أتاسوت، الذي يريد توسيع وتعزيز الكومنولث مع الدنمارك، الاستقلال، لكنها تختلف في الرأي حول السرعة التي يعتقدون أنه ينبغي تحقيق الاستقلال بها.
عودة للوراء
وحكمت الدنمارك غرينلاند كمستعمرة حتى عام 1953، عندما حققت الجزيرة سلطات أكبر للحكم الذاتي.
ثم في عام 2009، اكتسبت المزيد من السلطات المتعلقة بالمعادن والشرطة والمحاكم.
لكن الدنمارك لا تزال تسيطر على الأمن والدفاع والسياسة الخارجية والنقدية.
كما تستفيد غرينلاند من عضوية الدنمارك في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
ويتمتع سكان الجزيرة أيضا بجوازات سفر دنماركية ورعاية صحية ومزايا أخرى لدولة الرفاهية في الشمال.
تسريع حركة الاستقلال
في كل انتخابات تقريبا في السنوات الأخيرة، وعد الساسة باتخاذ خطوات لتحقيق الحكم الذاتي. لكن لم يقدم أي منهم جدولا زمنيا ملموسا.
لكن المحللين يقولون إن موقف ترامب أعطى في الواقع الجزيرة القطبية الشمالية المزيد من القوة التفاوضية مع الدنمارك، ودفع حركة الاستقلال إلى سرعة عالية.
ولن يكون الاستقلال على ورقة الاقتراع في انتخابات الثلاثاء، لكن الشريك الآخر في الائتلاف الحكومي المكون من حزبين في غرينلاند، حزب سيوموت، قال إنه يخطط لإجراء استفتاء على الاستقلال خلال فترة الانتخابات المقبلة.
وقد شنّ حزب المعارضة الرئيسي، "ناليراك"، حملة لقطع العلاقات مع الدنمارك بسرعة أكبر ويريد متابعة اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة.
ويريد الحزب أن يبدأ مسار الاستقلال على الفور. وهو نال في الانتخابات السابقة عام 2021، نسبة 12 بالمئة من الأصوات.
ويقول يونو بيرثيلسن، أحد أبرز مرشحي ناليراك، لوكالة فرانس برس إن "الاهتمام الذي نراه، ليس فقط من الولايات المتحدة ولكن في الأساس من العالم أجمع، والذي كان موجودا منذ سنوات عدة، يتحول إلى مصلحتنا".
انتخابات كل 4 سنوات
وتُعقد غرينلاند انتخابات كل أربع سنوات، مع وجود 31 مقعدا في البرلمان على المحك.
وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية إنه في غياب استطلاعات رأي موثوقة، يتردد المحللون في التنبؤ بما إذا كان الائتلاف اليساري الحاكم بقيادة إيجيدي سيفوز مرة أخرى.
"أينما كانت النتيجة، ستكون هناك سرعة، سيكون هناك توربو بشأن قضية الاستقلال"، هذا ما قالته نوا ريدنجتون، المحللة والمستشارة السابقة لرئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي ثورنينج شميت، لوكالة رويترز.
أما المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي الغرينلاندية والمرشحة لرئاسة مجلس النواب، كوبانوك أولسن، فأعربت عن اعتقادها أن "كل هذا الاهتمام من ترامب وبقية العالم يسرع بالتأكيد عملية استقلالنا 100 مرة".
وفي الوقت نفسه، وسط تدفق الاهتمام الدولي، حظر برلمان غرينلاند الشهر الماضي التبرعات السياسية من الأفراد الأجانب والمانحين المجهولين.
    نيسان ـ نشر في 2025/03/11 الساعة 00:00