اليقين بات اليوم عملة نادرة في الأسواق العالمية
نيسان ـ نشر في 2025/03/15 الساعة 00:00
يدرك كل طالب مبتدئ في علم الاقتصاد أن الأسعار ترتفع عندما يتجاوز الطلب العرض؛ لذا، يظل الاستثمار في وقت الندرة استراتيجية مجدية على المدى الطويل. وعادة ما يستخدم مصطلح «الندرة» في الاقتصاد لوصف الموارد المادية المحدودة، لكن أسواق الأسهم توسع الآن هذا المفهوم.
وفي فترات تراجع الأرباح، تزداد قيمة الشركات التي تتمكن من تحقيق نمو مستمر في أرباحها رغم الظروف الصعبة.
ومن الواضح أن اليقين أصبح سلعة نادرة في الأسواق المالية اليوم. فالسياسات المتقلبة التي تتبعها واشنطن تخلق بيئة اقتصادية تتسم بعدم القدرة على التنبؤ، ما يجعل وضع توقعات دقيقة أمراً شبه مستحيل. وفي حين تبنى المستثمرون خلال الأعوام الماضية استثمارات مضاربية، مثل أسهم شركات التكنولوجيا التي يطلق عليها «العظماء السبعة»، والعملات المشفرة، والشركات الوهمية، إلا أنهم يدركون حالياً أن التوقعات الحالمة لا جدوى منها عندما لا يكون المرء قادراً على توقع التغييرات السياسية التي سيتم إعلانها في اليوم التالي.
وعادة ما لا يهتم المستثمرون المحايدون بما إن كانت السياسات الحكومية جيدة أم لا. لكنهم ينشدون تواصلاًً واضحاً لتقييم فرص الأعمال والاستثمار، لكن هذا الوضوح بات فجأة غير موجود.
وعادة ما يحاول المستثمرون عدم التركيز على التطورات السياسية، لكن من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية ترغب في التدخل في القطاع الخاص على نحو بالغ وعلى نحو يتجاوز ما حاولته الإدارات السابقة. وتتسبب السياسات المتقلبة في إعاقة قدرة القطاع الخاص على التخطيط الاستراتيجي بصورة هائلة.
والأكثر أهمية، تسفر التغييرات السياسية المندفعة عن شعور المستثمرين بالحيرة بشأن ما إن كانت الفرص الموجودة أمامهم حقيقية أم مجرد سراب. وبالنسبة لي، فلست على يقين كيف يمكن لأي محلل أن يتنبأ بالأرباح الفصلية أو السنوية لشركة ما في ظل الظروف الحالية.
إن مؤشرات عدم اليقين القياسية بلغت بالفعل مستويات عالية. ويعد مؤشر عدم يقين الشركات الصغيرة الصادر عن الاتحاد الوطني للشركات المستقلة «إن إف آي بي» ومؤشر عدم يقين السياسة الاقتصادية للتجارة الصادر عن «بيكر، بلوم آند ديفيز»، هما أكثر مؤشرين يتم الاستناد إليهما في هذا السياق، ويشير كلاهما إلى أن عدم اليقين يقترب من أعلى المستويات في تاريخ المؤشرين الذي يمتد لعقود، أو ربما وصلت حالة عدم اليقين إلى هذه المستويات بالفعل.
لا توجد أبداً رؤى ثاقبة مثالية، ويجب توقع قدر من عدم اليقين عند ضخ أي استثمارات. وتعد علاوات المخاطر هي التعديل الطبيعي للأسواق. وتميل الاستثمارات الأقل جودة أو الأقل قدرة على التنبؤ بها إلى تقديم عوائد متوقعة أعلى لتعويض المستثمرين عن مجموعة النتائج المتقلبة نسبياً.
والتزايد الكبير في عدم القدرة على التنبؤ هو سبب تقلبات السوق الأخيرة، فسوق الأسهم الأمريكية تعيد ضبط علاوة المخاطرة وتقييمها بناء على نطاق مفاجئ ومتزايد من النتائج غير المؤكدة. واليقين يدفع إلى ارتفاع التقييمات، فيما يؤدي تقلب السياسات إلى انكماش مضاعف.
ومنذ الأول من يناير، انخفضت نسبة السعر إلى الأرباح المستقبلية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 من 25 إلى 20، أي بنسبة 20%. ويعكس هذا رغبة المستثمرين في الحصول على علاوة مخاطرة أعلى للاستثمار في الأسهم الأمريكية، لأن الأرباح والتدفقات النقدية أصبحت أكثر غموضاً. وإذا كان اليقين عملة ندرة، فمن المفترض أن تبدأ تدفقات الأرباح المستقرة والقابلة للتنبؤ بالحصول على تقييمات ممتازة. لكن يبدو أن سوق الأسهم لم يدرك هذا الأمر تماماً بعد.
ومن المهم للمستثمر أن يضع في اعتباره تصنيفات الأسهم العادية على مؤشر «إس آند بي»، وهو مؤشر يتم تجاهله أحياناً ويستخدم في قياس نمو واستقرار الأرباح وتوزيعات الأرباح. وتباع أسهم الشركات غير التكنولوجية عالية الجودة الحاصلة على تصنيفات A+ أو A أو A- حالياً بخصم يتراوح بين 25% و30% مقارنة بقطاع التكنولوجيا المدرج في مؤشر «إس آند بي 500». وتعد العوائد النقدية أكثر ضماناً من تلك المرتبطة بالنمو المستقبلي، وتتمتع الشركات غير التكنولوجية عالية الجودة بعائد على توزيعات الأرباح أعلى بنحو أربع مرات مقارنة بالعائد على أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية.
وتنطبق إحصاءات مماثلة على الأسهم الأوروبية، إذ يتم تداول الأسهم الأوروبية الأعلى جودة بخصم قدره 15% مقارنة بأسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية، ولديها عائد على توزيعات الأرباح أكبر بثلاث مرات. وبعبارة أخرى، فإن اليقين ليس نادراً فحسب، بل إنه قليل التكلفة أيضاً.
وسيجدر بالمستثمرين توقع استمرار عمليات إعادة التقييم، ما لم تصبح الاستمرارية واليقين قواعد سياسية. وإذا واصلت واشنطن تغيير السياسات التجارية والجيوسياسية وتلك المتصلة بالتوظيف على هذا النحو العشوائي ولم تسمح للشركات والمستثمرين بتقييم الأساسيات الاقتصادية بصورة تامة، فمن المرجح أن يقرر المستثمرون تعديل محافظهم الاستثمارية للحصول على الأمان الذي تضفيه مصادر الأرباح المستقرة.
وفي فترات تراجع الأرباح، تزداد قيمة الشركات التي تتمكن من تحقيق نمو مستمر في أرباحها رغم الظروف الصعبة.
ومن الواضح أن اليقين أصبح سلعة نادرة في الأسواق المالية اليوم. فالسياسات المتقلبة التي تتبعها واشنطن تخلق بيئة اقتصادية تتسم بعدم القدرة على التنبؤ، ما يجعل وضع توقعات دقيقة أمراً شبه مستحيل. وفي حين تبنى المستثمرون خلال الأعوام الماضية استثمارات مضاربية، مثل أسهم شركات التكنولوجيا التي يطلق عليها «العظماء السبعة»، والعملات المشفرة، والشركات الوهمية، إلا أنهم يدركون حالياً أن التوقعات الحالمة لا جدوى منها عندما لا يكون المرء قادراً على توقع التغييرات السياسية التي سيتم إعلانها في اليوم التالي.
وعادة ما لا يهتم المستثمرون المحايدون بما إن كانت السياسات الحكومية جيدة أم لا. لكنهم ينشدون تواصلاًً واضحاً لتقييم فرص الأعمال والاستثمار، لكن هذا الوضوح بات فجأة غير موجود.
وعادة ما يحاول المستثمرون عدم التركيز على التطورات السياسية، لكن من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية ترغب في التدخل في القطاع الخاص على نحو بالغ وعلى نحو يتجاوز ما حاولته الإدارات السابقة. وتتسبب السياسات المتقلبة في إعاقة قدرة القطاع الخاص على التخطيط الاستراتيجي بصورة هائلة.
والأكثر أهمية، تسفر التغييرات السياسية المندفعة عن شعور المستثمرين بالحيرة بشأن ما إن كانت الفرص الموجودة أمامهم حقيقية أم مجرد سراب. وبالنسبة لي، فلست على يقين كيف يمكن لأي محلل أن يتنبأ بالأرباح الفصلية أو السنوية لشركة ما في ظل الظروف الحالية.
إن مؤشرات عدم اليقين القياسية بلغت بالفعل مستويات عالية. ويعد مؤشر عدم يقين الشركات الصغيرة الصادر عن الاتحاد الوطني للشركات المستقلة «إن إف آي بي» ومؤشر عدم يقين السياسة الاقتصادية للتجارة الصادر عن «بيكر، بلوم آند ديفيز»، هما أكثر مؤشرين يتم الاستناد إليهما في هذا السياق، ويشير كلاهما إلى أن عدم اليقين يقترب من أعلى المستويات في تاريخ المؤشرين الذي يمتد لعقود، أو ربما وصلت حالة عدم اليقين إلى هذه المستويات بالفعل.
لا توجد أبداً رؤى ثاقبة مثالية، ويجب توقع قدر من عدم اليقين عند ضخ أي استثمارات. وتعد علاوات المخاطر هي التعديل الطبيعي للأسواق. وتميل الاستثمارات الأقل جودة أو الأقل قدرة على التنبؤ بها إلى تقديم عوائد متوقعة أعلى لتعويض المستثمرين عن مجموعة النتائج المتقلبة نسبياً.
والتزايد الكبير في عدم القدرة على التنبؤ هو سبب تقلبات السوق الأخيرة، فسوق الأسهم الأمريكية تعيد ضبط علاوة المخاطرة وتقييمها بناء على نطاق مفاجئ ومتزايد من النتائج غير المؤكدة. واليقين يدفع إلى ارتفاع التقييمات، فيما يؤدي تقلب السياسات إلى انكماش مضاعف.
ومنذ الأول من يناير، انخفضت نسبة السعر إلى الأرباح المستقبلية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 من 25 إلى 20، أي بنسبة 20%. ويعكس هذا رغبة المستثمرين في الحصول على علاوة مخاطرة أعلى للاستثمار في الأسهم الأمريكية، لأن الأرباح والتدفقات النقدية أصبحت أكثر غموضاً. وإذا كان اليقين عملة ندرة، فمن المفترض أن تبدأ تدفقات الأرباح المستقرة والقابلة للتنبؤ بالحصول على تقييمات ممتازة. لكن يبدو أن سوق الأسهم لم يدرك هذا الأمر تماماً بعد.
ومن المهم للمستثمر أن يضع في اعتباره تصنيفات الأسهم العادية على مؤشر «إس آند بي»، وهو مؤشر يتم تجاهله أحياناً ويستخدم في قياس نمو واستقرار الأرباح وتوزيعات الأرباح. وتباع أسهم الشركات غير التكنولوجية عالية الجودة الحاصلة على تصنيفات A+ أو A أو A- حالياً بخصم يتراوح بين 25% و30% مقارنة بقطاع التكنولوجيا المدرج في مؤشر «إس آند بي 500». وتعد العوائد النقدية أكثر ضماناً من تلك المرتبطة بالنمو المستقبلي، وتتمتع الشركات غير التكنولوجية عالية الجودة بعائد على توزيعات الأرباح أعلى بنحو أربع مرات مقارنة بالعائد على أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية.
وتنطبق إحصاءات مماثلة على الأسهم الأوروبية، إذ يتم تداول الأسهم الأوروبية الأعلى جودة بخصم قدره 15% مقارنة بأسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية، ولديها عائد على توزيعات الأرباح أكبر بثلاث مرات. وبعبارة أخرى، فإن اليقين ليس نادراً فحسب، بل إنه قليل التكلفة أيضاً.
وسيجدر بالمستثمرين توقع استمرار عمليات إعادة التقييم، ما لم تصبح الاستمرارية واليقين قواعد سياسية. وإذا واصلت واشنطن تغيير السياسات التجارية والجيوسياسية وتلك المتصلة بالتوظيف على هذا النحو العشوائي ولم تسمح للشركات والمستثمرين بتقييم الأساسيات الاقتصادية بصورة تامة، فمن المرجح أن يقرر المستثمرون تعديل محافظهم الاستثمارية للحصول على الأمان الذي تضفيه مصادر الأرباح المستقرة.
نيسان ـ نشر في 2025/03/15 الساعة 00:00