هكذا وجد مسجد باريس الكبير نفسه عالقًا في الخلاف الدبلوماسي الفرنسي الجزائري

نيسان ـ نشر في 2025/03/17 الساعة 00:00
قالت صحيفة فرنسية محلية إن الخلاف الدبلوماسي بين فرنسا والجزائر وضع مسجد باريس الكبير في موقف غير مريح، حيث يتعرض لانتقادات بسبب علاقته مع الجزائر.
ومن المقرر أن ينظم مسجد باريس الكبير، هذا الثلاثاء، رابع “إفطار للسفراء”، حيث من المنتظر أن يحضر وزير الخارجية جان-نويل بارو مأدبة الإفطار، بينما لن يكون وزير الداخلية برونو روتايو من بين الحاضرين، على عكس وزير الداخلية السابق جيرالد دارمانان، الذي كان يشارك منذ عام 2022.
أحد المطلعين على الملف: لم يعد بإمكاننا أن ننظر إلى مسجد باريس الكبير بنفس النظرة المتساهلة بعد قضية صنصال. المؤسسة عالقة في تناقضاتها
وأضافت الصحيفة أن المسجد يواجه تحديات أخرى، لا سيما في هذه الفترة من رمضان، التي تشهد عادةً إرسال حوالي 80 “إمامًا مرتلًا” جزائريًا لتعزيز الطاقم الديني مؤقتًا. هذا العام، لم يصل أي منهم. وأوضحت مصادر حكومية أن “القنصلية لم تتلقَّ أي طلب للحصول على تأشيرات من الجزائر”. وقال شمس الدين حفيظ، عميد مسجد باريس الكبير: “الوضع معقد”، تضيف الصحيفة الفرنسية.
اتهامات واتهامات مضادة
وأشارت الصحيفة إلى الاتهام الذي واجهته إدارة مسجد باريس الكبير في يناير/كانون الثاني الماضي، بتنظيم نظام احتكاري مربح جدًا لشهادات الحلال بالتعاون مع السلطات الجزائرية، لتصدير المنتجات الأوروبية إلى الجزائر.
وردَّ عميد المسجد، شمس الدين حفيظ، على هذه الاتهامات واصفًا إياها بأنها “افتراءات كاذبة تمامًا”، ودافع عن دور المؤسسة، قائلًا: “لم يخفِ مسجد باريس الكبير أبدًا العلاقة التي تربط بين الجزائر وفرنسا. نحن جسر إيجابي بين البلدين. هذه ليست مسألة نفوذ أو أي شيء آخر”.
ونوّهت الصحيفة المحلية الفرنسية إلى أن مسجد باريس الكبير، الذي افتُتح عام 1926، يحصل منذ بداية الثمانينات على تمويل سنوي من الدولة الجزائرية بحوالي مليوني يورو.
محط الأنظار
تعرض المسجد لانتقادات بعد أن رفض رئيسه المشاركة في المسيرة ضد معاداة السامية التي نُظمت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، بسبب رفضه السير جنبًا إلى جنب مع قيادات “حزب التجمع الوطني” اليميني المتطرف. ووصف شمس الدين حفيظ ذلك بأنه “منعطف” في نظرته السياسية، قائلًا: “في السابق، كنت المسلم الذي يجب الاقتراب منه بأي ثمن. ثم فجأة أصبحت أسوأ معادٍ للسامية”.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن فرانك فريغوسي، مؤلف كتاب “حكم الإسلام في فرنسا”، قوله إن “الجامع الكبير في باريس كان يُنظر إليه حتى الآن على أنه الجندي المخلص للجمهورية، والنموذج المثالي للإسلام الجمهوري”.
وكان يُعتبر المحاور المفضل للسلطات الفرنسية، خاصة بعد تراجع دور المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عام 2021، الذي كان الممثل الرسمي للإسلام في فرنسا منذ عام 2003.
في عام 2022، بين جولتي الانتخابات الرئاسية، نظم عميد المسجد شمس الدين حفيظ “إفطارًا جمهوريًا” لدعم إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون، بحضور وزير الداخلية السابق كريستوف كاستانير.
كما يشير فرانك فريغوسي إلى أن “مسجد باريس الكبير شعر بأنه مستهدف من قبل وزارة كانت في السابق متساهلة معه”. ويرى أن وزير الداخلية الحالي برونو روتايو يسعى إلى فرض نهج أكثر صرامة تجاه تنظيم الإسلام في فرنسا، محاولًا أن يظهر بأنه “الشخص الذي حقق ما لم يجرؤ الآخرون على القيام به”.
أزمة دبلوماسية وهجرة
وتابعت الصحيفة الفرنسية مشيرةً إلى أن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين باريس والجزائر اندلعت بعد أن اعترفت فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في نهاية يوليو/تموز عام 2024. وازدادت التوترات مع اعتقال الكاتب، الذي يحمل جنسية البلدين، بوعلام صنصال في الجزائر، يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وفي هذا السياق، تعرّض عميد مسجد باريس الكبير، شمس الدين حفيظ، لانتقادات لعدم دعوته إلى إطلاق سراح صنصال. وقال أحد المطلعين على الملف للصحيفة الفرنسية: “لم يعد بإمكاننا أن ننظر إلى مسجد باريس الكبير بنفس النظرة المتساهلة بعد قضية صنصال. المؤسسة عالقة في تناقضاتها”.
الأزمة لها جانب مرتبط بالهجرة أيضًا، توضّح الصحيفة الفرنسية، مُشيرةً إلى تهديد وزير الداخلية برونو روتايو، يوم السبت الماضي، بالاستقالة إذا تراجعت باريس عن ترحيل الجزائريين الموجودين في وضع غير قانوني.
من جانبه، كتب شمس الدين حفيظ، في مقال سياسي نُشر بداية مارس/آذار الجاري، منتقدًا “صانعي الخوف” في الأوساط السياسية والإعلامية، الذين يغذون “المحاكمة الأبدية” للهجرة الجزائرية.
    نيسان ـ نشر في 2025/03/17 الساعة 00:00