السعودية تعزز مكانتها كقيادة جديدة للعالم العربي

جمال سلطان
نيسان ـ نشر في 2015/12/16 الساعة 00:00
مفاجأة جديدة أعلنت عنها المملكة العربية السعودية بالإعلان عن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب ليشمل حوالي أربع وثلاثين دولة عربية وإسلامية، بقيادة المملكة، من أجل القيام بالدور المطلوب تجاه التهديدات الإرهابية في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، وقد لاقى الإعلان الجديد قبولا دوليا، بوصفه يمثل خطوة متقدمة للعالم الإسلامي، خاصة العالم السني، وهو الأغلبية الساحقة من العالم الإسلامي، في مواجهة الإرهاب، وقد كان ذلك مطلبا متكررا من الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي عتبت على العالم الإسلامي ضعف موقفه تجاه الإرهاب. الخطوة الجديدة تأتي لتأكيد زعامة السعودية للعالم العربي والإسلامي، وهي زعامة تستحقها بدون شك في تلك اللحظة التاريخية، لأن المملكة كقوة اقتصادية وسياسية تمثل قوة كبيرة وحاسمة في العالم الإسلامي في وقت يمثل الاقتصاد العامل الحاسم في تقرير مصائر الأمم، كما أنها تمثل مركز الثقل الكبير في الخليج العربي، مركز الثروة العربية الأهم والأكثر تأثيرا، وتحظى السعودية دائما في الخليج بصفة الأخ الأكبر الذي يحظى باحترام الجميع مهما كان الخلاف، وعادة ما يعود الجميع إليه عند الخلاف، والقوة الاقتصادية للخليج الآن أثبتت قدرتها على التأثير الحاسم في مجريات الأحداث في عواصم عربية عديدة، وصلت إلى حد تشكيل برلمانات وتشكيل حكومات وفرض أوضاع سياسية داخلية بحسابات خاصة، بغض النظر عن تقييمنا لذلك سلبا أو إيجابا، كما أنه على الصعيد العسكري أثبتت السعودية أيضا حضورها القوي والفعال والمبادر أيضا، وغير المتردد عند مفارق الطرق الخطرة، فعلت ذلك عندما أوشكت البحرين في السقوط تحت حكم ولاية الفقيه والسيطرة الإيرانية، فتدخلت القوات المسلحة السعودية وأوقفت الانهيار، وفعلت ذلك في اليمن عندما تدخلت في اللحظات الحاسمة لوقف سيناريو مشابه، ينتهي بتحويل اليمن إلى ما يشبه ولاية إيرانية في خاصرة المملكة، وأحدث تدخلها لدعم الشرعية هناك تحولا حاسما في حماية اليمن من السيناريو الكارثي، وفعلت ذلك أيضا في سوريا، بوقفتها التاريخية بجوار الشعب السوري المطالب بحريته وكرامته من حكم آل الأسد الدموي والإجرامي، وكان الدعم السعودي حاسما في صمود الثورة السورية، رغم تدخل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات العراقية وميليشيات حزب الله اللبناني لقمع ثورة الشعب السوري، إلا أن صمود الثوار ودعم أشقائهم جعلهم يكسرون شوكة البغي ولولا التدخل الروسي الأخير لأوشك بشار على السقوط، وبطبيعة الحال كان للحضور السعودي حساباته المتعلقة بمصالح الأمن القومي للسعودية أيضا، ولكن هذا لا يقلل من أهمية الدور الذي قدمته ومازالت هناك، والذي ترجم بجعلها مقرا لأهم مؤتمر لقوى الثورة والمعارضة، كما تحولت إلى مقر دائم للجنة العليا للتفاوض من قبل الثوار مع النظام. عندما تقارن هذا الدور السعودي الحاسم والمبادر مع مواقف دول أخرى، كانت كبيرة، في المنطقة، وترى مدى تهميش دورها وتقلص تأثيرها في محيطها الإقليمي بسبب ترددها وغياب روح المبادرة فيها، والذي أوصلها إلى مواجهة تهديدات بالغة الخطورة على أمنها القومي والحيوي دون قدرة على فعل شيء، تعرف لماذا نجحت السعودية في انتزاع موقع القيادة في العالم العربي الجديد، القيادة السياسية، والقيادة العسكرية أيضا. التحالف العسكري الإسلامي، انضمت إليه مصر، التي تثمن دائما موقف السعودية الداعم لنظامها السياسي والذي ساعده على الاستمرار، والذي وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه بأنه كان دورا حاسما، وأنه لولاه لما استطعنا الاستمرار، حسب كلامه الذي كرره في أكثر من مناسبة، وستعمل مصر تحت قيادة المملكة في الحرب على الإرهاب، كذلك انضمت للتحالف دول عربية وإسلامية أخرى، منها دول ليست على وفاق مع مصر ، مثل قطر، رغم أن الجميع سيكون مطالبا بتبادل المعلومات والخبرات وربما تنسيق العمليات العسكرية المشتركة أيضا، وسيكون كل ذلك منوطا بالقيادة السعودية التي تنسق وتوزع الأدوار وتقود العمليات، من مقر القيادة والتوجيه والتنسيق الذي سيكون في العاصمة الرياض . تردد مراكز الأبحاث الدولية كثيرا هذه الأيام أن الشرق الأوسط يتشكل من جديد، وأن الأوضاع التي كانت سائدة في ما سبق ستتغير جذريا، وأعتقد أن جزءا من هذا التغير الذي يتوجب الاعتراف به، والتواضع أمامه، أن قيادة العالم العربي، انتقلت الآن، ولسنوات طويلة مقبلة، إلى الخليج العربي، وبشكل خاص إلى الرياض التي أصبحت مركز صنع القرار العربي. عربي 21
    نيسان ـ نشر في 2015/12/16 الساعة 00:00