عنقود كقصيدة
نيسان ـ نشر في 2025/08/01 الساعة 00:00
أيتها العصافير النفورة الخائفة حتى من همس ظلها على الأرض. أيتها الكمنجات الطائرة في صحن الفجر، المشتاقة لعسل بات قاب قبلتين. تعالي قبل أن تحمرَّ عين الشمس، وتحرق عينك، وشاركيني نشوة العنب.
هيا لا تخافي من هذه الفزاعات التي ينصبها أصحاب الكروم بين الدوالي، هي ليست إلا خشبة بلهاء، غبية، يلبسونها ثيابهم وقبعاتهم المهترئة، وربطات أعناقهم الملونة الحالة على التقاعد. لا تخافي، حتى لو حركتها الريح وأحدثت ضجيجاً، بل اقتحميها، وخذي استراحة في صيوان أذنها. ولا تقولي إني أفشيت لك حيلة الفزاعات. صباح العنب، أيتها العصافير.
هذي كرومنا تعلن عن نضجها تحت ضربات قيظ شديد؛ فتعالي أيتها العصافير الصديقة، واغمسي منقارك في حبة أتخمتها الحلاوة. اشربي حد الارتعاش لقاء تغريدة تبثينها في صباحاتنا العاشقة، علَّ لحنك يمحو شيئاً من قبح عالم بات خانقاً فوق العادة.
هو العنب صوت الذهب المتكور بين عروق الدوالي ككنز دفين. الدوالي كالأمهات الطيبات اللواتي لا يأمن على قطوفهن شمساً أو ليلاً؛ فتلف الواحدة منهن عناقيدها كرضيع أشبعته من دفئها وروحها حتى نام كحلم شفيف.
هي الكروم أيها العاشقون. آوان السمر تحت عرائشها المشرعة لنسيم يتسلل من بحر بعيد. هي الذكريات الراسخات عن عناء لذيذ، كنا نقاربه من أول صوت المؤذن وبعد الندى، فننفض بقايا النوم، ونشرع ننتقي أزكى العناقيد كقصيدة، وبعد أن نستريح نشق من الرغيف فلقة نلفّ بها حبة عنب غسلها الندى، لفاً رشيقاً ليكون فطورنا الذي لا ينسى. فصباح سندويشة العنب الصغيرة، يا أمي، صباح النهارات الحنوية يا أرضنا الحبيبة.
حتى بيوتنا لا تستقيم بلا تثني الدوالي وتمددها كجدائل الصبايا على سطوحها، وكم كنا نعرِّش لها العرائش، ونهيئ مكانا لتتمدد، وحين كنا ننام في أفياء شعر الليل ونتتبع نجومه الناعسة، كنا نتحسس مواطن ثآليلنا المفترضة، عناداً بتخويف الجدات اللواتي يمنعننا أن نعدَّ النجوم، ثم نمعن بقيس حلاوة الثريا من فوقنا، بخصلة عنقود يتدلى، فيا طيبك من ليل مبتهج بالعنب.
صباح المواسم الطيبة
هيا لا تخافي من هذه الفزاعات التي ينصبها أصحاب الكروم بين الدوالي، هي ليست إلا خشبة بلهاء، غبية، يلبسونها ثيابهم وقبعاتهم المهترئة، وربطات أعناقهم الملونة الحالة على التقاعد. لا تخافي، حتى لو حركتها الريح وأحدثت ضجيجاً، بل اقتحميها، وخذي استراحة في صيوان أذنها. ولا تقولي إني أفشيت لك حيلة الفزاعات. صباح العنب، أيتها العصافير.
هذي كرومنا تعلن عن نضجها تحت ضربات قيظ شديد؛ فتعالي أيتها العصافير الصديقة، واغمسي منقارك في حبة أتخمتها الحلاوة. اشربي حد الارتعاش لقاء تغريدة تبثينها في صباحاتنا العاشقة، علَّ لحنك يمحو شيئاً من قبح عالم بات خانقاً فوق العادة.
هو العنب صوت الذهب المتكور بين عروق الدوالي ككنز دفين. الدوالي كالأمهات الطيبات اللواتي لا يأمن على قطوفهن شمساً أو ليلاً؛ فتلف الواحدة منهن عناقيدها كرضيع أشبعته من دفئها وروحها حتى نام كحلم شفيف.
هي الكروم أيها العاشقون. آوان السمر تحت عرائشها المشرعة لنسيم يتسلل من بحر بعيد. هي الذكريات الراسخات عن عناء لذيذ، كنا نقاربه من أول صوت المؤذن وبعد الندى، فننفض بقايا النوم، ونشرع ننتقي أزكى العناقيد كقصيدة، وبعد أن نستريح نشق من الرغيف فلقة نلفّ بها حبة عنب غسلها الندى، لفاً رشيقاً ليكون فطورنا الذي لا ينسى. فصباح سندويشة العنب الصغيرة، يا أمي، صباح النهارات الحنوية يا أرضنا الحبيبة.
حتى بيوتنا لا تستقيم بلا تثني الدوالي وتمددها كجدائل الصبايا على سطوحها، وكم كنا نعرِّش لها العرائش، ونهيئ مكانا لتتمدد، وحين كنا ننام في أفياء شعر الليل ونتتبع نجومه الناعسة، كنا نتحسس مواطن ثآليلنا المفترضة، عناداً بتخويف الجدات اللواتي يمنعننا أن نعدَّ النجوم، ثم نمعن بقيس حلاوة الثريا من فوقنا، بخصلة عنقود يتدلى، فيا طيبك من ليل مبتهج بالعنب.
صباح المواسم الطيبة
نيسان ـ نشر في 2025/08/01 الساعة 00:00