منطقة ترامب الاقتصادية.. مشروع هدام بقيادة ثور هائج

نيسان ـ نشر في 2025/08/22 الساعة 00:00
ابراهيم قبيلات
امريكا تتغير. والمتغيرات من حولنا لا تنتظر سوى وقت قصير لتقلب كل ما على الطاولة من ملفات.
وتبرز غزة كأهم رافعة تدفع العالم ومعها امريكا نحو هذا المصير، الى جانب العقلية التي يدير بها ترامب امريكا والتي يراها العالم كله.
عندما سأل الصحافي الرئيس الامريكي ترامب: "باي قانون ستمتلك غزة؟" اجابه بقوة: "بموجب القانون الامريكي". وهو يعني بذلك: "قوة الأمر الواقع" (خاوة).
وعندما قال له الصحافي: "لكن المواطنين الغزيين لا يريدون الخروج من القطاع"، اجاب: "سيتم نقلهم الى منطقة جميلة وسنوفر لهم الطعام والمسكن".
لا يتعلق الامر بغزة وحدها. فقد برز مقترح رسمي امريكي جديد يدعو الى اعلان جنوب لبنان "منطقة اقتصادية" سيطلق عليها اسم: "منطقة ترامب الاقتصادية".
الخطة الامريكية، بحسب موقع "اكسيوس"، تقضي بانشاء منطقة ترامب الاقتصادية في اجزاء من جنوب لبنان المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة.
بالطبع لن تقوم لهذا المشروع قائمة. الا اذا نجح المجتمع الدولي في نزع سلاح حزب الله وافناء ايران، وهذا محال.
لم اتوقف عند الاعلانات الصادمة التي تكشف عنها ادارة ترامب يوميا، لكني توقفت عند هذه الاعلانات لانها تعبر تعبيرا صريحا عن العقلية التي تدير النظام الامريكي؛ عقلية عصابة خطفت القرار وسيطرت عليه، وحولت الشعب الامريكي قبل شعوب العالم الى رهينة لما تقرره آلة البطش الامريكية.
ما يبدو واضحا هو التطابق في الية التفكير بين ادارة ترامب وحكومة نتنياهو. واذا نظرت لما يجري في غزة تدرك ماذا يعني ذلك. لكن الامر ليس هذا فحسب.
اليوم يبدو اللوبي المؤيد لاسرائيل في اوج سيطرته على واشنطن، وهو يقودها بكل غباء مستندا الى سطوة القوة. وهذا ما يفعله في العادة الطغاة قبيل سقوطهم. وللتاريخ شواهد لا تحصى.
برغم ان ترامب ثور هائج يحب ان يرى الخوف في عيون الاخرين، الا ان التاريخ الامريكي يشير الى ان لامريكا الكثير من نقاط الضعف القاتلة. وليس تجربة افغانستان عنا ببعيد، وتلك فيتنام وكوريا الشمالية التي لا تكف واشنطن عن استعطافها كلما سنحت الفرصة.
امريكا لا تخوض حربا اذا كانت هناك نسبة ضئيلة بانها ستخسرها. وامريكا التي تقوم على اعمدة المال والاعمال، يمكنك ان تؤذيها كما تشتهي انت وتخاف هي. ذلك ان من يقود امريكا – منذ مقتل الرئيس جون كينيدي – هم اللوبي المؤيد للاحتلال بقوة المال والاعلام.
اما الاعلام فقد انتهت هيمنته التقليدية بعد الانفجار التكنولوجي. واما المال، فان المتغيرات التي تحدث في العقل الجمعي الامريكي تقول لنا ان الامر لن يدوم طويلا.
لم تعد "فوكس نيوز" هي من تحدد الاطار العام لموقف الشارع الامريكي اليميني، كما لم تعد "سي ان ان" هي من تقرر اين سيذهب الجمهور الديمقراطي.
المعلق السياسي الامريكي المحافظ تاكر كارلسون، الذي قدم برنامج "تاكر كارلسون تونايت" على قناة فوكس نيوز من عام 2016 الى عام 2023، اختلف مع فوكس نيوز وخرج منها، وصنع لنفسه قناة على يوتيوب اصبحت مشاهداتها تناطح مشاهدات فوكس نيوز نفسها.
ماذا يعني كل ذلك؟ يعني اننا مقبلون على مرحلة تاريخية حاسمة، يريد منها الصهاينة ان يحصلوا على كل شيء بعد ان دفعوا كلفة باهظة في حربهم على غزة؛ كلفة خسروا فيها اعمدة مقدسة كانت لهم منذ احتلال فلسطين.
نحن امام ثور هائج يدرك انه خسر اثمانا باهظة، وانه يجب ان يحصل مقابل هذه الاثمان على ثمن يوازيها. لكن التاريخ البشري لا يسير وفق هذا المنطق.
    نيسان ـ نشر في 2025/08/22 الساعة 00:00