ايطاليا.. شكوى ضد جورجا ميلوني ووزير خارجيتها ودفاعها الى الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ مع الإبادة بغزة

نيسان ـ نشر في 2025/10/08 الساعة 00:00
بتفاعل واسع، ضجت منصات التواصل الاجتماعي عقب إعلان رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أنها تواجه اتهاما بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" في شكوى مقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن دعم روما لتل أبيب في حربها على غزة.
ففي مقابلة مع تلفزيون "راي" الحكومي، أوضحت ميلوني أنها ووزير الدفاع غويدو كروزيتو والخارجية أنطونيو تاياني متهمون أمام المحكمة، رغم أن الأخيرة لم تؤكد بعد قبولها لهذه القضية.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن الشكوى التي تحمل تاريخ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، قد وقّع عليها نحو 50 شخصية، بينهم أساتذة قانون ومحامون وشخصيات عامة، واتهموا ميلوني ومسؤولين آخرين بالتواطؤ عبر توريد الأسلحة إلى إسرائيل.
وأكد مقدمو الشكوى أنه "بدعم الحكومة الإسرائيلية، خاصة من خلال توريد الأسلحة الفتاكة، أصبحت الحكومة الإيطالية متواطئة في الإبادة الجماعية الجارية وجرائم الحرب الخطيرة والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني".
وعلى منصات التواصل، تساءل مغردون: "لو كانت ميلوني بريئة، لماذا اضطرت النقابات العمالية إلى إعلان إضراب شامل في إيطاليا؟ أليس ذلك احتجاجا على مواقفها المتواطئة مع غزة ورفضها الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ الفلسطينيون مظلومون، ويبدو أن الله بدأ القصاص من الظالمين".
في حين أشار آخرون إلى أن ميلوني تتحدث بلغة السياسة الباردة، بينما شعبها يتكلم لغة الإنسانية والعدالة؛ فالناس يرون الأطفال تحت الركام وهي تتحدث عن التوازن، ولكن التاريخ سيسجل أن من تواطأ مع الإبادة سيتحول من "صاحبة منصب" إلى اسم في سجل العار، أما من ناصر غزة بضميره وصوته فسيبقى في صف العدالة الإنسانية المقرونة بالعزة والشرف.
ودون آخرون أن المزاج الدولي اليوم يتغير جذريا: فما كان يعتبر دعما سياسيا أو عسكريا أصبح ينظر إليه الآن كـ"تواطؤ محتمل"، وهذا يهدد مستقبل العلاقات بين الدول الداعمة لإسرائيل والرأي العام العالمي.
وعلق أحد الناشطين: "قد يراه البعض حلما بعيد المنال، لكن صدقوني سيكون واقعا نعيشه قريبا. كل من دعم إسرائيل أو ساندها في جرائمها في غزة سيلاحق كمجرم حرب والبداية من إيطاليا".
أما الحقوقيون، فأشاروا إلى أنه رغم عدم أحقية الأفراد رفع دعاوى مباشرة أمام المحكمة الجنائية الدولية، فإنه يمكنهم تقديم معلومات أو بلاغات لمكتب المدعي العام عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية.
وأوضحوا أن مجرد "التبليغ" أو "الشكوى" للمحكمة لا يعني وجود إدانة أو محاكمة مؤكدة، فقبول الدعوى يتطلب أولا موافقة النيابة، ثم تطابقها مع القواعد القانونية من حيث الاختصاص الإقليمي أو الزمني، أو إحالتها من مجلس الأمن، أو كون الدولة المعنية عضوا أو قبلت ولاية المحكمة.
وحتى هذه اللحظة لا توجد تصريحات رسمية تؤكد قبول المحكمة الدعوى ضد ميلوني أو الوزراء المعنيين، ولا يعد ذلك قبولا حتميا، إذ لا تزال القضية في مراحلها الأولية.
وقد تدافع الحكومة الإيطالية بأن دورها دبلوماسي أو سياسي وأن قراراتها لم ترق إلى التواطؤ الجنائي، بل إن عدم الموافقة على شحنات جديدة بعد تاريخ معين قد يستخدم كدفاع قانوني.
وهذه القضية، حتى لو لم تقبل رسميا، تكشف حجم الضرر والخطر الناتج عن التواطؤ مع إسرائيل، وتبرز التغير العميق في المزاج العالمي تجاه جرائم الحرب ودعم العدالة الإنسانية.
من هي هذه اليمينية صديقة اسرائيل؟
صحفية وسياسية إيطالية بارزة ولدت عام 1977 بالعاصمة روما. دخلت معترك السياسة في سن الـ15 بانضمامها لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية. نشطت عام 2004 في الحركة الطلابية، وانتخبت نائبة لرئيس مجلس النواب عام 2006، ثم تسلمت حقيبة وزارة الشباب عام 2008 وأضحت أصغر وزيرة في تاريخ إيطاليا، إذ تولت المسؤولية وهي في الحادية والثلاثين من عمرها.
أسست عام 2012 حزب "إخوة إيطاليا" وأصبحت زعيمة له في 2014، وتزعمت الحكومة الإيطالية في 2022، وهي أول حكومة يمينية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
المولد والنشأة
ولدت جورجا ميلوني يوم 15 يونيو/حزيران 1977 في العاصمة الإيطالية روما، وتنحدر من أصول سردينية من جهة والدها فرانشيسكو ميلوني، ومن أصول صقلية من جهة والدتها آنا باراتوري.
عمل والدها مستشارا قانونيا في مجال الضرائب، بينما كانت والدتها روائية تكتب باسمين مستعارين هما "جوزي بيل" و"أماندا كينغ"، وكانت ميلوني الابنة الثانية للعائلة ولديها أخت تدعى آريانا.
انفصل والداها بعد ولادتها، وانتقل والدها للعيش في جزر الكناري تاركا إياها لمواجهة الحياة إلى جانب والدتها التي تولت تربيتها.
أمضت سنوات طفولتها الأولى في منطقة "كاميلوتشا" التي ينحدر منها والدها، وفي سن الثالثة انتقلت مع والدتها وأختها إلى حي "غارباتيلا"، أحد أحياء روما الشعبية.
يقول معارف ميلوني ورفقاؤها إنها تميزت منذ صغرها "بشخصية قوية وحازمة"، و"حس عال بالمسؤولية".
تعرفت على أندريا غامبرونو أثناء مشاركتها في برنامج "كولونا كينتا"، وهو برنامج سياسي حواري عام 2014، وأنجبا ابنة سمياها جينيفارا في 2016.
الدراسة والتكوين
بعدما أكملت دراستها الابتدائية والإعدادية حصلت ميلوني على شهادة المدرسة الثانوية في اللغات من معهد "أميريغو فيسبوتشي" بروما عام 1996.
وثارت تساؤلات كثيرة حول المستوى التعليمي لميلوني وما إذا كانت حصلت على شهادة جامعية أم لا، وأثار ذلك جدلا واسعا على منصات التواصل.
فقد نفى البعض حصولها على شهادة جامعية، واستدلوا على ذلك بالقول إن سيرتها الذاتية المنشورة على موقع مجلس النواب الإيطالي لا تتحدث إلا عن شهادة في الثانوية العامة من مدرسة للغات.
وذهب آخرون إلى التشكيك حتى في تلك الشهادة الثانوية قائلين إن المؤسسة التي درست فيها هي معهد مهني للفندقة يدرس اللغات، معتبرين أن ذلك لا يعني أن الشهادة التي يمنحها هي شهادة ثانوية من مدرسة للغات.
ورأى فريق آخر أن ميلوني نفسها تعترف بذلك لأنها صرحت بأنها التحقت بالمعهد للحصول على شهادة في اللغات لأنها لم تجد ثانوية تدرسها بشكل رسمي، فكان الالتحاق بمعهد "أميريغو فيسبوتشي" خيارها الوحيد.
وأشارت ميلوني إلى أن غياب الشهادة الجامعية في مشوراها التعليمي لم يكن ناتجا عن عدم رغبة، بل لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، إضافة إلى انشغالها بالعمل السياسي.
التجربة المهنية
في مرحلة شبابها وقبل الانخراط الكامل في الحياة السياسية، عملت ميلوني في وظائف بسيطة ومتنوعة لدعم عائلتها.
فقد عملت نادلة في مطاعم وحانات روما لتأمين قوت يومها، كما اشتغلت مربية للأطفال في البيوت، ومن أشهر تجاربها اهتمامها بـ"أوليفيا" ابنة الممثل والمغني الإيطالي روزاريو فيوريلو.
وتحدثت عبر حسابها على منصة إكس (تويتر سابقا) عن عملها بائعة للخضروات في سوق "بورتا بورتيزي" بروما، بهدف مساعدة والدتها في مصاريف البيت.
وأعربت ميلوني عن فخرها بهذه التجارب واعتبرتها جزءا مهما من مسيرتها.
التجربة الصحفية
انضمت بين عامي 2004 و2006 إلى نقابة الصحفيين الإيطاليين وأصبحت صحفية محترفة. وقد مثل هذا الانضمام خطوة مهمة في مسيرتها المهنية.
كما ساعدها على تعزيز حضورها في المؤسسات الإعلامية قبل انخراطها في العمل السياسي.
اشتغلت أيضا محررة وكاتبة عن بعد في صحيفة "إل سيكولو ديتاليا" التابعة لحزب التحالف الوطني (أليانتسي ناتسيونالي).
وتعهدت في أحد مؤتمراتها الصحفية بالعودة إلى مهنة الصحافة، واعتبرت السياسية مرحلة انتقالية.
التجربة السياسية
استهلت نشاطها السياسي في سن الـ15 ضمن الجناح الطلابي لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية، وهو حزب يميني أسسه مؤيدو الزعيم الفاشي السابق بينيتو موسوليني في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وفي 1994 غيرت الحركة اسمها إلى "التحالف الوطني" (آليانتسي ناتسيونالي).
تقلدت ميلوني منصب مستشارة في الحكومة الإقليمية لروما عام 1998، وظلت فيه أربع سنوات.
وفي مايو/أيار 2001 فاز سيلفيو برلسكوني في الانتخابات وعاد مرة ثانية لرئاسة مجلس الوزراء في إيطاليا، ومثلت عودته تحولا لافتا في مسيرة ميلوني السياسية، إذ كان حزبها جزءا من حكومته، وهو ما أتاح لها ولزملائها فرصة أكبر للمشاركة في الحياة السياسية.
زادت حظوظها في الظهور الإعلامي وحملها ذلك عام 2004 إلى رئاسة الجناح الطلابي لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية.
في الـ29 من عمرها انتخبت نائبة في البرلمان للمرة الأولى، وفي الدورة التشريعية الـ15 شغلت منصب نائبة رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) الإيطالي عام 2006.
وبعد توسع نفوذ حزبها، تولت حقيبة وزارة الشباب، وكانت أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية عام 2008 وهي في الـ31 من عمرها.
تأسيس "إخوة إيطاليا"
في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 سقطت حكومة برلسكوني بعدما لاحقته سلسلة من الفضائح والمحاكمات القضائية بتهم فساد مالي وأخلاقي، فقدم استقالته وبذلك انتهى منصب ميلوني الوزاري.
    نيسان ـ نشر في 2025/10/08 الساعة 00:00