حتى حزن الناس “للداخلية” رأي فيه
نيسان ـ نشر في 2025/10/11 الساعة 00:00
تابعت مبادرة وزارة الداخلية ، ورصدت الردود والآراء الإجتماعية على إختلاف مشاربها ..النتيجة التي إستخلصتها …
أن الحزن لم يعد شأنًا شخصيًا في هذا الوطن، فحتى الحزن بات تحت المراقبة، وحتى العزاء أصبح ملفًا إداريًا يحتاج إلى “تنظيم”.
وزارة الداخلية في مبادرتها تختصر وجع الناس بيومٍ واحد، وكأن الحزن يُقاس بالساعات، أو يُدار بالقرارات.
المقترح بتقليص بيوت العزاء من ثلاثة أيام إلى يومٍ واحد، جاء — كما تقول الوزارة — لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين. لكنّ الناس قرأوه بطريقة أخرى: كأن الحكومة الممتلئة رأفة لا تريد أن ترى حزنهم طويلاً، أو كأنها تودّ اختصار المآسي كما تختصر النفقات.
في العادات الأردنية، لم تكن ثلاثة أيام للعزاء ترفًا اجتماعيًا، بل مساحة إنسانية للوداع، ولتشارك الألم، ولتعزية القلوب قبل الأجساد. كانت الخيمة تجمع القريب والبعيد، الفقير والغني، الرفيق والعابر…
كانت الأيام الثلاثة تُرمّم ما انكسر، وتعيد للناس شعورهم بأنهم جماعة لا أفراد متروكون في صمت بارد.
صحيح أن الأوضاع الاقتصادية ضاغطة، وأن كثيرًا من العادات تحوّلت إلى مظاهر مرهقة وبذخ لا معنى له، لكن هل العلاج يكون بإلغاء الأيام أم بإحياء المعنى؟
هل المطلوب تقليص الوقت، أم تهذيب الشكل؟
فالمشكلة ليست في عدد الأيام، بل في الطريقة التي فرغت فيها القيم من مضمونها، حين صار العزاء في بعض مظاهره ساحة للوجاهة لا للمواساة..فالحزن على أية حال ، لا يلتفت الى المظهر ، بل هو جوهر المحاكاة الإنسانية ،
الناس اليوم يتعبون من الغلاء، من الغربة في الداخل، من ضيق الحال..من بلطجية يقلقون الأمن المجتمعي، ثم يأتي القرار ليقول لهم: احزنوا ليومٍ واحد فقط..كأن الحزن ترف يمكن التحكم فيه، أو كأن المواساة عبءٌ يجب التخلّص منه.
ربما لم يدرك أصحاب القرار واقصد من تقدموا بالمبادرة الى الوزير مازن فراية ووضعوها على اجندة الإجتماع الصباحي ، أن العزاء في هذا البلد ليس مجرّد طقسٍ اجتماعي، بل جزء من نسيجٍ أخلاقي يربط الناس ببعضهم.
يوم واحد لا يكفي لجمع من فرّقتهم الحياة، ولا لمواساة من أوجعهم الفقد.
لقد أصبح كل شيء في حياتنا قابلًا للضغط والاختصار: الفرح، والفرص، والرزق، والآن… حتى الحزن.
ولعلّ السؤال الذي يبقى بعد القرار:
هل نحتاج فعلًا إلى وزارة تنظّم أحزاننا، أم إلى وطنٍ يخفّف أسبابها؟
أن الحزن لم يعد شأنًا شخصيًا في هذا الوطن، فحتى الحزن بات تحت المراقبة، وحتى العزاء أصبح ملفًا إداريًا يحتاج إلى “تنظيم”.
وزارة الداخلية في مبادرتها تختصر وجع الناس بيومٍ واحد، وكأن الحزن يُقاس بالساعات، أو يُدار بالقرارات.
المقترح بتقليص بيوت العزاء من ثلاثة أيام إلى يومٍ واحد، جاء — كما تقول الوزارة — لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين. لكنّ الناس قرأوه بطريقة أخرى: كأن الحكومة الممتلئة رأفة لا تريد أن ترى حزنهم طويلاً، أو كأنها تودّ اختصار المآسي كما تختصر النفقات.
في العادات الأردنية، لم تكن ثلاثة أيام للعزاء ترفًا اجتماعيًا، بل مساحة إنسانية للوداع، ولتشارك الألم، ولتعزية القلوب قبل الأجساد. كانت الخيمة تجمع القريب والبعيد، الفقير والغني، الرفيق والعابر…
كانت الأيام الثلاثة تُرمّم ما انكسر، وتعيد للناس شعورهم بأنهم جماعة لا أفراد متروكون في صمت بارد.
صحيح أن الأوضاع الاقتصادية ضاغطة، وأن كثيرًا من العادات تحوّلت إلى مظاهر مرهقة وبذخ لا معنى له، لكن هل العلاج يكون بإلغاء الأيام أم بإحياء المعنى؟
هل المطلوب تقليص الوقت، أم تهذيب الشكل؟
فالمشكلة ليست في عدد الأيام، بل في الطريقة التي فرغت فيها القيم من مضمونها، حين صار العزاء في بعض مظاهره ساحة للوجاهة لا للمواساة..فالحزن على أية حال ، لا يلتفت الى المظهر ، بل هو جوهر المحاكاة الإنسانية ،
الناس اليوم يتعبون من الغلاء، من الغربة في الداخل، من ضيق الحال..من بلطجية يقلقون الأمن المجتمعي، ثم يأتي القرار ليقول لهم: احزنوا ليومٍ واحد فقط..كأن الحزن ترف يمكن التحكم فيه، أو كأن المواساة عبءٌ يجب التخلّص منه.
ربما لم يدرك أصحاب القرار واقصد من تقدموا بالمبادرة الى الوزير مازن فراية ووضعوها على اجندة الإجتماع الصباحي ، أن العزاء في هذا البلد ليس مجرّد طقسٍ اجتماعي، بل جزء من نسيجٍ أخلاقي يربط الناس ببعضهم.
يوم واحد لا يكفي لجمع من فرّقتهم الحياة، ولا لمواساة من أوجعهم الفقد.
لقد أصبح كل شيء في حياتنا قابلًا للضغط والاختصار: الفرح، والفرص، والرزق، والآن… حتى الحزن.
ولعلّ السؤال الذي يبقى بعد القرار:
هل نحتاج فعلًا إلى وزارة تنظّم أحزاننا، أم إلى وطنٍ يخفّف أسبابها؟
نيسان ـ نشر في 2025/10/11 الساعة 00:00