أنقذوا اللغة العربية منا.. من إعلامنا.. ومن صحافتنا

نيسان ـ نشر في 2025/10/14 الساعة 00:00
إبراهيم قبيلات
تزداد حدة المشهد الإعلامي المحلي والعربي إزاء اللغة العربية بشكلٍ يبعث على الأسى. فما تشهده وسائل إعلامنا من تعامل مع اللغة لا يكاد يوجد مثيله حتى بين أمم تُوصف بأنها "نامية".
يبدأ الأمر من مؤسسة الأسرة، عندما تتعامل مع اللغة الإنجليزية على أنها مقياس الذكاء والعبقرية لدى الطفل، فتُهمل لغته الأم لصالح لغة أبناء "إنجلترا وأمريكا" الذين، بالمنطق ذاته، لا يجعل تحدثهم بلغتهم منهم عبقريين .
لكن الظاهرة لا تقتصر على الأسرة، بل تتجاوزها إلى وسائل الإعلام التي تمارس شكلا مريبا من التحقير المتعمد للغة العربية. يتمثل ذلك في الخلط العشوائي بين الحروف العربية واللاتينية، مثل ذكر اختصار مؤسسة ما بالأحرف اللاتينية (DGH) في سياق نص عربي، وكأن القارئ العربي لا يفهم إلا بهذه الطريقة.
إنها ظاهرة خطيرة انتشرت في معظم وسائل الإعلام العربية، ناهيك عن مؤسساتنا الرسمية التي يصبح الحديث عن واقع لغتها موضوعا لا ينتهي.
لا تقف اللغة العربية عند كونها أداة تواصل فحسب، بل هي حجر الأساس في الهوية والانتماء. فبهذا التشويه المتعمّد، لا نبعد أبناءنا عن لغتهم فقط، بل نشكِلهم على هوية مهزوزة ومشوّهة، تفتقر إلى الجذور التراثية والحضارية الأصيلة.
إن ما تشهده لغتنا في الإعلام المعاصر هو تحقير صريح وتهميش ممنهج، يترك آثاره السلبية على الذوق اللغوي العام وعلى النسيج الثقافي للمجتمع. ومن أبرز مظاهر هذا التهميش:
الاستخدام المفرط للغات الأجنبية والكتابة بالعامية الممزوجة بالإنجليزية، في مختلف منصات الإعلام.
تطعيم المحتوى بالتعبيرات الأجنبية دون ضرورة، رغم وجود مرادفات عربية فصيحة وسهلة الفهم، وذلك تحت شعارات زائفة مثل "الرقي" و"الحداثة"، مما يكرس نظرة دونية للغتنا ويضعف قدرتها على استيعاب المصطلحات المعاصرة.
التركيز على الترفيه والإثارة على حساب الجودة والدقة اللغوية، إذ تُقدّم متطلبات الانتشار والربح التجاري على متطلبات الإتقان وصون اللغة.
في الختام، الرسالة واضحة وصارخة: أنقذوا اللغة العربية منا.. من إعلامنا.. ومن صحافتنا.
    نيسان ـ نشر في 2025/10/14 الساعة 00:00