نشطاء البيئة بحاجة لتفكير أكثر شمولاً من انبعاثات الكربون
نيسان ـ نشر في 2025/11/01 الساعة 00:00
ما رأيك في الأراضي الرطبة؟ كان هذا سؤالاً يطرح غالباً في امتحانات الجغرافيا - أو في الأفلام الوثائقية مع عالم الأحياء المحبوب ديفيد أتينبورو.
لكن لم يعد الأمر كذلك، ففي الأسبوع المقبل، ستحث مجموعة بريطانية عامة وخاصة تدعى «تحالف مكافحة الفيضانات» المستثمرين على تمويل بنية تحتية بقيمة مليار جنيه استرليني لتعزيز المرونة الطبيعية.
وتقود الحملة كل من مجموعة التأمين «أفيفا»، وشبكة «ذا كوندويت»، وهي شبكة غير ربحية تضم ثلاثين شركة مثل «يو بي إس»، و«كراون إستيت»، و«أنجليان ووتر».
وتعد الأراضي الرطبة محورية في هذه الحملة، إذ إن توسيعها قد يعني تحويل المياه الزائدة عن المناطق السكنية. وهذا أمر في غاية الأهمية، إذ تشير تقديرات العلماء إلى أن خطر الفيضانات أصبح شديداً للغاية في المملكة المتحدة، بسبب تغير المناخ وسوء التخطيط، لدرجة أنه يهدد 8 ملايين أسرة، ويكلف 6 مليارات جنيه استرليني سنوياً.
كذلك، في أوروبا القارية: تتسبب أحداث الطقس، مثل الفيضانات المفاجئة التي أودت بحياة أكثر من 230 شخصاً في إسبانيا قبل عام، في تكاليف سنوية تبلغ 40 مليار يورو، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل عقد من الزمان، وذلك وفقاً لمنظمة «فلود أكشن».
وفي الولايات المتحدة، يواجه ربع المنازل تهديدات جوية، معظمها من الفيضانات. وخلال العام الماضي، كلفت الكوارث المناخية نحو 182 مليار دولار.
ولهذا السبب، أصبح بناء مصدات - مثل الأراضي الرطبة - الآن «ضرورة اقتصادية»، حسبما تؤكد منظمة «فلود أكشن». وتشير شركات التأمين إلى أنه من دون تدابير صمود أقوى، قد يصبح من الصعب بشكل متزايد حماية بعض المناطق - أي التأمين عليها أصلاً.
لكن هل ستنجح هذه الحملة؟ الأمر غير واضح، وإن كان من الضروري الترحيب بها ترحيباً حاراً، ليس أقلها لأنها تشير إلى ضرورة حدوث تحولين مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في البرازيل خلال الشهر الجاري، وفي مواجهة هجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المخزية على مبادرات المناخ والعلوم والبيانات.
التحول الأول هو أن الحركة الخضراء بحاجة إلى توسيع نطاق تركيزها إلى ما هو أبعد من قضية انبعاثات الكربون - التي يركز عليها نشطاء مثل غريتا ثونبرغ - إلى رسالة أكثر شمولية حول التنوع البيولوجي، فمشكلات التنوع البيولوجي والاحتباس الحراري تتشابك بشكل وثيق؛ لدرجة أنه من الغريب أن تعقد الأمم المتحدة قمتين منفصلتين كل عام لمناقشتهما.
وفي الوقت الحالي، هناك ضرورة سياسية قوية للتركيز على التنوع البيولوجي، ويحظى هذا الموضوع بدعم كبير من الحزبين في الولايات المتحدة. وبينما تميل الجماعات اليمينية إلى رفض أهداف صافي الانبعاثات الصفرية، تبدو أكثر انفتاحاً على حماية الطبيعة.
وفي النهاية، كان الجمهوري (ريتشارد نيكسون) هو أول من أنشأ وكالة حماية البيئة الأمريكية. وبينما يضعف ترامب الآن وكالة حماية البيئة، فقد كان سابقاً من أشد المدافعين عن زراعة الأشجار.
الأمر الرئيسي الثاني هو أن النشطاء البيئيين بحاجة إلى البدء في الحديث أكثر عن التكيف (أي كيفية التعامل مع الصدمات المناخية الحالية)، وكذلك عن التخفيف أي منع حدوثها.
لقد أصبح من الواضح الآن بشكل مأساوي أن معركة الحفاظ على الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية من متوسطات ما قبل الصناعة قد خسرت، لأن دولاً مثل الولايات المتحدة والصين لا تخفض الانبعاثات بالسرعة اللازمة.
وقد اعترف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، هذا الأسبوع قائلاً: «لقد فشلنا في تجنب تجاوز 1.5 درجة مئوية في السنوات القليلة المقبلة»، محذراً من «عواقب وخيمة»، وفي الواقع، توقع بيل غيتس ارتفاعاً لا يقل عن درجتين مئويتين في رسالة مفتوحة.
ويقول مارك كليف، الخبير الاقتصادي البيئي: إن «تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة سيكون أمراً متأصلاً حرفياً في العقد المقبل أو أكثر. لذا، فإن التكيف ضروري». ولم يعر الناشطون والمستثمرون البيئيون حتى الآن اهتماماً يذكر للتكيف مقارنة بالتخفيف. ويعود ذلك جزئياً إلى تأثير ثونبرغ. ولكنه يعكس أيضاً المخاوف من أن الحديث عن التكيف قد يعيد الاحتباس الحراري إلى طبيعته، وبالتالي يخفف الضغط على التحرك.
وهذا أمر مفهوم. ومع ذلك، مع عودة ترامب إلى الرئاسة، هناك حاجة إلى مزيد من الواقعية. ويبدو أن هذا بدأ يتبلور. وستصدر شركة ماكينزي خلال الشهر الجاري أول تقرير رئيسي لها عن استراتيجيات التكيف لتحديد سبب بطء عمليات الطرح، حسبما قالت أوليفيا وايت، كبيرة المحللين.
وتدعو شركة التأمين الأمريكية «أولستيت» وغرفة التجارة الأمريكية إلى مزيد من التكيف للبنية التحتية. وكتبتا في تقرير جديد: «كل دولار لا يستثمر في مواجهة الكوارث اليوم قد يؤدي إلى خسارة تصل إلى 33 دولاراً من النشاط الاقتصادي المستقبلي».
ويحث بيل غيتس الآن النشطاء البيئيين على التركيز بشكل أقل على التحذيرات من نهاية العالم وأكثر على الجهود المبذولة لإنشاء موائل صالحة للعيش، ويشير إلى أنه «في كل مرة تعيد فيها الحكومات البناء بعد كارثة ما، سواء أكانت منازل في لوس أنجلوس أم طرقاً سريعة في دلهي، سيتعين عليها بناء مبانٍ أكثر ذكاءً:
مواد مقاومة للحريق، ورشاشات على الأسطح، وإدارة أفضل للأراضي لمنع انتشار النيران، وبنية تحتية مصممة لتحمل الرياح العاتية والأمطار الغزيرة. ولن يكون ذلك رخيصاً بالتأكيد ولكنه سيكون ممكناً في معظم الحالات».
يثير تحول غيتس رعب بعض النشطاء البيئيين. لكن رواد الأعمال يستجيبون بإطلاق توجهات تكيف عالية التقنية. يمثل تحالف «فلود أكشن» تطوراً في هذا الصدد - وإن كان قائماً على تقنيات إدارة الأراضي القديمة. لذا، دعونا نأمل أن تكون الأراضي الرطبة رائعة بالفعل. لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نتجه نحو المزيد من المآسي.
لكن لم يعد الأمر كذلك، ففي الأسبوع المقبل، ستحث مجموعة بريطانية عامة وخاصة تدعى «تحالف مكافحة الفيضانات» المستثمرين على تمويل بنية تحتية بقيمة مليار جنيه استرليني لتعزيز المرونة الطبيعية.
وتقود الحملة كل من مجموعة التأمين «أفيفا»، وشبكة «ذا كوندويت»، وهي شبكة غير ربحية تضم ثلاثين شركة مثل «يو بي إس»، و«كراون إستيت»، و«أنجليان ووتر».
وتعد الأراضي الرطبة محورية في هذه الحملة، إذ إن توسيعها قد يعني تحويل المياه الزائدة عن المناطق السكنية. وهذا أمر في غاية الأهمية، إذ تشير تقديرات العلماء إلى أن خطر الفيضانات أصبح شديداً للغاية في المملكة المتحدة، بسبب تغير المناخ وسوء التخطيط، لدرجة أنه يهدد 8 ملايين أسرة، ويكلف 6 مليارات جنيه استرليني سنوياً.
كذلك، في أوروبا القارية: تتسبب أحداث الطقس، مثل الفيضانات المفاجئة التي أودت بحياة أكثر من 230 شخصاً في إسبانيا قبل عام، في تكاليف سنوية تبلغ 40 مليار يورو، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل عقد من الزمان، وذلك وفقاً لمنظمة «فلود أكشن».
وفي الولايات المتحدة، يواجه ربع المنازل تهديدات جوية، معظمها من الفيضانات. وخلال العام الماضي، كلفت الكوارث المناخية نحو 182 مليار دولار.
ولهذا السبب، أصبح بناء مصدات - مثل الأراضي الرطبة - الآن «ضرورة اقتصادية»، حسبما تؤكد منظمة «فلود أكشن». وتشير شركات التأمين إلى أنه من دون تدابير صمود أقوى، قد يصبح من الصعب بشكل متزايد حماية بعض المناطق - أي التأمين عليها أصلاً.
لكن هل ستنجح هذه الحملة؟ الأمر غير واضح، وإن كان من الضروري الترحيب بها ترحيباً حاراً، ليس أقلها لأنها تشير إلى ضرورة حدوث تحولين مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في البرازيل خلال الشهر الجاري، وفي مواجهة هجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المخزية على مبادرات المناخ والعلوم والبيانات.
التحول الأول هو أن الحركة الخضراء بحاجة إلى توسيع نطاق تركيزها إلى ما هو أبعد من قضية انبعاثات الكربون - التي يركز عليها نشطاء مثل غريتا ثونبرغ - إلى رسالة أكثر شمولية حول التنوع البيولوجي، فمشكلات التنوع البيولوجي والاحتباس الحراري تتشابك بشكل وثيق؛ لدرجة أنه من الغريب أن تعقد الأمم المتحدة قمتين منفصلتين كل عام لمناقشتهما.
وفي الوقت الحالي، هناك ضرورة سياسية قوية للتركيز على التنوع البيولوجي، ويحظى هذا الموضوع بدعم كبير من الحزبين في الولايات المتحدة. وبينما تميل الجماعات اليمينية إلى رفض أهداف صافي الانبعاثات الصفرية، تبدو أكثر انفتاحاً على حماية الطبيعة.
وفي النهاية، كان الجمهوري (ريتشارد نيكسون) هو أول من أنشأ وكالة حماية البيئة الأمريكية. وبينما يضعف ترامب الآن وكالة حماية البيئة، فقد كان سابقاً من أشد المدافعين عن زراعة الأشجار.
الأمر الرئيسي الثاني هو أن النشطاء البيئيين بحاجة إلى البدء في الحديث أكثر عن التكيف (أي كيفية التعامل مع الصدمات المناخية الحالية)، وكذلك عن التخفيف أي منع حدوثها.
لقد أصبح من الواضح الآن بشكل مأساوي أن معركة الحفاظ على الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية من متوسطات ما قبل الصناعة قد خسرت، لأن دولاً مثل الولايات المتحدة والصين لا تخفض الانبعاثات بالسرعة اللازمة.
وقد اعترف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، هذا الأسبوع قائلاً: «لقد فشلنا في تجنب تجاوز 1.5 درجة مئوية في السنوات القليلة المقبلة»، محذراً من «عواقب وخيمة»، وفي الواقع، توقع بيل غيتس ارتفاعاً لا يقل عن درجتين مئويتين في رسالة مفتوحة.
ويقول مارك كليف، الخبير الاقتصادي البيئي: إن «تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة سيكون أمراً متأصلاً حرفياً في العقد المقبل أو أكثر. لذا، فإن التكيف ضروري». ولم يعر الناشطون والمستثمرون البيئيون حتى الآن اهتماماً يذكر للتكيف مقارنة بالتخفيف. ويعود ذلك جزئياً إلى تأثير ثونبرغ. ولكنه يعكس أيضاً المخاوف من أن الحديث عن التكيف قد يعيد الاحتباس الحراري إلى طبيعته، وبالتالي يخفف الضغط على التحرك.
وهذا أمر مفهوم. ومع ذلك، مع عودة ترامب إلى الرئاسة، هناك حاجة إلى مزيد من الواقعية. ويبدو أن هذا بدأ يتبلور. وستصدر شركة ماكينزي خلال الشهر الجاري أول تقرير رئيسي لها عن استراتيجيات التكيف لتحديد سبب بطء عمليات الطرح، حسبما قالت أوليفيا وايت، كبيرة المحللين.
وتدعو شركة التأمين الأمريكية «أولستيت» وغرفة التجارة الأمريكية إلى مزيد من التكيف للبنية التحتية. وكتبتا في تقرير جديد: «كل دولار لا يستثمر في مواجهة الكوارث اليوم قد يؤدي إلى خسارة تصل إلى 33 دولاراً من النشاط الاقتصادي المستقبلي».
ويحث بيل غيتس الآن النشطاء البيئيين على التركيز بشكل أقل على التحذيرات من نهاية العالم وأكثر على الجهود المبذولة لإنشاء موائل صالحة للعيش، ويشير إلى أنه «في كل مرة تعيد فيها الحكومات البناء بعد كارثة ما، سواء أكانت منازل في لوس أنجلوس أم طرقاً سريعة في دلهي، سيتعين عليها بناء مبانٍ أكثر ذكاءً:
مواد مقاومة للحريق، ورشاشات على الأسطح، وإدارة أفضل للأراضي لمنع انتشار النيران، وبنية تحتية مصممة لتحمل الرياح العاتية والأمطار الغزيرة. ولن يكون ذلك رخيصاً بالتأكيد ولكنه سيكون ممكناً في معظم الحالات».
يثير تحول غيتس رعب بعض النشطاء البيئيين. لكن رواد الأعمال يستجيبون بإطلاق توجهات تكيف عالية التقنية. يمثل تحالف «فلود أكشن» تطوراً في هذا الصدد - وإن كان قائماً على تقنيات إدارة الأراضي القديمة. لذا، دعونا نأمل أن تكون الأراضي الرطبة رائعة بالفعل. لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نتجه نحو المزيد من المآسي.
نيسان ـ نشر في 2025/11/01 الساعة 00:00