أمواج خفية بحجم ناطحات السحاب.. تهدد العالم بصمت

نيسان ـ نشر في 2025/11/02 الساعة 00:00
كشف علماء من جامعة زيورخ وجامعة واشنطن عن ظاهرة جديدة تسهم بشكل كبير في ذوبان الأنهار الجليدية في غرينلاند، وهي موجات ضخمة تحت الماء، غير مرئية من السطح، تتولد نتيجة انفصال كتل جليدية هائلة وتسهم في تآكل قاعدة الأنهار الجليدية بشكل أسرع مما كان متوقعاً.
يحدث انفصال الجبال الجليدية عندما تنفصل أجزاء كبيرة من حواف الأنهار الجليدية وتسقط في المحيط، ويعتبر هذا الحدث الطبيعي أحد أهم أسباب فقدان الجليد السريع في غرينلاند.
ولأول مرة، استخدم فريق الباحثين تكنولوجيا الألياف البصرية لقياس تأثير هذه الكتل الساقطة على المياه البحرية ومياه ذوبان الجليد تحت سطح البحر، ما أتاح رؤية دقيقة للتفاعلات المائية المعقدة التي تحفز ذوبان الجليد
وأشار أندرياس فيلي، أستاذ الجغرافيا في جامعة زيورخ وأحد مؤلفي الدراسة، إلى أن "المياه الدافئة تزيد من تآكل الجليد عند القاعدة، ما يعزز بدوره انفصال الجليد وفقدان الكتل الجليدية من الصفائح الجليدية".

كجزء من المشروع، وضع العلماء كابل ألياف بصرية بطول 10 كيلومترات على قاع المضيق عند نهر جليدي، وهو نهر جليدي ضخم يطلق نحو 3.6 كيلومترات مكعبة من الجليد في المحيط سنوياً، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف حجم نهر Rhône الجليدي في سويسرا.
واستخدم الباحثون تقنية الاستشعار الصوتي الموزع (DAS) التي تكشف اهتزاز الكابل الناتج عن تحرك الجليد أو تكوّن الشقوق أو تأثير الأمواج البحرية، ما أتاح قياس الموجات المختلفة بعد انفصال كتل الجليد.
ووجد العلماء أن الموجات السطحية الناتجة عن الانفصال الجليدي تخلط الطبقات العليا من المياه، بينما تغوص المياه البحرية الدافئة والأثقل إلى الأسفل. وما كشفته الدراسة لأول مرة هو وجود موجات تحت الماء، يمكن أن يصل ارتفاعها إلى حجم ناطحات السحاب، تستمر في خلط المياه بعد هدوء السطح، مما يجلب تدفقاً مستمراً من المياه الدافئة إلى قاعدة الأنهار الجليدية، ويزيد من معدل الذوبان والتآكل ويحفز المزيد من الانفصال الجليدي.
دومينيك غراف، الباحث الرئيس في الدراسة، أوضح أن "كابل الألياف البصرية سمح لنا بقياس هذا التأثير المضاعف للانفصال الجليدي، وهو ما لم يكن ممكناً من قبل"، مضيفاً أن البيانات ستساعد في توثيق عمليات انفصال الجليد وتحسين فهمنا لفقدان الصفائح الجليدية المتسارع.
ويحذر العلماء من أن صفيحة غرينلاند الجليدية، التي تغطي مساحة تزيد على 40 ضعف مساحة سويسرا، تمثل نظاماً هشاً وحيوياً للأرض. إذ قد يؤدي ذوبانها الكامل إلى رفع مستوى البحار العالمية بما يقارب سبعة أمتار، مع تأثيرات بعيدة المدى على المناخ والنظم البيئية المحلية.
ويشدد غراف على أن "النظام البيئي العالمي يعتمد جزئياً على هذه الصفائح الجليدية، وأي ارتفاع كبير في درجات الحرارة قد يؤدي إلى انهياره".
توضح هذه الدراسة الدور الحاسم للموجات تحت الماء في تسريع ذوبان الأنهار الجليدية، وتفتح آفاقاً جديدة لفهم الديناميكيات البحرية والجليدية في مناطق القطب الشمالي، مؤكدة الحاجة إلى مراقبة دقيقة لهذه الأنظمة الحساسة لمواجهة تداعيات التغير المناخي.
    نيسان ـ نشر في 2025/11/02 الساعة 00:00