سوريا .. من تحت الركام تشرق ينابيع الحياة لتقهر ليالي الدمار
نيسان ـ نشر في 2025/11/03 الساعة 00:00
ابراهيم قبيلات
كل الوجوه التي رأيتها منذ عبور الحدود الأردنية تخفي بداخلها عشرات القصص المؤلمة من ليالي الحرب القاسية، لكنها لم تفقد عزمها على مواجهة دمار الأمس بارادات حية وقلوب نازفة .
لم تكن الرحلة إلى سوريا مجرد زيارة عابرة، بل كانت غوصا في أعماق الاحياء المذبوحة على مدافع براميل النظام السوري السابق.
الزيارة كانت مكتظة بشواهد الدمار لأحياء صارت خالية من أهلها الذين قدموا حياتهم ثمنا لتعيش الاجيال القادمة بسلام وطمأنينة .
في الرحلة رافقني من يحملون في قلوبهم خريطة سوريا الحقيقية، خريطة الكرامة والإنسانية.
كان دليلي الأول الصديق عبد الكريم الفارس "أبو قصي"، السوري الأصيل، الذي رافقنا كما يرافق السيف صاحبه، حاملا بين حنايا روحه حبا لبلده لا يمحى، يشرح بكل شبر مررنا عليه حكاية من حكايا الألم والأمل. وإلى جانبه، كان الصديق محمد قبيلات، يشكل مع "أبو قصي" خليطا من الوفاء العربي؛ فجعلا الرحلة درسا في الإنسانية قبل أن تكون جولة في الجغرافيا.
كلما مررنا من حي في حلب أو دمشق أو حمص يرفع أبو قصي ابهامه بوجه مشهد الدمار، فيروي لنا جروحا في جسد المدينة.
ما إن تطأ قدمك أحياء حلب، حتى يصافح عينيك مشهد مهيب ومؤلم في آن واحد.
إنه الدمار بكل وضوحه القاسي؛ بنايات شامخة تحولت إلى هياكل خرسانية متهالكة، جدران منقورة بندوب الرصاص والقذائف، وشوارع كان يظنها الناظر أنها لن تعود للحياة أبدا.
إنها لوحة سوريالية من الرماد والحديد الملتوي، تروي قصصا من المعاناة يصعب على الكلمات أن تحتويها.
إنه جسد المدينة الجريح الذي يئن تحت ثقل سنوات من الحرب، لكن نبض الحياة لم ينقطع.
صحيح أن العين التي تنظر بعمق، سترى ما هو أعمق من الدمار.
سترى أن الحرب، رغم كل قسوتها، فشلت في أن تصل إلى روح هذه الناس. فمن بين تلك الأنقاض، ومن تحت ذلك الركام، ينبض قلب الشباب والصبايا والأمهات اللواتي لم يعرفن اليأس.
إنها رسالة سوريا واضحة تقول : "هنا نحن ..ولن نخذل أنفسنا ".
في الأزقة، حيث كانت أصوات القذائف تدوي، اليوم أصبحت أصوات الحياة وضجيج الاطفال موسيقى المكان وهويته الجديدة .
رأيت عيون الشباب تحمل حكمة الكبار وصبر أيوب، وشممت في أعماقهم تحديا غريبا وإصرارا على أن يكتبوا فصلا جديدا من تاريخهم بأيديهم.
ما أجمله من مجتمع!
إنه مجتمع قرّر أن ينتصر للحياة. مجتمع تتعانق فيه القروش القليلة لبناء حلم هنا أو هناك، وتتحول فيه المآسي إلى وقود للعطاء.
هم أناس رفضوا أن يكونوا مجرد ضحايا في سجل التاريخ، فاختاروا أن يكونوا أبطالا في ملحمة البناء.
في كل مصافحة، وفي كل كرم نزل عليك كالمطر، وفي كل ابتسامة تشرق من بين الأنقاض، تدرك أنك أمام شعب هزيمة الحرب بعظمته وابتسامته .
الخروج من حمص ليس مغادرة لمكان، بل هو توديع لدرس لن تنساه الروح.
ما أفهمه اليوم ان الدمار قد يهزم الحجارة، لكنه سيعجز عن هزيمة إرادة الإنسان عندما يقرر أن يحيا.
سوريا قالت للعالم أن الحياة، مثل العشب الأخضر، ستجد دائما طريقها للانبثاق من بين شقوق الصخر.
كل الوجوه التي رأيتها منذ عبور الحدود الأردنية تخفي بداخلها عشرات القصص المؤلمة من ليالي الحرب القاسية، لكنها لم تفقد عزمها على مواجهة دمار الأمس بارادات حية وقلوب نازفة .
لم تكن الرحلة إلى سوريا مجرد زيارة عابرة، بل كانت غوصا في أعماق الاحياء المذبوحة على مدافع براميل النظام السوري السابق.
الزيارة كانت مكتظة بشواهد الدمار لأحياء صارت خالية من أهلها الذين قدموا حياتهم ثمنا لتعيش الاجيال القادمة بسلام وطمأنينة .
في الرحلة رافقني من يحملون في قلوبهم خريطة سوريا الحقيقية، خريطة الكرامة والإنسانية.
كان دليلي الأول الصديق عبد الكريم الفارس "أبو قصي"، السوري الأصيل، الذي رافقنا كما يرافق السيف صاحبه، حاملا بين حنايا روحه حبا لبلده لا يمحى، يشرح بكل شبر مررنا عليه حكاية من حكايا الألم والأمل. وإلى جانبه، كان الصديق محمد قبيلات، يشكل مع "أبو قصي" خليطا من الوفاء العربي؛ فجعلا الرحلة درسا في الإنسانية قبل أن تكون جولة في الجغرافيا.
كلما مررنا من حي في حلب أو دمشق أو حمص يرفع أبو قصي ابهامه بوجه مشهد الدمار، فيروي لنا جروحا في جسد المدينة.
ما إن تطأ قدمك أحياء حلب، حتى يصافح عينيك مشهد مهيب ومؤلم في آن واحد.
إنه الدمار بكل وضوحه القاسي؛ بنايات شامخة تحولت إلى هياكل خرسانية متهالكة، جدران منقورة بندوب الرصاص والقذائف، وشوارع كان يظنها الناظر أنها لن تعود للحياة أبدا.
إنها لوحة سوريالية من الرماد والحديد الملتوي، تروي قصصا من المعاناة يصعب على الكلمات أن تحتويها.
إنه جسد المدينة الجريح الذي يئن تحت ثقل سنوات من الحرب، لكن نبض الحياة لم ينقطع.
صحيح أن العين التي تنظر بعمق، سترى ما هو أعمق من الدمار.
سترى أن الحرب، رغم كل قسوتها، فشلت في أن تصل إلى روح هذه الناس. فمن بين تلك الأنقاض، ومن تحت ذلك الركام، ينبض قلب الشباب والصبايا والأمهات اللواتي لم يعرفن اليأس.
إنها رسالة سوريا واضحة تقول : "هنا نحن ..ولن نخذل أنفسنا ".
في الأزقة، حيث كانت أصوات القذائف تدوي، اليوم أصبحت أصوات الحياة وضجيج الاطفال موسيقى المكان وهويته الجديدة .
رأيت عيون الشباب تحمل حكمة الكبار وصبر أيوب، وشممت في أعماقهم تحديا غريبا وإصرارا على أن يكتبوا فصلا جديدا من تاريخهم بأيديهم.
ما أجمله من مجتمع!
إنه مجتمع قرّر أن ينتصر للحياة. مجتمع تتعانق فيه القروش القليلة لبناء حلم هنا أو هناك، وتتحول فيه المآسي إلى وقود للعطاء.
هم أناس رفضوا أن يكونوا مجرد ضحايا في سجل التاريخ، فاختاروا أن يكونوا أبطالا في ملحمة البناء.
في كل مصافحة، وفي كل كرم نزل عليك كالمطر، وفي كل ابتسامة تشرق من بين الأنقاض، تدرك أنك أمام شعب هزيمة الحرب بعظمته وابتسامته .
الخروج من حمص ليس مغادرة لمكان، بل هو توديع لدرس لن تنساه الروح.
ما أفهمه اليوم ان الدمار قد يهزم الحجارة، لكنه سيعجز عن هزيمة إرادة الإنسان عندما يقرر أن يحيا.
سوريا قالت للعالم أن الحياة، مثل العشب الأخضر، ستجد دائما طريقها للانبثاق من بين شقوق الصخر.
نيسان ـ نشر في 2025/11/03 الساعة 00:00