خطة الصهاينة للسيطرة على الإعلام
نيسان ـ نشر في 2025/11/18 الساعة 00:00
لقد ذهب بيبي بعيدًا جدًا، وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم العالمي، والآن سأستعيد كل هذا الدعم. ترامب
في الرابع من تشرين الثاني، وخلال مقابلةٍ مع موقع «أكسيوس»، صرّح الرئيس الأمريكي ترامب بأنّ أحد الأهداف الرئيسة لوقف المجزرة في غزة هو استعادة مكانة «إسرائيل» على الساحة الدولية.
على مدى عامين، انتشرت صورٌ وفيديوهاتٌ مروّعة تُظهر قتل الأطفال والنساء، ومستشفياتٍ تُسوّى بالأرض. حتى وسائل الإعلام الغربية، المعروفة بتأييدها للصهاينة، لم تعد قادرة على الاستمرار في دعم الكيان؛ فبدأت تُخفّف من حدّة لهجتها تحت وطأة الضغط الشعبي، الذي تراجع تأييده للكيان.
أدركت الولايات المتحدة أن الكيان قد هُزِم سياسيًا، وأنّ قاعدتها في المنطقة باتت في خطر. لذلك، كانت التهدئة مطلوبة لدفن المجزرة في رمال غزة وتحسين صورة الغرب المتواطئ في تلك الإبادة.
وُضِعَت خطة لاستعادة سمعة الكيان. نُشرت من بينها أخبارٌ عن اجتماع نتن ياهو مع أهمّ مؤثّري العالم، وتضمنت دفع سبعة آلاف دولارٍ لكل منشورٍ مؤيِّد للكيان، إضافةً إلى نشر مواد تغذي رهابَ الإسلام في الغرب، والتلاعب بخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من بنود الخطة أيضًا شراءُ الصهاينة لوسائل الإعلام عبر وسطاءهم وعملائهم.
هل سمعت يومًا عن لاري إليسون، مؤسس شركة «أوراكل» المتخصصة في قواعد البيانات وأنظمة المؤسسات والحوسبة السحابية؟ في العاشر من أيلول الماضي، أصبح أغنى رجلٍ في العالم ليومٍ واحد، بسبب الارتفاع الكبير في سعر أسهم شركته.
في آب الماضي، أقدم نجله ديفيد، عبر شركته «سكاي دانس ميديا»، على الاستحواذ على مجموعة «باراماونت غلوبال» الإعلامية العملاقة، ليسجَّل بذلك في التاريخ احتكارٌ إعلاميّ غير مسبوق من جهة واحدة؛ إذ أصبحت قنوات CBS، وأفلام باراماونت، وMTV، ونيكلوديون، وغيرها من وسائل الإعلام الإخبارية، والغنائية، والكرتونية التي تخاطب مختلف شرائح المجتمع والفئات العمرية، بيد شخصٍ واحد.
ولم تكتفِ عائلة إليسون بذلك، بل قدّمت عرضًا لشراء شركة «وارنر براذرز ديسكفري»، وهو ما سيضيف إلى محفظتها منصاتٍ كبرى مثل HBO وCNN ووارنر براذرز. وإذا ما نجحت هذه الصفقة، فستصبح أهم وسائل الإعلام في العالم بيد عائلةٍ واحدة.
وإلى جانب ذلك، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ لاري إليسون يعمل على الاستحواذ على منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة، وهي من المنصات القليلة المستقلة التي أزعجت الساسة الأمريكيين، إذ تنشر ملايين المواد المؤيّدة للقضية الفلسطينية والفاضحة لزيف الرواية الصهيونية، وقد أسهمت في تغيير توجهات الشباب بشكلٍ لافت.
لقد أخرجت المجزرةُ التي ارتُكبت في غزة كلَّ كوابيسِ الطبقةِ الحاكمةِ الثريةِ في الولايات المتحدة. فقد رأى الشبابُ الحقيقةَ تتكشّف أمام أعينهم، وأدركوا تورّطَ حكوماتِهم وإعلامِهم في إبادةِ شعبٍ كامل. وتبيّن لهم أن من أوصل نوابَهم إلى البرلمان هم الصهاينة، وأن الضرائب التي يدفعونها تتحوّل إلى أسلحةٍ تُوجَّه لقتل الأطفال، وأن وسائل الإعلام تخدم مصالح الأثرياء الذين يستفيدون من المجزرة عبر تجارة السلاح والمشاريع المشتركة مع جيش الاحتلال.
كما أدركوا أن محاولات تكميم «تيك توك» لم تُجدِ نفعًا، تمامًا كما فشل القمع بالعنف والاعتقالات، واتهام المنتقدين للكيان بمعاداة السامية، وفصل الموظفين من أعمالهم، في إسكات الأصوات الحرة أو إيقاف المدّ الشعبي المتعاطف مع فلسطين.
أصبحت فلسطين رمزًا للحرية، وتحديًا صارخًا للإعلام المنحاز، وللسياسيين الفاسدين، وللأثرياء المستفيدين من الحروب. وإلى جانب هذا الخطر، يبرز خطرٌ آخر لا يقلّ شأنًا، يتمثّل في تراجع السيادة الأمريكية على الساحة الدولية وفقدانها جزءًا كبيرًا من رصيدها بسبب دعمها للمجزرة وتبريرها.
كما بدأ العقد الاجتماعي الذي أبقى الطبقة العاملة في الولايات المتحدة مطيعةً يتهاوى، إذ كان يقوم على «الحلم الأمريكي»، لكن هذه الكذبة بدأت تنكشف؛ فالأجيال الحالية هي أول الأجيال التي ستكون أفقر من آبائها. وهذا الواقع القاسي يثير سؤالًا جوهريًا: كيف لبضعة مليارديرات أن يتحكموا باقتصادٍ يئنّ فيه الملايين جوعًا؟
ومع هذه التهديدات التي بدأت تهزّ عروشهم، قرّر هذا التجمّع الصناعي–العسكري أن الحلّ يكمن في السيطرة على السردية، ومنع تشكّل الوعي من خلال إحكام قبضته على الإعلام، والتحكّم في محتواه، والسيطرة على الخوارزميات التي تحدّد مَن يشاهد، ومتى، وكيف.
لذلك، تم الإيعاز إلى لاري إليسون، أحد أدواتهم، بشراء هذه الوسائل الإعلامية، فهو من أبرز المساندين للصهاينة، وجزءٌ أصيل من الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، تبرّع عام 2017 لجمعية «أصدقاء جيش الاحتلال» بمبلغ 16.6 مليون دولار، ولا يكاد يفوّت مناسبة دون أن يعبّر فيها عن حبه لـ»إسرائيل» وعاطفته العميقة تجاه ما يسميه «شعبها». كما تربطه علاقة شخصية بمجرم الحرب نتن ياهو، إذ استضافه أكثر من مرة في جزيرته في هاواي، وعند افتتاح مركز بيانات «أوراكل» في القدس المحتلة، صرّح قائلًا: إن التزامنا بإسرائيل لا يُضاهى.
لذلك، ومع هذا الاحتكار لوسائل الإعلام، يمكننا أن نتوقّع ألا نرى فقط إعلامًا منحازًا للصهاينة ضدّ الفلسطينيين، بل إعلامًا أكثر خُبثًا ومكرًا، يُصوِّر القضية الفلسطينية على أنها معقّدة إلى حدٍّ يستعصي فهمُه. وسيُغرق الفضاء الإعلامي بالمحتوى المزيّف، حتى يفقد المتلقي القدرة على التمييز بين الغثّ والسمين، بينما تُوجَّه الخوارزميات نحو استنتاجاتٍ محدَّدة، مع الإبقاء على وهم الحرية.
ولن يكتفي بذلك؛ بل سيغذّي الانقسامَ العميقَ الذي نعيشه، ويُذكّي الخلافاتِ الأيديولوجية والمذهبية والطائفية، ويُلهينا عن القضايا المصيرية، ويوجّه غضبَنا نحو أعداءٍ وهميين. والسؤال: ماذا نحن فاعلون؟
في الرابع من تشرين الثاني، وخلال مقابلةٍ مع موقع «أكسيوس»، صرّح الرئيس الأمريكي ترامب بأنّ أحد الأهداف الرئيسة لوقف المجزرة في غزة هو استعادة مكانة «إسرائيل» على الساحة الدولية.
على مدى عامين، انتشرت صورٌ وفيديوهاتٌ مروّعة تُظهر قتل الأطفال والنساء، ومستشفياتٍ تُسوّى بالأرض. حتى وسائل الإعلام الغربية، المعروفة بتأييدها للصهاينة، لم تعد قادرة على الاستمرار في دعم الكيان؛ فبدأت تُخفّف من حدّة لهجتها تحت وطأة الضغط الشعبي، الذي تراجع تأييده للكيان.
أدركت الولايات المتحدة أن الكيان قد هُزِم سياسيًا، وأنّ قاعدتها في المنطقة باتت في خطر. لذلك، كانت التهدئة مطلوبة لدفن المجزرة في رمال غزة وتحسين صورة الغرب المتواطئ في تلك الإبادة.
وُضِعَت خطة لاستعادة سمعة الكيان. نُشرت من بينها أخبارٌ عن اجتماع نتن ياهو مع أهمّ مؤثّري العالم، وتضمنت دفع سبعة آلاف دولارٍ لكل منشورٍ مؤيِّد للكيان، إضافةً إلى نشر مواد تغذي رهابَ الإسلام في الغرب، والتلاعب بخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من بنود الخطة أيضًا شراءُ الصهاينة لوسائل الإعلام عبر وسطاءهم وعملائهم.
هل سمعت يومًا عن لاري إليسون، مؤسس شركة «أوراكل» المتخصصة في قواعد البيانات وأنظمة المؤسسات والحوسبة السحابية؟ في العاشر من أيلول الماضي، أصبح أغنى رجلٍ في العالم ليومٍ واحد، بسبب الارتفاع الكبير في سعر أسهم شركته.
في آب الماضي، أقدم نجله ديفيد، عبر شركته «سكاي دانس ميديا»، على الاستحواذ على مجموعة «باراماونت غلوبال» الإعلامية العملاقة، ليسجَّل بذلك في التاريخ احتكارٌ إعلاميّ غير مسبوق من جهة واحدة؛ إذ أصبحت قنوات CBS، وأفلام باراماونت، وMTV، ونيكلوديون، وغيرها من وسائل الإعلام الإخبارية، والغنائية، والكرتونية التي تخاطب مختلف شرائح المجتمع والفئات العمرية، بيد شخصٍ واحد.
ولم تكتفِ عائلة إليسون بذلك، بل قدّمت عرضًا لشراء شركة «وارنر براذرز ديسكفري»، وهو ما سيضيف إلى محفظتها منصاتٍ كبرى مثل HBO وCNN ووارنر براذرز. وإذا ما نجحت هذه الصفقة، فستصبح أهم وسائل الإعلام في العالم بيد عائلةٍ واحدة.
وإلى جانب ذلك، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ لاري إليسون يعمل على الاستحواذ على منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة، وهي من المنصات القليلة المستقلة التي أزعجت الساسة الأمريكيين، إذ تنشر ملايين المواد المؤيّدة للقضية الفلسطينية والفاضحة لزيف الرواية الصهيونية، وقد أسهمت في تغيير توجهات الشباب بشكلٍ لافت.
لقد أخرجت المجزرةُ التي ارتُكبت في غزة كلَّ كوابيسِ الطبقةِ الحاكمةِ الثريةِ في الولايات المتحدة. فقد رأى الشبابُ الحقيقةَ تتكشّف أمام أعينهم، وأدركوا تورّطَ حكوماتِهم وإعلامِهم في إبادةِ شعبٍ كامل. وتبيّن لهم أن من أوصل نوابَهم إلى البرلمان هم الصهاينة، وأن الضرائب التي يدفعونها تتحوّل إلى أسلحةٍ تُوجَّه لقتل الأطفال، وأن وسائل الإعلام تخدم مصالح الأثرياء الذين يستفيدون من المجزرة عبر تجارة السلاح والمشاريع المشتركة مع جيش الاحتلال.
كما أدركوا أن محاولات تكميم «تيك توك» لم تُجدِ نفعًا، تمامًا كما فشل القمع بالعنف والاعتقالات، واتهام المنتقدين للكيان بمعاداة السامية، وفصل الموظفين من أعمالهم، في إسكات الأصوات الحرة أو إيقاف المدّ الشعبي المتعاطف مع فلسطين.
أصبحت فلسطين رمزًا للحرية، وتحديًا صارخًا للإعلام المنحاز، وللسياسيين الفاسدين، وللأثرياء المستفيدين من الحروب. وإلى جانب هذا الخطر، يبرز خطرٌ آخر لا يقلّ شأنًا، يتمثّل في تراجع السيادة الأمريكية على الساحة الدولية وفقدانها جزءًا كبيرًا من رصيدها بسبب دعمها للمجزرة وتبريرها.
كما بدأ العقد الاجتماعي الذي أبقى الطبقة العاملة في الولايات المتحدة مطيعةً يتهاوى، إذ كان يقوم على «الحلم الأمريكي»، لكن هذه الكذبة بدأت تنكشف؛ فالأجيال الحالية هي أول الأجيال التي ستكون أفقر من آبائها. وهذا الواقع القاسي يثير سؤالًا جوهريًا: كيف لبضعة مليارديرات أن يتحكموا باقتصادٍ يئنّ فيه الملايين جوعًا؟
ومع هذه التهديدات التي بدأت تهزّ عروشهم، قرّر هذا التجمّع الصناعي–العسكري أن الحلّ يكمن في السيطرة على السردية، ومنع تشكّل الوعي من خلال إحكام قبضته على الإعلام، والتحكّم في محتواه، والسيطرة على الخوارزميات التي تحدّد مَن يشاهد، ومتى، وكيف.
لذلك، تم الإيعاز إلى لاري إليسون، أحد أدواتهم، بشراء هذه الوسائل الإعلامية، فهو من أبرز المساندين للصهاينة، وجزءٌ أصيل من الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، تبرّع عام 2017 لجمعية «أصدقاء جيش الاحتلال» بمبلغ 16.6 مليون دولار، ولا يكاد يفوّت مناسبة دون أن يعبّر فيها عن حبه لـ»إسرائيل» وعاطفته العميقة تجاه ما يسميه «شعبها». كما تربطه علاقة شخصية بمجرم الحرب نتن ياهو، إذ استضافه أكثر من مرة في جزيرته في هاواي، وعند افتتاح مركز بيانات «أوراكل» في القدس المحتلة، صرّح قائلًا: إن التزامنا بإسرائيل لا يُضاهى.
لذلك، ومع هذا الاحتكار لوسائل الإعلام، يمكننا أن نتوقّع ألا نرى فقط إعلامًا منحازًا للصهاينة ضدّ الفلسطينيين، بل إعلامًا أكثر خُبثًا ومكرًا، يُصوِّر القضية الفلسطينية على أنها معقّدة إلى حدٍّ يستعصي فهمُه. وسيُغرق الفضاء الإعلامي بالمحتوى المزيّف، حتى يفقد المتلقي القدرة على التمييز بين الغثّ والسمين، بينما تُوجَّه الخوارزميات نحو استنتاجاتٍ محدَّدة، مع الإبقاء على وهم الحرية.
ولن يكتفي بذلك؛ بل سيغذّي الانقسامَ العميقَ الذي نعيشه، ويُذكّي الخلافاتِ الأيديولوجية والمذهبية والطائفية، ويُلهينا عن القضايا المصيرية، ويوجّه غضبَنا نحو أعداءٍ وهميين. والسؤال: ماذا نحن فاعلون؟
نيسان ـ نشر في 2025/11/18 الساعة 00:00