لغز في باطن الأرض… ماذا تخفي إفريقيا في أعماقها؟

نيسان ـ نشر في 2025/12/20 الساعة 00:00
كشف علماء الجيوفيزياء عن وجود بنيتين هائلتين مدفونتين في أعماق الأرض تحت القارة الإفريقية والمحيط الهادئ، في اكتشاف يعيد فتح النقاش حول تاريخ تشكّل كوكب الأرض، ويطرح فرضية جريئة مفادها أن هذه التراكيب قد تكون بقايا كوكبٍ قديم اصطدم بالأرض قبل أكثر من 4.5 مليارات سنة.
وتقع هذه التكوينات الضخمة عند الحافة الفاصلة بين وشاح الأرض ولبّها المنصهر، ويبلغ عرض كل واحدة منها آلاف الكيلومترات، ما يجعلها من أكبر البنى المعروفة داخل كوكب الأرض، رغم بقائها مخفية تماما عن الرصد المباشر.
وجرى اكتشاف هذه المناطق لأول مرة عبر تحليل الموجات الزلزالية الناتجة عن الزلازل، حيث لاحظ العلماء أن الموجات تتباطأ بشكل غير معتاد عند مرورها عبر منطقتين محددتين، إحداهما تحت إفريقيا والأخرى تحت المحيط الهادئ.
ويشير هذا التباطؤ إلى أن هذه الكتل تختلف في تركيبها وكثافتها عن الصخور المحيطة في الوشاح الأرضي.
وتُظهر الدراسات أن الكتلة الواقعة تحت إفريقيا، والتي يُشار إليها علميا باسم "توزو"، تمتد من الحد الفاصل بين اللب والوشاح إلى ارتفاع يصل إلى ألف كيلومتر تقريبا، أي ما يعادل ارتفاع عشرات الجبال العملاقة.
وتشير التقديرات إلى أن مجموع حجم هاتين الكتلتين قد يشكل ما بين 3 و9 في المئة من حجم الأرض، وهي نسبة لافتة لبنى لم تُكتشف إلا عبر وسائل غير مباشرة.
وتكتسب هذه الاكتشافات أهمية إضافية مع تنامي فرضية تربط هذه التراكيب بكوكبٍ افتراضي يُعرف باسم "ثيا"، يُعتقد أنه اصطدم بالأرض في بدايات تشكّل النظام الشمسي، في الحدث الذي أدى إلى تكوّن القمر.
ووفق نماذج حاسوبية حديثة، فإن أجزاء من وشاح هذا الكوكب قد تكون نجت من الاصطدام واستقرت في أعماق الأرض، حيث بقيت معزولة لمليارات السنين.
وتدعم هذه الفرضية دراسات نُشرت في دوريات علمية مرموقة، أظهرت أن حدود هذه الكتل حادة وواضحة، ما يرجّح كونها تراكيب كيميائية مستقلة وليست مجرد مناطق أكثر سخونة داخل الوشاح.
ولا يقتصر دور هذه البنى على كونها بقايا جيولوجية قديمة، إذ تشير أبحاث حديثة إلى أنها قد تؤثر في ديناميكيات الأرض الحالية، بما في ذلك نشوء أعمدة الوشاح التي تغذي البراكين في مناطق مثل هاواي وآيسلندا، إضافة إلى دور محتمل في تشكّل الصدوع القارية والنشاط التكتوني في إفريقيا.
ورغم التقدم الكبير في تقنيات التصوير الزلزالي، يؤكد العلماء أن دراسة هذه التكوينات لا تزال تعتمد كليا على النماذج والمحاكاة، في ظل استحالة الوصول الفيزيائي إليها، ومع ذلك، يرى باحثون أن هذه الاكتشافات تمثل خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتاريخ الأرض، وربما تكشف أن كوكبنا يحتفظ في أعماقه بآثار عالمٍ آخر اندثر منذ مليارات السنين.
    نيسان ـ نشر في 2025/12/20 الساعة 00:00