رؤية مغايرة للدوبامين تعيد تعريف مرض باركنسون!

نيسان ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 00:00
كشفت دراسة جديدة قادها باحثون في جامعة مكغيل عن رؤية مغايرة لدور الدوبامين في التحكم بالحركة، ما قد يعيد تعريف الفهم العلمي لمرض باركنسون وآلية عمل علاجه.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الدوبامين لا يعمل كمنظم مباشر لسرعة الحركة أو قوتها - كما كان سائدا لعقود - بل يبدو أنه يهيئ الظروف الأساسية اللازمة لحدوث الحركة نفسها.
وعلق البروفيسور نيكولاس تريتش، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي بجامعة مكغيل، قائلا: "تشير نتائجنا إلى ضرورة إعادة النظر في الدور الحقيقي للدوبامين. قد يكون استعادة مستواه الطبيعي في الدماغ كافيا لتحسين الحركة، ما يبسط فهمنا لآليات علاج باركنسون".
ويعد الدوبامين عنصرا حاسما في "الحيوية الحركية"، وهي القدرة على تنفيذ الحركات بسرعة وقوة. وفي مرض باركنسون، تتدهور الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين تدريجيا، ما يؤدي إلى الأعراض المعروفة: البطء الحركي، الرعشة، واضطرابات التوازن.
ويعد "ليفودوبا" العلاج الأكثر استخداما، حيث يحسن الحركة عبر تعويض نقص الدوبامين. لكن الآلية الدقيقة لفعاليته ظلت غامضة. في السنوات الأخيرة، رصد العلماء باستخدام تقنيات متطورة ارتفاعات حادة وسريعة في مستوى الدوبامين أثناء الحركة، ما دفعهم للاعتقاد بأن هذه القفزات هي التي تتحكم مباشرة في شدة الحركة.
والدراسة الحالية تتحدى هذا التصور جذريا، حيث تقترح النتائج أن الدوبامين لا يعمل كمنظم آني للحركة، بل يلعب دورا تمهيديا أساسيا.
ويوضح تريتش هذه الفكرة بمقارنة مبتكرة: "الدوبامين لا يعمل كمسرع يحدد سرعة كل حركة، بل أشبه بـ'زيت المحرك' في السيارة، فهو ضروري لتشغيل النظام ككل، لكنه ليس الإشارة التي تحدد سرعة الحركة في كل لحظة".
ولاختبار هذه الفرضية، راقب الفريق البحثي نشاط الدماغ لدى فئران مختبرية أثناء قيامها بمهمة ضغط رافعة موزونة. باستخدام تقنية بصرية متطورة، تمكنوا من تشغيل أو إيقاف الخلايا المنتجة للدوبامين بدقة تزامنا مع الحركة.
وكانت الفكرة كالتالي: إذا كانت القفزات السريعة في الدوبامين هي المسؤولة عن قوة الحركة، فإن تعطيلها أثناء الحركة يجب أن يغير أداء الفئران فورا. لكن النتائج كانت مفاجئة، حيث لم يؤثر التعديل الآني لمستويات الدوبامين على سرعة أو قوة الحركة الجارية.
وحين اختبر الباحثون عقار "ليفودوبا"، وجدوا أنه يحسن الحركة عبر رفع المستوى الأساسي العام للدوبامين في الدماغ، وليس من خلال استعادة القفزات السريعة المرتبطة بالحركة.
وتشير الدراسة إلى أن فهم الآلية الحقيقية لعمل عقار "ليفودوبا" يمكن أن يوجه تطوير علاجات مستقبلية تركز على الحفاظ على مستوى ثابت وصحي للدوبامين، بدلا من استهداف الإشارات السريعة والعابرة.
كما تفتح الباب لإعادة تقييم علاجات سابقة مثل "ناهضات مستقبلات الدوبامين"، والتي كانت فعالة لكنها تسببت في آثار جانبية بسبب تأثيرها الواسع على الدماغ. وقد تمكننا هذه الرؤية الجديدة من تصميم أدوية أكثر أمانا تستهدف الآليات الأساسية بدقة أكبر.
المصدر: ساينس ديلي
    نيسان ـ نشر في 2025/12/23 الساعة 00:00