رؤساء بلديات يأخذون بأيدينا نحو غابة منظمة

نيسان ـ نشر في 2025/12/24 الساعة 00:00
ابراهيم قبيلات
رئيس بلدية معيّن يُنجز ما لم يقم به آخر منتخب منذ سنوات. حسبما يروي المهندس ابو العبد لكاتب هذه السطور.
بالمقابل هناك رئيس بلدية معين يغرق في الوهم بعد أن سحب (سلفه الصالح) البساط من تحت أقدامه، عبر تعطيل او تذويب خدمات البلدية في موقد واسع اسمه "أولويات المرحلة"، وذلك لتجهيز الانتخابات المقبلة.
نموذجان لقصة مشهد عام قاتم، بنيناه منذ عشرات السنين على قاعدة ثقافية وسياسية واجتماعية عامة نشأنا عليها، فأنبتَت لنا الخراب ثم الخراب .
في مجتمع يعاني من اختلالات عميقة، لا الديمقراطية ستجدي نفعاً، ولا "التعيين" سيصبح حلاً. هذا لا يعني، كما يريد البعض، أن نستنتج أننا لا نصلح للديمقراطية. لكننا نُوشِك – نحن والعالم – أن نتحول إلى غابة منظمة، أو ربما فوضى منظمة. غابة يضبط قواعدها (الحالة الذنائبية)، التي تعتاش على النميمة الاجتماعية، وتسير عربة مصالحها فوق عجلات الخدمة العامة .
ما يدعوني إلى الرعب أكثر أننا – نحن وعالم اليوم – نمضي بلا هدف نحو اللا طريق، تحفه ظلمة تطارد فيها كل شمعة. في معنى لا يعني أي شيء.
وما يدعوني إلى الرعب أكثر أننا منذ سنوات ندير شؤوننا الاستراتيجية بعين إدارة الأزمة الآنية، عبر حرق الوقت، عسى أن يكون القادم "أجمل".
ثم إنه يزداد بشاعة. كلما مضى فينا قطار الوقت، رأينا من نوافذه ما يشيب له الرأس.
اسمحوا لي أن أفتح قوسا وأوسع الدائرة، وأن أذهب بعيداً عنا إلى خارج الحدود.
فما يجري لنا وفينا لا ينطبق علينا فقط. العالم كله في فوضى مركبة، وكأننا في العقد الأول من القرن العشرين، وقبل سنوات قليلة من حرب عالمية طاحنة. هدفها التأسيس لمنظومة بشرية جديدة، بعد أن اكتشفنا أن الطبق الذي قدمه لنا الرجل الأوروبي الأبيض لمعنى "الحضارة" انتهى بنا إلى الخراب، لنا وللعالم بأسره.
سابقا قلنا لقتيبة: "لا تهاجر يا قتيبة". أما اليوم، فحتى لو نصحناه بالهجرة فإلى أين؟ إننا بذلك نخدعه. إلى أين يذهب؟ إلى بريطانيا ومعها أوروبا، التي تزداد فيها العنصرية حتى توشك أن تحتلّها، في لعنة أول ضحاياها الديمقراطية نفسها، في جحيم يوقد بثقافة سريعة الاشتعال؟ إلى أوروبا التي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة؟ أم إلى الولايات المتحدة التي يطبخها أصحابها على موقد الجحيم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؟
أين يذهب قتيبة؟ وقد انطبقت الأبواب الخارجية كلها عليه، حتى لو بدت له أنها مفتوحة.
ليس هذا المشهد القاتم ما يحكي كل القصة. إذا أردتم، فطالعوا ما يجري من تفاصيل في الدول العربية المركزية.
أعمى من لا يرى أن ما يجري فيها إنما هو تجهيزات لاستحضار شياطين الطحن: حرائق تأكل كل شيء.
    نيسان ـ نشر في 2025/12/24 الساعة 00:00