ما لم يقله الملك .. هنا الحقيقة
نيسان ـ نشر في 2025/12/25 الساعة 00:00
فنّد التقرير الذي نشره الزميل محمد الرواشدة في صحيفة الشرق الأوسط، بمهنية رفيعة، ما نسبته وسيلة إعلام غربية من أقوال "مختلقة" على لسان جلالة الملك بشأن سيناريوهات ما بعد صدام حسين في العراق، وما ذكرته بخصوص عودة الحكم الهاشمي، ليتبين من تقرير الزميل الرواشدة وتصريحات المسؤول الأردني أن ما نسبته التسريبات من أقوال على لسان الملك هي في الحقيقة مجرد تقديرات من طرف الجانب البريطاني لما يتوقع أن يطرحه الملك في اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الحين، توني بلير.
كل من يتابع عن كثب نهج الأردن ومقاربات الملك عبدالله الثاني منذ توليه الحكم، سيدرك وبسهولة أن طموحاته لا تتجاوز حدود المملكة الأردنية الهاشمية.
عديد المحطات لأكثر من عقدين ماضيين تمنحنا الفرصة للتثبت من هذه الحقيقة. قبل الغزو الأميركي البريطاني الكارثي للعراق وما تلاه من سنوات الفوضى والإرهاب، كان سيناريو الحكم الهاشمي واحدا من السيناريوهات التي روجت لها مراكز ووسائل إعلام غربية، ودعمها تيار سياسي عراقي كان ينشط بشكل علني في ذلك الوقت، دون أدنى اهتمام أو دعم من طرف الأردن.
وفي وقت لاحق، روجت مراكز أجنبية مدعومة من حكومات لسيناريو سيطرة الأردن على المناطق الغربية من العراق، واستغلال حالة الانهيار الأمني والسياسي في البلد الشقيق لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية، وانتشر على نحو واسع مصطلح "الأردن الكبير" كتعبير عن توسع حدود الأردن شرقا.
اتخذ الملك عبدالله موقفا حاسما ومبكرا من هذه الطروحات، حتى عندما عاد البعض لترويجها في الحالة السورية، ورد بشكل واضح وصريح أننا لا نطمح سوى بالأردن بحدوده القائمة؛ لا كبيرا ولا صغيرا.
وفي وقت مبكر من استلامه مقاليد الحكم، طوى الملك عبدالله الثاني الجدل الذي لازم العلاقات الأردنية الفلسطينية، عندما أعلن بوضوح تام، وفي أكثر من مناسبة، أن لا طموح للأردن لحكم الضفة الغربية، ولا لاتحاد فدرالي أو كونفدرالي مع الأشقاء.
وأن كل ما يريده الأردن في عهد المملكة الرابعة، دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، على خطوط الرابع من حزيران. لم يتزحزح عن هذا الموقف طوال ربع قرن، رغم عديد العروض المغرية التي حطت على مكتبه.
في أزمات دول الجوار، وقف الملك على نفس المبدأ. بدا ذلك جليا في الأزمة التي عصفت بسورية، ودفعت بدول قريبة وبعيدة إلى التدخل العسكري المباشر في الأزمة واقتسام مناطق النفوذ والسيطرة. ظل الأردن ثابتا على حدوده، وقال جلالته مرارا: لن تطأ قدم جندي أردني أرض سورية، وهذا ما كان. كان هذا الحال مع العراق من قبل.
وفي الأزمتين؛ العراقية والسورية، وقف الأردن مع إجماع الشعبين، وخيارهما الحر في تقرير المصير والمستقبل. ويمكن للمراقبين أن يراجعوا ما حصل مؤخرا في أزمة السويداء الملاصقة لحدودنا وموقف الأردن الرافض للتعامل مع كيان انفصالي هناك.
والموقف من احتلال العراق لم يكن رماديا على الإطلاق. أذكر أنه وقبل الغزو بأسابيع قليلة، اجتمع الملك بعشرات الصحفيين في الديوان الملكي بعد زيارة لواشنطن، وصارحنا بأن الولايات المتحدة حسمت أمرها في شن الحرب واحتلال العراق، ولم يعد هناك مجال لرد هذا الخيار، رغم ما بذل من جهود لإقناع الجانب الأميركي بعواقبها الوخيمة على المنطقة.
كان حاسما في معارضته للحرب، لكنه كان صريحا كعادته في القول: إن أحدا في العالم لم يعد قادرا على ثني إدارة بوش عن هذه المغامرة العسكرية، التي تبدت مأساة كبرى، وكان بلير "صاحب المحاضر" المسربة، من أبرز مدبريها.
هذه هي مواقف الملك الحقيقية.
"الغد"
كل من يتابع عن كثب نهج الأردن ومقاربات الملك عبدالله الثاني منذ توليه الحكم، سيدرك وبسهولة أن طموحاته لا تتجاوز حدود المملكة الأردنية الهاشمية.
عديد المحطات لأكثر من عقدين ماضيين تمنحنا الفرصة للتثبت من هذه الحقيقة. قبل الغزو الأميركي البريطاني الكارثي للعراق وما تلاه من سنوات الفوضى والإرهاب، كان سيناريو الحكم الهاشمي واحدا من السيناريوهات التي روجت لها مراكز ووسائل إعلام غربية، ودعمها تيار سياسي عراقي كان ينشط بشكل علني في ذلك الوقت، دون أدنى اهتمام أو دعم من طرف الأردن.
وفي وقت لاحق، روجت مراكز أجنبية مدعومة من حكومات لسيناريو سيطرة الأردن على المناطق الغربية من العراق، واستغلال حالة الانهيار الأمني والسياسي في البلد الشقيق لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية، وانتشر على نحو واسع مصطلح "الأردن الكبير" كتعبير عن توسع حدود الأردن شرقا.
اتخذ الملك عبدالله موقفا حاسما ومبكرا من هذه الطروحات، حتى عندما عاد البعض لترويجها في الحالة السورية، ورد بشكل واضح وصريح أننا لا نطمح سوى بالأردن بحدوده القائمة؛ لا كبيرا ولا صغيرا.
وفي وقت مبكر من استلامه مقاليد الحكم، طوى الملك عبدالله الثاني الجدل الذي لازم العلاقات الأردنية الفلسطينية، عندما أعلن بوضوح تام، وفي أكثر من مناسبة، أن لا طموح للأردن لحكم الضفة الغربية، ولا لاتحاد فدرالي أو كونفدرالي مع الأشقاء.
وأن كل ما يريده الأردن في عهد المملكة الرابعة، دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، على خطوط الرابع من حزيران. لم يتزحزح عن هذا الموقف طوال ربع قرن، رغم عديد العروض المغرية التي حطت على مكتبه.
في أزمات دول الجوار، وقف الملك على نفس المبدأ. بدا ذلك جليا في الأزمة التي عصفت بسورية، ودفعت بدول قريبة وبعيدة إلى التدخل العسكري المباشر في الأزمة واقتسام مناطق النفوذ والسيطرة. ظل الأردن ثابتا على حدوده، وقال جلالته مرارا: لن تطأ قدم جندي أردني أرض سورية، وهذا ما كان. كان هذا الحال مع العراق من قبل.
وفي الأزمتين؛ العراقية والسورية، وقف الأردن مع إجماع الشعبين، وخيارهما الحر في تقرير المصير والمستقبل. ويمكن للمراقبين أن يراجعوا ما حصل مؤخرا في أزمة السويداء الملاصقة لحدودنا وموقف الأردن الرافض للتعامل مع كيان انفصالي هناك.
والموقف من احتلال العراق لم يكن رماديا على الإطلاق. أذكر أنه وقبل الغزو بأسابيع قليلة، اجتمع الملك بعشرات الصحفيين في الديوان الملكي بعد زيارة لواشنطن، وصارحنا بأن الولايات المتحدة حسمت أمرها في شن الحرب واحتلال العراق، ولم يعد هناك مجال لرد هذا الخيار، رغم ما بذل من جهود لإقناع الجانب الأميركي بعواقبها الوخيمة على المنطقة.
كان حاسما في معارضته للحرب، لكنه كان صريحا كعادته في القول: إن أحدا في العالم لم يعد قادرا على ثني إدارة بوش عن هذه المغامرة العسكرية، التي تبدت مأساة كبرى، وكان بلير "صاحب المحاضر" المسربة، من أبرز مدبريها.
هذه هي مواقف الملك الحقيقية.
"الغد"
نيسان ـ نشر في 2025/12/25 الساعة 00:00