جردة عام… حين نكتشف أننا أخفينا قلوبنا أكثر مما عشناها

د. هيفاء ابوغزالة
نيسان ـ نشر في 2025/12/28 الساعة 00:00
نصل إلى نهاية العام لا لأننا أنجزناه، بل لأن الوقت قرر أن يمضي وحده.
2025 لم يطرق الباب، ولم يستأذن.
دخل… وخرج… ونحن ما زلنا نرتب نياتنا.
في هذه اللحظة الفاصلة بين عام يذهب وعام يأتي، لا نحتاج كثير حسابات، بل وقفة صادقة نسأل فيها أنفسنا:
هل عشنا؟ أم مررنا فقط؟
نكتشف – متأخرين قليلًا – أننا أتقنّا حفظ الأشياء، أكثر من استخدامها.
حفظنا الكلمات الجميلة في صدورنا،
والامتنان في الحلق،
والمحبة في القلوب المغلقة بإحكام.
لماذا لا نخبر أولادنا كم نحبهم؟
ولماذا لا نخبر أصدقاءنا أن وجودهم فارق؟
لماذا نؤجل هذه الجمل البسيطة كأنها تحتاج مناسبة رسمية؟
ثم نصل إلى أقرب العلاقات…
علاقة الزوجين.
العلاقة التي يُفترض أن تكون المأوى، فإذا بها أحيانًا تتحول إلى ساحة حسابات.
كم من أيام ضاعت في العتاب؟
وكم من ليالٍ أُهدرت في الخناق؟
وكأن العمر طويل بما يكفي لنقضيه في الصمت الثقيل، أو في إثبات من كان على حق.
الحياة قصيرة… قصيرة جدًا…
أقصر من أن نقضيها نعدّ الزلات،
أقصر من أن نؤجل كلمة طيبة لأن “النقاش لم ينتهِ بعد”.
الأسف ليس ضعفًا.
الاعتذار عن موقف مزعج في العلاقة ليس هزيمة.
هو أعلى درجات القوة، لأنه يحمي ما هو أهم من الكبرياء:
يحمي الودّ.
راجعوا كلماتكم.
الكلمة قد تجرح أكثر من الفعل،
وقد تُرمّم أكثر مما نفعل.
ولا تقولوا “غدًا”.
الغد بعلم الله تعالى.
ولا أحد يملك وعد تأجيل المشاعر.
نحن نضع مشاعرنا في ثلاجة الحياة،
تمامًا كما نضع طقم الشاي الجديد في الخزانة:
“للاستخدام لاحقًا”…
“لمناسبة خاصة”.
ثم نمضي.
ويبقى الطقم جديدًا،
وتبقى المشاعر محفوظة،
ويبقى السؤال معلّقًا:
لماذا لم تُستعمل؟
2026 لا يطلب منا خططًا أعقد،
بل قلوبًا أخف.
أزواجًا يتصافحون قبل أن يناموا،
ويتسامحون قبل أن تتراكم الأيام.
الحياة لا تحتاج طقوسًا كبيرة،
تحتاج فقط أن نقول ما نشعر به حين نشعر به.
أن نُخرج المحبة من الثلاجة،
ونملأ براميل السعادة بالودّ، والاعتذار، والضحك الصادق.
فلنستخدم طقم الشاي اليوم.
ولنقل “أحبك” اليوم.
ولنعتذر اليوم.
ليس لأن العام انتهى…
بل لأن الحياة قصيرة،
ولا تنتظر أحدًا.
    نيسان ـ نشر في 2025/12/28 الساعة 00:00