العَليقة عند الغارة ما تنفع

0
نيسان ـ نشر في 2025/12/31 الساعة 00:00
لم يكن المنخفض الجوي مفاجئًا، ولم تأتِ السماء على حين غِرّة، فالنشرات سبقت الحدث، والتحذيرات كانت واضحة، لكن المفاجأة الحقيقية كانت في هشاشة الاستعداد، وضعف الجاهزية، وكأننا لا نتحرك إلا حين تقع الغارة، ولا نبحث عن العَليقة إلا بعد فوات الأوان.
جرفت السيول طرقًا، وغرقت أحياء، وتوقفت خدمات، وكُشف المستور عن بنية تحتية تتهاوى مع أول اختبار جدي. ثم، كالمعتاد، حضرت الحكومة بعد الكارثة: زيارات ميدانية، تصريحات مطمئنة، ووعود تُقال تحت المطر، لكنها غالبًا ما تتبخر مع أول شمس.
المشكلة ليست في الزيارة بحد ذاتها، بل في توقيتها. فالإدارة الرشيدة تُقاس بما تمنع حدوثه، لا بما تشرحه بعد وقوعه. وما نحتاجه ليس صورًا أمام الكاميرات، بل خططًا تُنفَّذ قبل أن تمتلئ الشوارع بالمياه، وبنى تحتية تُصمَّم لتصمد، لا لتنهار، ومسؤولية تُمارَس طوال العام لا في موسم الأزمات فقط.
المنخفض الجوي لم يفضح قسوة الطقس بقدر ما كشف ضعف التخطيط، وغياب الصيانة، وتراكم الإهمال. فالأودية لم تغيّر مساراتها، والأمطار لم تخترع قوانين جديدة، لكن المدن كبرت بلا حساب، والطرق أُنشئت بلا تصريف كافٍ، والملفات رُحِّلت من عام إلى عام حتى انفجرت دفعة واحدة.
العَليقة عند الغارة لا تنفع، وكذلك القرارات المتأخرة، واللجان التي تُشكَّل بعد أن تنتهي العاصفة. ما ينفع حقًا هو الوقاية، والمحاسبة، وربط المسؤولية بالنتائج، لا بالمؤتمرات الصحفية.
أما السؤال الذي يبقى معلّقًا بعد كل منخفض:
هل ستكون هذه الزيارة آخر المشهد، أم أول خطوة حقيقية نحو دولة تستعد قبل أن تُصاب٠
    نيسان ـ نشر في 2025/12/31 الساعة 00:00