ليس قماشا ملونا الحجاب!
نيسان ـ نشر في 2016/01/08 الساعة 00:00
.
هل فعلا كانت نداء شرارة أجمل الأصوات في برنامج (ذا فويس) لتفوز باللقب، أم أن إدارة البرنامج ومن خلفها رأت في نداء فرصة سانحة لتوسيع قاعدة الزبائن والمستهلكين وصرعة جديدة تدر أرباحا مالية ومعنوية؟
واهم جدا من يظن أن هذه البرامج الأجنبية ولو قدمت بالعربية هي برامج بريئة ولا تهدف إلا للربح المالي والترفيه، نحن اليوم نعيش عصر سلطة الصورة، التي تتحكم بها بوابات الوصول وتحكم الشمال في تدفق الإعلام للجنوب، الإعلام اليوم من أهم الأدوات في تطويع المجتمعات والدول دون الحاجة لشن الحروب وتحريك الجيوش، ومن الأدوات المهمة اليوم في تطويع المجتمعات الإسلامية تغريب/تخريب المناهج المدرسية، وعبر عن هذه الحقيقة الكاتب الأمريكي المشهور توماس فريدمان بقوله: «الحرب الحقيقية هي حرب المدارس، يجب تغيير المناهج لكي يقبل الطلاب سياستنا كما يحبون فطائرنا»، فهل نداء ودعوات تغيير/تطوير/تخريب المناهج تخرج من مشكاة واحدة؟
كم بحت أصوات العلمانيين من الليبراليين واليساريين بالمناداة بالتعددية والتنوع، لكنهم في هذه المرحلة وبعد أن حجزوا لهم مكانة في المجتمع تنجح دوما بالفشل في الانتخابات تحت عناوينها الحقيقية فتلجأ للعناوين العشائرية والمناطقية والدينية، لكنهم اليوم انتقلوا لمرحلة جديدة وهي مرحلة تحديد مواصفات ومقاسات الطرف الآخر المقابل لهم وهو التيار الديني والإسلامي تحديدا، علي طريقة وضع مواصفات المناقصات!
بآي حق أو عقل أو منطق يتدخل من ليس مختصا وليس مخولا وليس مسلما أصلا في وضع معايير الحلال والحرام ومعني الحجاب وهل يتعارض الحجاب مع الغناء وهل الغناء حلال أو حرام؟ من خول هؤلاء الحديث عن الإسلام وأحكامه؟
العجيب أن هؤلاء يطالبونا بقبول الشواذ والملحدين وعبدة الشيطان بحجة الحرية الشخصية والتعددية وحرية الآراء والتنوع، ثم يستديرون لنا نحن غالبية المجتمع المسلم ويبدؤن يلقنوننا الإسلام والدين الذي يمكنهم تحمله وتقبله لنتقيد به ولا نزعجهم، برغم أنهم يشنون حملة هوجاء علي المناهج بحجة أنها مناهج تلقينية، ويبدو أن العلة كما قال توماس ماذا يلقن الطلبة وليس التلقين نفسه هو مشكلة علمانيينا!
طبعا نفي معاني الحجاب والتلاعب بالأحكام الشرعية يتم من خلال قصف مدفعي عنيف بشعارات مزلزلة علي غرار رفض الإقصاء ورفض تقزيم الآخر واحتكار الدين وثقافة خطيرة إلى أخر هذه القذائف الإعلامية والتي تعد نسخة محدثة وحداثية من حقبة الإعلام الشمولي ومحور المقاومة والممانعة!
إن الحجاب عبادة شرعية تلتزم بها المسلمة المؤمنة طاعة لربها وخالقها كما يلتزم المسلم المؤمن بأحكام اللباس، فتجسيد العورات وكشفها محرم علي الرجل والمرأة، والتشبه باللباس للرجال بالنساء محرم وكذلك تشبه النساء بالرجال محرم، ولبس الثياب الملفتة والخارجة عن المألوف للمجتمع من لبس الشهرة المذموم للرجال والنساء، والفرق بين الرجال والنساء في اللباس هو أن حجاب المرأة لا يكشف إلا عن الوجه واليدين بينما لباس الرجل يكشف أكثر.
والحجاب واللباس للمسلم والمسلمة ليس قطعة قماش وانتهي، بل هو سلوك ومنهج حياة يحرص علي غض البصر والعفة والاحترام في التعامل وتجنب الإغراء والإغواء من الطرفين، والذي هو سبب لفتح باب الشر بكل أنواعه.
إن البشرية على اختلاف أديانها ولغاتها وأجناسها وعلي مر العصور تقر وتعترف بحاجتها إلى ضبط العلاقة بين الرجال والنساء، ولم تنجح البشرية في الوصول لحل ناجح لهذه العلاقة تكفل فيه العدل للطرفين وللأبناء وللمجتمع، والواقع غير شاهد فهاهي المرأة العلمانية نالت حريتها المزعومة وخاصة في العلاقات الجنسية فماذا كانت النتيجة سوى أنها حرمت من أهم خصائصها وهي الأمومة! حتى نادى العقلاء منهم محذرين من (موت الغرب).
وأما البلاد الشرقية كالهند والصين فهل وضع المرأة فيه وضع عادل، حين تحرق المرأة مع زوجها الميت!
إن الله عز وجل هو الذي خلق الرجل والمرأة وهو الأعلم بما يصلحهم من اللباس والأخلاق والزواج والطلاق والميراث، ومن أبي وعاند فالباب مفتوح له فليبحث ويأتي لنا بأفضل من أحكام الشريعة الإسلامية وإنا لمنتظرون.
العالم اليوم يمور بالمشاكل بسبب اختلاف العلاقة بين الرجل والمرأة، فالاباحية الجنسية أحدث الأمراض الجنسية المهلكة والمستعصية كالإيدز، وحالات جرائم الاغتصاب والتحرش تستفحل برغم توفر دور الدعارة ونساء المتعة، والتعدي علي الاطفال في ازدياد، ومشاكل الموظفات مع مدرائهم لا تنتهي، وهكذا دوامة كبيرة من الفوضي "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا".
وختاماً نحن لا نقصي أحد حين نعلن إلتزامنا بشرع ربنا بكل فخر وشموخ ولا نشيطن المقصر في التزام الشرع بل نحبه ونحب له الخير فننصحه وندعوا له، أما فرض العلمنة وتحريف الدين علينا قسرا وجبرا فهذا هو الاقصاء والثقافة المرفوضة.
نيسان ـ نشر في 2016/01/08 الساعة 00:00