رقص واستحضار لــ ِ (حفلة نكد) !!

نيسان ـ نشر في 2016/01/09 الساعة 00:00
. ( 1 ) حفلة نكد ! غير النكد الذي يجتاحنا و نصنعه ، أظن ّ الآن أننا في حاجة إلى " حفلة نكد اجتماعيّ " .. حفلة نتشاتم فيها لأسباب تبدو تافهة و يظهر في الأجواء و كأن صراعاً يحدث في الحلبة بين فريقين ، و يظهر هنا في طرف المشهد زعماء وهميّون يديرون دفـّة الجهة التي تصارع هنا ، و يظهر هناك في طرف آخر من المشهد زعماء وهميّون يبدون وكانهم يديرون دفّة النزال لصالح الجهة التي ينتمون إليها أو تنتمي إلى رغباتهم . نريد نزالا ً مكتمل الوعورة و مكتمل الخبث و مكتمل الفظاظة ، نريده حالكا ً تماما ً لكي لا نعرف فيه وجوه المتخاصمين ولكي نكتفي بالفرجة ولا ننحاز إلى جهة دون أخرى . نريد " وقتاً إضافيّاً " مخصـّصا ً للنكد الخالص أو لـــ ِ " خلاصة النكد " ، حيث يظهر المتخاصمون و أنصارهم إمكاناتهم في تلوين " البشاعة " و تشكيل السُباب " و تطويح القيم . نريد نكدا ً من نوع خاص ، كأن نمشي في الشارع فنرى قططاً تشتمنا و جرذانا ً ترفع أذنابها / مفردها ذيل ، و تظهر لنا لا مبالاتها من وجودنا . نريد نكدا ً مصنوعا ً من خلاصة خلاصة خلاصة اللؤم . نريد تشاتما ً لم نعهده من قبل و نريد مسألة تافهة صغيرة نرميها في الشارع ونصنع منها حكاية الحكاية و نفترق معها و نتخاصم و نرمي باللائمة ، بعد مصالحة مزعومة ، على أحوال وظروف و مؤامرات خارجيّة ، أسهمت في تطوير النزاع و في تشكيل حالات التخندق هنا وهناك . نريد نكدا ً بكامل استدارته و وساخته و طغيانه . ... نريد نكدا ً كما نشتهي ، لكنـّي ألمح وجوه صانعي النكد ، المتخاصمين في العلن و الشركاء في السرّ ، ألمحهم يتضاحكون علينا . أريد نكدا ً بطعم الزفت . ( 2 ) لـَـمّا !! لمّا واحد مجنون مثلي بيحكي عن الزمن الجميل و الشوق و الاسترجاع و النوستالجيا المحببة و الحارات و الأغاني المدهشة و الجيران و الشوارع العتيقة و خطابات الزمن الجميل و أيام الراديو الصندوق اللّي كنّا بنسمع من خلاله أغاني أم كلثوم و صباح و توفيق النمري و بنسمع خطابات زعماء الأمـّة في الدكاكين القديمة أو عند بعض العائلات التاريخيّة و كنا بنسمع صوت الشيخ المرحوم عبدالباسط و الشيخ الحصري ، و لمّا كنت بقول إنه صحن الطبيخ كان لذيذاً و بيكفي عشرين شخصاً ، مهما كان نوع الطبيخ و رغيف الخبز بينفع لعائلة و لمّا كانت جارتنا أم القاسم الله يرحمها تنادي علينا نروح نركض و نحكيلها حاضر و لمّا كنا نلاقي حدا أكبر منّا كنا نحكيله عمّو و نبوس يده و نحب أهلنا و نحب الشارع والرصيف و المكان و المدينة و الوطن و الأوطان ... لمّا كنت أحكي عن كل الذاكرة المدهشة في أوقاتنا السابقة و أستذكر .. كانوا يقولون هذا ماجد مش لاقي شغلة و قاعد بيبعبش في الماضي ... و لمـّا بقعد على الرصيف و بمارس دهشتي ، بيقولوا هذا ماجد مشطوب . باختصار : اللي ملوش ماضي لا يمكن يكون عنده مستقبل و اللي بيعرفش الزمن الجميل لا يمكن يعرف معنى الحياة و اللّي ملوش رصيف بيكون بالضرورة عنده مشكلة مع الهواء و بيكون عنده مشكلة مع الشوارع المكتظة . ( 3 ) تعالوا نرقص ! في فنون الرقص ِ ، ثمّة ما يظهر في العلن أو في المسرح ِ ، راقص ٌ يظهر بأناقته أو فوضاه أو ترهّله أو أحيانا ً في دهشته .. وقد يظهر معه " مرقوص ٌ معه " ! ... لكن الخفاء يواري أو يستر " صانع الرقصة و معلّمها أو راسمها " و يختفي في أنحاء كثيرة " مرقوص عليه " . .. الراقص فاعل ظاهر يتكيء على مهارة في الحركة و ربّما يستند إلى تمرينات تلائم الرقصة والقصة / و المرقوص معه طرف ٌ يؤتى به لضرورات اكتمال المشهد . ... صانع الرقصة والمرقوص عليه لا يظهران في اللوحة أو في المسرح ، فغالبا ً ما يروح صانع الرقصة إلى الخفاء ، يصنع و يدبّر و ينزاح إلى ما وراء المشهد . .. و المرقوص عليه قد يكون من بين المتفرّجين ، لكنّه في الأغلب الأعم ّ يضيع في اللعبة من دون أن يدري أن ّ أدوات الصراع تحرّكه . ... أتلوّى لأسباب عديدة ، و قد يشاركني فيها و معها كثيرون ، لكنّي لا أروح إلى الرقص بوصفِه ِ حيلة و مصيدة ! .. أعرف أنّني واحد من بين " أمّة عديدها لا يُحصى " ممّن يصنّفون في خانة المرقوص عليهم ، أعرف ذلك و أحاول أن أنزاح إلى طرف ٍ في المشهد و ألوذ بالصمت حين لا أقدر على " رقص للحياة و لنشيدها الحرّ " . ... العناوين عديدة ، رقص ٌ على / رقص ٌ مع / مرقوص ٌ عليه / مرقوص ٌ معه / معلّم الرقص / صانع الرقصة / المسرح / الكواليس / العازف أو الطبّال / قاطع التذاكر / المتفرّج . ... فأين نحن ؟
    نيسان ـ نشر في 2016/01/09 الساعة 00:00