عن الكتابة والنص ّ ! لـ ماجد شاهين
نيسان ـ نشر في 2016/01/10 الساعة 00:00
( 1 ) حكاية النصّ !
في اللوحة الفنيّة وفي النصّ وفي المقطوعة الموسيقيّة ، ينبغي أن يظل ّ جزء من المشهد فارغا ً ، أن يـُترك هكذا للمتلقـّي وللمشاهد وللقاريء كيما يملأ فراغ المشهد كما يحبّ ويرغب و يرى .
..
اكتمال الحكاية يقطع على المتلقي والقاريء الطريق و يحرمه لذة
و متعة التأمّل والتخيّل .
و النص المكتمل يرميه القاريء بعيدا ً و لا يعدّه جزءاً من مشروعه الذهنيّ .
..
إن أعـْطِيـَت ْ الفُرصة ُ والمساحة ُ للمتلقي وللقاريء لكي يملؤوا الفراغ و يكملوا المشهد ، فسوف تغدو الحكاية مبهجة و تصح حينها فكرة الشراكة !
..
حين تريد ُ لــ ِ نصّك أو لوحتك أو قصّتك ، أن تحمل روح الإدهاش
و تحلّق في وجدان الناس و في مساحات انتباهاتهم ، ينبغي أن تجعل الآخر / المتلقي شريكاً في المشهد .
..
في الكتابة و العمل الفنّي والحوار ، ينبغي أن نتشارك مع القاريء / المتلقّي في تقشير الكلمة والنص والفكرة لكي نراها بوضوح أو يرانا الآخرون بوضوح أو يبحث الآخرون ، في متن النصوص أو من وحيها ، عن أفكار يقشرونها .
( 2 ) رحابة !
حين تضيق ُ صدور محاوريك أو جلسائك من نقد ٍ أو رأي أو حكمة ٍ أو حتى من جملة مفيدة تقولها و ربّما من حرف ٍ " شفيف ٍ " ،لا تحاول ْ أن تدسّ الفكرة في جيوب أذهانهم بـــ ِ " صلف ٍ أو عنف ٍ أو صراخ ٍ أو تلويح " ، لا تحاول أن تفعل كما يفعلون ، بل انج ُ بفكرتك الأثيرة واخرج إلى الهواء و خُـذ ْ منه حصّتك وابحث عن شجرة ٍ باسقة ٍ تنفع لكي تعلّق على عنقها عسل َ حروفك و ذوب وجدانك !
.. لا أسمّيه هروبا ً أن يُغادر المرء إلى الهواء حين يتكدّس في الصورة سوء الظنّ و غلظة القول ، بل سيكون نافعا ً أن يعلّق المرء فكرته النبيلة بعسلها على أغصان شجرة ، ربّما تروق الفكرة المعلّقة هناك لطموح طير أو شوق عصفور و تطيب ويلتذ ّ العصفور بها أو يحملها الطائر إلى " رحابة مُشتهاة " ، فتفيض هناك عطرا ً وحكمة .
( 3 ) بهجة الكتابة !
الذي يحدث ُ و أكثر ، أن ّ :
الرواة لا يكتبون الحكايات بل يقرؤون وجوه الناس في الأرصفة و أسواق البقوليّات ،
و الشعراء يلتقطون ما تنثره عيون النساء حين تلتمع فيها ، في العيون ، صور الأحلام المُشتَهاة ُ ،
و الرسـّامون يتركون لوحاتهم الفارغة في زوايا أسواق الخزف و الفضّة ، فتتبارى نساء مدهشات في الرسم و تصعد في اللوحات أوقات الفرح و حيوات الطيور و الفاكهة !
الذي يحدث ُ ، أنّ لا الراوي ولا الشاعر ولا الرسّام ولا أحد منهم يصنع دهشته ، لا أحد منهم يمكن أن يترك في المساحات بهجة ً من دون أن يرى حيوات تتحرك في عيون الناس و أماكن تعبهم و أماكن عشقهم .
الذي يحدث ، أن البهجة لا يصنعها غير الذين يتركون لأنفسهم فرصا ً للبوح و الترحال و الحركة في الأماكن من غير التفات إلى الوقت .. البهجة يصنعها الذين يفيضون رغبة في البقاء قريبا ً من الصخب الجميل و من الشارع و من حكايات باعة الفستق.
الذي يحدث ، أن ّ الكتابة تعشق رائحة الميرميّة و الجبال والخلاء والأسواق و الوديان و ماء الغيم !
نيسان ـ نشر في 2016/01/10 الساعة 00:00